عاشت الساحة الثقافية والفنية التونسية في 2018 على وقع عدة احداث بقيت في الذاكرة وألقت بظلالها حتى على العالم العربي ولعل ابرزها افتتاح مدينة الثقافة بعد 20 سنة من الإنتظار الى جانب ولادة 4 مهرجانات دولية جديدة وعدة تظاهرات اخرى انطلقت في دوراتها التأسيسية تونس الشروق: نجوى الحيدري لم تمر سنة 2018 في هدوء بل شهدت "فوضى "ثقافية وفنية يراها عدد من متابعي الشأن الثقافي إيجابية في حين هناك من وصفها "بالإنفلات او الإنفجار " الثقافي اذ وعلى غير العادة شهدت هذه السنة بعث اكثر من مهرجان في اطار ما يسمى بأيام قرطاج واصبح لأغلب التعبيرات الفنية مهرجان مستقل يعنى بها . ولعل الحدث الأبرز الذي افتتح به الموسم وقبل ان يتم بعث هذه المهرجانات هو افتتاح مدينة الثقافة وذلك بتاريخ 21 مارس 2018 صرح عظيم يشيد بعد سنوات من الإنتظار اذ تعتبر مدينة الثقافة من المشاريع المعطلة التي تم إقرارها ولكن العديد من المشاكل حالت دون استكمال إنجازها منذ أكثر من 20 عاما تاريخ انطلاق المشروع كفكرة.و لا يمكن ان نتحدث عن هذا الفضاء دون ذكر بعض تفاصيله ومميزاته فهو يمتد على 9 هكتارات منها 7,08 هكتارات مغطاة ويشمل أستوديوهات لإنتاج الموسيقى والمسرح والرقص بالإضافة إلى قاعات عرض وأخرى لحفظ الابداعات الفنية المعاصرة ومكتبة ومحلات تجارية تشمل المطاعم والمقاهي. وتضم المدينة مركبات سينمائية، وقاعات للأنشطة الثقافية وفضاءات تكنولوجية متقدمة بحجم استثمارات تقدر بحوالي 150 مليون دينار. وتحتوي ثلاث مسارح، أحدها للأوبرا يشمل 1800 مقعدا ومسرحا للجهات ب700 مقعد ومسرحا للمبدعين الشبان يضمّ 300 مقعد.ويضم مجمع السينما قاعتين تتسع الأولى 350 مقعدا والثانية 150 مقعدا إضافة إلى مكتبة سينمائية ومركزا وطنيا للسينما والصورة. ويعتلي المدينة برج ارتفاعه حوالي 60 مترا يطل على العاصمة من ايام قرطاج الشعرية الى ايام قرطاج للفن المعاصر و مع افتتاح مدينة الثقافة افتتحت معها شهية بعث المهرجانات وكانت البداية مع ايام قرطاج الشعرية التي انتظمت في الفترة الممتدة بين 22 و31 مارس ثم كان للفن التشكيلي نصيب من خلال بعث ايام قرطاج للفن المعاصر بين 19 و23 سبتمبر بمشاركة 700 عمل تشكيلي و400 فنان ومن بعدها كان لفن العرائس مكان من بين هذه المهرجانات ببعث ايام قرطاج لفن العرائس التي انتظمت بين بين 22 و29 سبتمبر وهو مهرجان مختص في المسرح العرائسي. وبعد الموسيقى والمسرح والسينما والفن التشكيلي قررت وزارة الشؤن الثقافية بعث أيام قرطاج الثقافية للابدع المهجري وانتظمت في الفترة الممتدة بين 13 و19 أكتوبر 2018 بهدف تمكين كل فئات المجتمع التونسي من حقهم الدستوري في الثقافة داخل الوطن وخارجه و تتواصل التظاهرات الثقافية اذ تم اطلاق تظاهرة سنوية جديدة أطلق عليها اسم المعرض الوطني للكتاب التونسي، تمثل محطة ثانية تضاف إلى معرض تونس الدولي للكتاب، وتنتظم في الثلاثي الرابع من كل سنة وانتظمت الدورة التأسيسية بين 19 و28 أكتوبر الماضي. واحتضنت مدينة الثقافة فعاليات جل هذه المهرجانات . تونس عاصمة للثقافة الإسلامية 2019 وفخار سجنان في التراث العالمي وفي اطار الحصاد الثقافي لسنة 2018 ومن ابرز الأحداث التي شهدتها البلاد تسليم وزير الشؤون الثقافية محمد زين العابدين بتاريخ 28 نوفمبر 2018 بالبحرين مشعل تونس عاصمة للثقافة الإسلامية 2019 وذلك خلال موكب رسمي أقيم في مسرح البحرين الوطني وفي إطار برنامج الإيسيسكو لعواصم الثقافة الإسلامية، سيتم الاحتفال سنة 2019 بأربع عواصم للثقافة الإسلامية من بينها تونس ومدينة القدس الشريف عن المنطقة العربية ومدينة بندر سيري بيغاوان عن المنطقة الآسيوية ومدينة بيساو عن المنطقة الإفريقية. شهر نوفمبر من سنة 2018 كان حافلا بالأحداث وبالإضافة الى ادراج تونس من ضمن عواصم الثقافة الاسلامية لسنة 2019 وقع رسميا يوم 29 نوفمبر إدراج ملفّ عنصر المعارف والمهارات المرتبطة بفخار نساء سجنان في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لليونسكو ويعتبر عنصر فخار سجنان أوّل ملف تتقدّم به تونس ويسجل بعد مرور 20 سنة من غياب التسجيل لدى اليونسكو ويمثّل هذا التسجيل خطوة مهمّة نحو إعادة الاعتبار إلى الشأن الإبداعي الحرفي وتثمين إسهاماته في عملية إثراء المشهد الثقافي الوطني وإخراج فخار سجنان من نطاق المحلية إلى العالمية نظرا لما يحمله هذا العنصر من معاجم زخرفية وخصائص تاريخية وفنية واجتماعية واقتصادية متميّزة.كما سيفتح الباب لتسجيل عناصر أخرى من التراث الثقافي التونسي غير المادي التي تزخر به بلادنا سعيا إلى المحافظة على هذا التقليد الاجتماعي.منها "الهريسة" التونسية فيلم يمنع من التصوير وموجة من العري في ايام قرطاج المسرحية من بين الأحداث التي بقيت عالقة في الذهن ايضا منع تصوير فيلم لمهدي البرصاوي من طرف والي قبلي بحجة ان العمل يحمل مشهد إنزال العلم التونسي ورفع علم تنظيم "داعش" الإرهابي. وقد لقي هذا التصرف استنكارا وتنديد امن طرف السينمائيين والمجتمع المدني وكل الأوساط الثقافية والفنية لما فيه من تهديد لحرية التعبير والعودة الى مربع المراقبة والصنصرة .. و على غير العادة خلفت ايام قرطاج المسرحية في دورتها العشرين انتقادات على مستوى مضمون بعض الأعمال ومن ذلك اقدام ممثل سوري على التعرى مباشرة على خشبة المسرح دون سابق إنذار مما اثار ضجة وانتقادات واسعة في تونس وفي العالم العربي وتواصلت موجة العري في الأيام اذ اقدمت ممثلة إسبانية على التعري ايضا في المقابل اثارت ايضا المسرحية البرازيلية (Misanthtrofreak) جدلا بعد أن تعمد الممثل تجسيد مشاهد جنسية (مفاحشة دمية بلاستيكية) فيما تم عرض صور إباحية خلفه مما اضطر الجمهور الى مغادرة القاعة. و ان كانت 2018 زاخرة بالأحداث الثقافية خاصة فيما يتعلق ببعث عدة مهرجانات في نفس الوقت الا ان ذلك لم يخلو من انتقادات خاصة وان بعض هذه التظاهرات مرت مرور الكرام ولم يكن لها وقع على الساحة الثقافية في حين ان الوزارة رصدت لها ميزانيات مهمة وهو ما اعتبره البعض سوء تسيير وتصرف واهدار للمال العام.