تَنبأنا في عدد الأمس بحدوث أزمة كبيرة على خَلفية تعيين «دربي» العاصمة يوم 6 جانفي. وقد صدقت فعلا التوقّعات بما أن رادس غير جاهز لإحتضان هذه القمّة الكروية المُثيرة في الميدان وخارجه. وكانت الجامعة التونسية لكرة القدم قد أصدرت بلاغا غريبا عَجيبا تؤكد من خلاله تثبيت لقاء الأجوار في المَوعد المُتّفق عليه دون التصريح أوحتى التلميح بمسرح «الدربي» المُرتقب خاصّة أن الاشكال الجوهري في هذه القضية يتعلّق بالملعب الذي سيحتضن المباراة لا التاريخ المُعلن عنه. وقد جاء بيان الجامعة لتعميق الأزمة لا من أجل وضع حدّ للجدل العقيم حول هذه القمّة التي ينتظرها الملايين من التونسيين. ومن جانبه أكد الترجي (وهو المُضيف) رفضه التام للّعب بعيدا عن رادس وذلك لإعتبارات تنظيمية بحتة يُمكن أن نختزلها في امتلاكه لحوالي 13 ألف مشترك الشيء الذي يُحتّم عليه استقبال جاره في رادس إيفاءً بالتزاماته مع جماهيره. ومن جهتها، كانت إدارة الحي الوطني الرياضي صريحة وواضحة بما أنها أعلنت عن عدم جاهزية ملعب رادس لإحتضان المُباريات المحلية وحتى الدولية قبل يوم 20 جانفي الجاري وقد قدّم مكتب عادل الزرمديني «نصف الحلّ» لهذا الاشكال وذلك من خلال إجراء لقاء الأجوار يوم 6 جانفي في المنزه على أن لا يتمتّع المُضيف إلا بخمسة آلاف مقعد (نتيجة الوضعية المعروفة للمُدرّجات). هذا المُقترح لم يرق بدوره للترجيين لكثرة المُشتركين الذين لا يقل عددهم عن 13 ألف «مكشّخ» ومن المفروض أن يَنضاف إليهم 12 ألف مُحب من غير المُشتركين هذا طبعا في صورة اللّعب في رادس. كما تعتقد لجنة التنظيم في نادي «باب سويقة» أن نقل «الدربي» من رادس إلى المنزه سيفرز خَسائر مادية للفريق فَضلا عن إلغاء مبدأ التكافؤ في الفرص بما أن لقاء الإياب بين قطبي العاصمة سيدور في ظروف عادية وقد تضطرّ الجهات المعنية إلى منح الافريقي ترخيصا يقضي بإستغلال رادس بطاقة الاستيعاب المُتعامل بها (25 ألف مشجّع). أما الرابطة فإنها «تَتكىء» على القوانين التي تسمح لها بقذف الكرة في ملعب الترجي ليبحث بمفرده عن ميدان يستقبل فيه جاره وإذا تعذّر عليه ذلك فإنه لكلّ حادث حديث. والأمل كلّه أن لا تتكرّر مهزلة المتلوي «المسكين» الذي تلاعب «الولاة» بأعصابه قبل أن يفرض عليه القائمون على الكرة استقبال الترجي في المنزه وبحضور الجماهير الصّفراء والحمراء. وما دُمنا نتحدّث عن «ولاة الأمور» في الكرة التونسية نشير إلى أن الجامعة هي المسؤول الأوّل والأخير عن الفوضى العارمة في تنظيم المباريات التي كان من المفروض أن تُضبط مواعيدها بالثانية وذلك من خلال التنسيق مع كلّ الجهات المتداخلة مثل الجمعيات والسلطات الأمنية والتلفزات النّاقلة والتي من واجبها الدفاع عن مبدأ التقيّد بالتواريخ المُتفّق عليها احتراما لحقوق الجماهير الرياضية وهي للأمانة الضّحية الأكبر في هذه اللّعبة السّخيفة.