حِفاظا على الذاكرة الكروية من الإهمال والنِّسيان ودعما للأقدام التي غدر بها الزّمان وأنهكتها الأمراض، تأسّست الجمعية التونسية لقدماء اللاعبين وسط استبشار كبير خاصّة أن هذا الهيكل سيجمع شمل النُجوم السابقين في مُختلف الجمعيات الرياضية وبمنأى عن الجهويات المَقيتة والانتماءات الضيّقة. وقد كانت الجلسة التأسيسية استثنائية بكلّ المقاييس بما أنها شهدت حضور فيلق من الأسماء الشهيرة والتي قدّمت خدمات جليلة للأندية والمنتخبات التونسية كما هو شأن أحمد المغيربي ومحسن حباشة ونجيب غميض ومختار ذويب ومحسن الجندوبي وعبد الحميد الكنزاري وأحمد بورشادة وبسّام الجريدي والهادي البياري وسمير السليمي وجمال ليمام ورياض البوعزيزي وزياد التلمساني وزياد الجزيري... وغيرهم كثير. الحَدث كان مُميّزا ومُؤثرا بما أن المؤتمر الأول لهذه الجمعية استقطب لاعبين من أجيال وأزمان مُختلفة. كما أن بعض "الكَوارجية" القدامى حضروا تلك "اللّمة" التاريخية رغم تعكّر أوضاعهم الصحية كما هو الحال بالنسبة إلى "سي" أحمد المغيربي وعبد الحميد الكنزاري (شاركا في تلك الجلسة وهما على كرسيين مُتحركين وهذا التصرّف حافل بالدلات الرمزية). كلّ شيء كان يُوحي بأن المُجتمعين على ضفاف البحيرة يوم 5 جوان 2018 تعاهدوا على نفض الغُبار على اللاعبين المَنسيين ومدّ يد المساعدة للمُحتاجين منهم للرعاية المَعنوية والصحية فضلا عن توجيه رسالة قويّة مفادها أن الكرة أنبل وأكبر بكثير من مجرّد التنافس على البطولات والكؤوس. لكن بعد التدشين ووضع حجر الأساس ل"الجمعية التونسية لقدماء لاعبي كرة القدم" اقتفى "القَادة" أثر الساسة وانقسم البيت إلى شقين أحدهما تابع لزياد التلمساني والمختار ذويب والآخر من المُوالين لعبد الكريم بوشوشة ورضا الراجحي. وعلى طريقة "الدار الكبيرة" اتّسعت الشُقوق واتّفق الأخوة الأعداء على فضّ الشراكة ليكون لكلّ واحد منهم جَمعيته طالما أن "العِشرة" أصبحت مستحيلة. أمّا سبب المَعركة فإنه يكمن في تمسّك "حِلف" التلمساني وذويب بأن تكون الجمعية حكرا على اللاعبين الدوليين هذا في الوقت الذي ثارت فيه جماعة بوشوشة والراجحي على هذا الشرط الذي يكرّس من وجهة نظرهم الاقصاء ويُغذّي التفرقة. ومن المعلوم أن الامتياز المتعلّق باللعب على الصعيد الدولي لا يتوفّر في العشرات بل المئات من النجوم السابقة والتي لم تقدر على نيل شرف الذود عن المنتخبات الوطنية لضعف مؤهلاتها الفنية أولأسباب قاهرة وخَارجة عن نطاقها خاصة أن الانتماء ل"النسور" تداخلت فيه العديد من المُعطيات والحسابات من "أيام الغَفلة" إلى عهد معلول والجريء الذي ليس من مصلحته أن "يتكتّل" القدماء في صفّ واحد نتيجة "عُقدته" الأزلية من "الكَوارجية". ولا يَهمّنا طبعا إن كان هذا "الحِلف" أوذاك على صواب لكن ما يعنينا في "قضيّة الحال" يكمن في ضرورة إعلاء صوت الحكمة والعقل لإنهاء الجَدل والعَمل تحت راية جمعية واحدة بدل تَشتيت الصفوف و"تَمزيق" المشروع إلى عدة جمعيات فاقدة للفاعلية والمصداقية. ومن الضروري طبعا أن تكون الأهداف واضحة و"الحُدود" مضبوطة خاصّة في ظلّ القيل والقال بشأن رغبة البعض في توظيف هذه الجمعية لتحقيق مآرب شخصية ومنافع ذاتية. واللّبيب من الإشارة يفهم.