أدى تجميد منحة التمويل العمومي المخصصة للجمعيات الرياضية التي تنشط ضمن الرابطة المحترفة الأولى والثانية إلى خلق مناخ من التوتر بين الجمعيات الرياضية لكرة القدم و الهياكل الحكومية المشرفة على التمويل . حيث لم تزل الضبابية تحوم حول الأسباب الحقيقية لاتخاذ هذا القرار وصيغة صرف المنحة وشروط الانتفاع بها . و أمام تداخل هذا الموضوع و درءا لكل لبس حاصل فيه، حاولت « التونسية» تبين مختلف جوانبه و الوقوف على أهم تداعياته على الساحة الوطنية الرياضية وفهم السبل الكفيلة بحله في المستقبل . واخترنا في البداية الحديث مع عدد من رؤساء الجمعيات الرياضية الذين أرادوا أن يدلوا بدلوهم ويعبروا عن رأيهم في المسألة وذلك بعد عقدهم لاجتماع في المدة الفارطة تناول هذا الموضوع بالذات. إيقاف نشاط البطولة و الاستقالة جماعيا يعتبر ماهر بن عيسى رئيس جمعية مستقبل المرسى أن الوضع أصبح خطيرا بعد اتخاذ هذا القرار لذلك ارتأى رؤساء الأندية(ماعدا الصفاقسي و الترجي و الإفريقي و النجم ) خلال اجتماعهم الأخير طرح أربعة مطالب وخوض أشكال احتجاجية سلمية أهمها : رفع الشارة الحمراء و الاتفاق على عقد محضر جلسة مع وزارة الشباب و الرياضة بحضور وزارة المالية ورئاسة الحكومة ، ودعوة الأطراف الحكومية إلى الإيفاء بتعهداتها وعدم التنصل من مسؤولياتها، ويضيف محدثنا أنه وقع مد الجمعيات بوثيقة لصرف المنحة العمومية قبل 31 مارس 2015 لكن المفاجأة حصلت عندما طلب منهم البنك توقيع التزام ترجع على أساسه الوزارة هذه المنحة وهو أمر لم يكن معمولا به في السابق. وذكر أنور الحداد رئيس جمعية الملعب التونسي نفس الأمر قائلا إنهم لم يجنوا غير الوعود من سلط الإشراف ، وأنه لدينا التزامات مع اللاعبين و مصاريف تفوق المائة ألف دينار شهريا ، هذا القرار أثر سلبا على مردود اللاعبين الذين لم يأخذوا كامل مستحقاتهم المادية منذ ثلاثة أشهر وخلق لنا مشاكل معهم . و اعتبر الحداد أن هذا الإجراء سيساهم بطريقة مباشرة في الإضرار بالأندية المتواجدة في أسفل الترتيب قبل غيرها وسيعمق جراحها ويجعلها تهوي من رابطة إلى أخرى. وأكد رئيسا كل من جمعية مستقبل المرسى و الملعب التونسي أن نية عدد كبير من رؤساء الأندية تتوجه نحو إيقاف نشاط البطولة في خطوة أولى و من ثمة الاستقالة الجماعية من مهامهم في صورة عدم التوصل إلى قرار و إيجاد حل وسط وذلك أمر لا رجعة فيه، على حد تعبير أنور الحداد . إشكال قانوني ولمعرفة العوامل الحقيقة التي تقف وراء الإشكال الحاصل وجهنا الدفة صوب وزارة الشباب و الرياضة واتصلنا بالصادق التواتي المكلف بالإعلام في الوزارة . وأفادنا التواتي أن وزارة الشباب و الرياضة تساند الجمعيات الرياضية وترغب في دعمها خصوصا مع اقتراب نهاية الموسم الحالي مضيفا « القول الفصل في الموضوع يعود بالنظر إلى وزارة المالية» . ويعتبر التواتي أن الإشكال الحقيقي في الموضوع قانوني بالأساس ويتمثل في التناقض بين المرسوم المنظم للجمعيات الصادر سنة 2011 و الأمر المتعلق بالتمويل العمومي للجمعيات الصادر سنة 2013. «ومع صدور دستور 26 جانفي 2014 أضحى من الواجب الالتزام بما نص عليه من حسن تصرف في المال العام وتطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة ». من وزارة إلى أخرى ونظرا لكون « القول الفصل في الموضوع يعود إلى وزارة المالية» وفق التواتي اتصلنا بحافظ بوترعة المكلف بالإعلام في الوزارة الذي قال لنا إن « دور وزارة المالية في الموضوع استشاري» ورئاسة الحكومة هي المعنية به ، لذلك توجهنا بالسؤال إلى كريم المهدي مدير عام الجمعيات برئاسة الحكومة الذي نفى أي صلة للجمعيات الرياضية برئاسة الحكومة قائلا« الجمعيات الرياضية تخضع لقانون الهياكل الرياضية الصادر سنة 1995 و الذي يعود بالنظر إلى وزارة الشباب و الرياضة» . وأمام هذا التداخل و الانتقال من وزارة إلى أخرى اتصلنا بمكرم شوشان مدير الهياكل الرياضية بوزارة الشباب و الرياضة الذي قدم لنا جملة من المعطيات و المعلومات حول أسباب وقف صرف منحة التمويل العمومي للجمعيات الرياضية التي تنشط بالرابطة المحترفة الأولى و الثانية . تنقيح القرار المشترك بين وزارة المالية ووزارة الشباب و الرياضة ويقول محدثنا إن وزارة الشباب و الرياضة عقدت جلسة أولى مع وزارة المالية بعد مطالبتها في وقت سابق بتنقيح القرار المشترك الصادر سنة 1987 و الذي يضبط آليات تصرف و تدخل صندوق النهوض بالرياضة الذي تصرف منه منح التمويل العمومي للجمعيات . وحسب نص القرار الجديد المنقح فإن الجمعيات الرياضية مطالبة بتقديم تقاريرها المالية للسنة الحالية إلى وزارة المالية بطريقة مفصلة و تحتوي على طرق إنفاق المال العام من أجل مراقبة مسالك صرف المنحة العمومية . ويضيف شوشان الحلول موجودة و الصندوق الوطني للنهوض بالرياضة تم تأجيره ب 17 مليار من المليمات بعنوان سنة 2015 وما على الجمعيات سوى الاستجابة لنص القانون المنقح . وحسب ما قاله لنا شوشان فإنه لم يقع وقف صرف المنحة العمومية بالنسبة للرابطة الثالثة و الرابعة و الجمعيات الرياضية النسائية و الصغرى و تم صرف ما يقدر ب 3 مليارات و 100 ألف دينار كمنحة تمويل عمومي لهذه الرابطات . كان هذا توضيح مدير الهياكل الرياضية بوزارة الشباب و الرياضة ولكن عديد الأسئلة و التوضيحات تبقى مطروحة ومطلوبة حول العوامل التي دفعت بوزارة المالية إلى طلب تنقيح القرار المشترك لسنة 1987 . و ما هو تأثير هذا القرار على وضعية الجمعيات التي تنشط بالرابطتين الأولى و الثانية، خصوصا التي تعاني من مشاكل مالية ؟أسئلة عديدة تبقى عالقة وتنتظر إجابات في المدة القادمة . ويذكر أن وديع الجريء رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم التقى في مارس المنقضي سليم شاكر وزير المالية من أجل إيجاد الحلول الكفيلة بصرف منحة التمويل العمومي للجمعيات.