ايداع 9 من عناصرها السجن.. تفكيك شبكة معقدة وخطيرة مختصة في تنظيم عمليات "الحرقة"    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    قبل نهائي رابطة الأبطال..«كولر» يُحذّر من الترجي والأهلي يحشد الجمهور    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    حادث مرور مروع ينهي حياة شاب وفتاة..    حالة الطقس لهذه الليلة..    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    إنتخابات جامعة كرة القدم: إعادة النظر في قائمتي التلمساني وتقيّة    بسبب القمصان.. اتحاد الجزائر يرفض مواجهة نهضة بركان    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    الكشف عن مقترح إسرائيلي جديد لصفقة مع "حماس"    بطولة المانيا : ليفركوزن يتعادل مع شتوتغارت ويحافظ على سجله خاليا من الهزائم    تونس تترأس الجمعية الأفريقية للأمراض الجلدية والتناسلية    المعهد التونسي للقدرة التنافسية: تخصيص الدين لتمويل النمو هو وحده القادر على ضمان استدامة الدين العمومي    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    مشروع المسلخ البلدي العصري بسليانة معطّل ...التفاصيل    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    الكاف: قاعة الكوفيد ملقاة على الطريق    استغلال منظومة المواعيد عن بعد بين مستشفى قبلي ومستشفى الهادي شاكر بصفاقس    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    بطولة مدريد للتنس : الكشف عن موعد مباراة أنس جابر و أوستابينكو    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    جدل حول شراء أضحية العيد..منظمة إرشاد المستهلك توضح    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    كلاسيكو النجم والإفريقي: التشكيلتان المحتملتان    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    وزير السياحة: 80 رحلة بحرية نحو الوجهة التونسية ووفود 220 ألف سائح..    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محسن مرزوق في حديث شامل ل«الشروق»:مطلوب إعادة توحيد وتوسيع العائلة الندائية
نشر في الشروق يوم 02 - 01 - 2019

هو بلا شك أحد أذكى الوجوه السياسية التي أتت بها الثورة حركي وذو حضور وقدرة كبيرة على صياغة المفاهيم. برز ضمن القيادة الأولى لحزب النداء في تشكيلته التاريخية التي فازت بالانتخابات التشريعية والرئاسية حيث لعب دورا ملحوظا وتنقل بين مختلف البلاتوهات الإذاعية والتلفزية ليدعو إلى نصرة حزب الباجي قائد السبسي. لكنه لم يلبث رغم ما تحقق من انتصارات أن ينشق ويؤسس حزبه. إنه محسن مرزوق الذي يبدو اليوم أكثر نضجا وهدوء مما كان عليه قبل خمس سنوات.
لم يفتقد شيئا من طموحه في لعب الأدوار الأولى في الحياة السياسية ويرى أن الأهم اليوم هو توحيد العائلة الديمقراطية الوسطية الوطنية التونسية بزعامة حقيقية تعتمد على التكامل ضمن فريق يتجدّد باستمرار.
إنه محسن مرزوق جديد لمرحلة يراها تفرض أكثر من تحد لم تعرف تونس مثله من قبل. التقيناه في هذا الحوار في مطلع سنة انتخابية يعتبرها حاسمة لتحديد مستقبل العمل السياسي ومستقبل البلاد ككل.
لا وجود شرعيّ لتشكيل حزبي دون صوت مناضليه
سنة 2019 محدّد جوهري لطبيعة الحركة الوطنية ومستقبل تونس
هذه اقتراحاتي لتجاوز الوضع الحالي
سؤال يفرض نفسه: بالنظر إلى ما ميّز مسيرة محسن مرزوق السياسية والدور الكبير الذي لعبه في إنجاح حزب النداء وفي انتخاب الرئيس قائد السبسي 2014، لماذا يبدو حزب المشروع الذي أسسته بعد انشقاقك عن النداء كأنه يراوح مكانه بعد نجاح نسبي في البدايات ولا ينطلق كما كان ينتظره الكثيرون؟
يمكن الإجابة عن هذا السؤال بالاعتماد على عنصرين اثنين. العنصر الأول داخلي وهو أن تشكيل حزب المشروع كان في خضم الصراع داخل حزب نداء تونس وكنا في الحقيقة مكرهين على تشكيل هذا الحزب لأن هدفنا الأصلي كان إصلاح نداء تونس من الداخل فسُلّط علينا العنف وأجبرنا على الخروج.
بقينا في أعين الكثيرين وكأننا امتداد لحزب النداء ولم نقطع معه وهذا إحساس موجود حتى داخل حزب المشروع نفسه فبقي ينظر إلينا كأننا مُجرّد حركة تصحيحية لحزب النداء وليس كتشكيلة سياسية قائمة بذاتها.
وقد يعود ذلك إلى كون خروجنا كان مبكرا وهو ما طرح أسئلة لا تزال قائمة حول هويتنا الحقيقية: هل نحن حزب سلطة أم حزب معارضة ضد السلطة، وما شابه ذلك من أسئلة أخرى لم يقع فيها الحسم النهائي مما تسبّب في إبقائنا ضمن وضع غير واضح وفي منزلة بين المنزلتين.
ووضع المنزلة بين المنزلتين غير مقبول في السياسة سيّما إذا تواصل لمدة طويلة. كما أنّه كان سببا في دخول وخروج عدة وجوه في الحزب ومن الحزب لاعتقادهم أن حزب المشروع بقي في تواصل مع حزب النداء وغير مختلف ولا منفصل عنه.
ولا شكّ أني كرئيس لهذا الحزب أتحمّل المسولية في عدم الحسم في هذه الوضعية.
أما العنصر الخارجي فيتعلق بما تعرض إليه حزب المشروع من ضغوطات ومضايقات والحرب الضروس التي شُنّت ضدنا والتي شاركت فيها السلطة التي ساهمنا في تركيزها سواء في رئاسة الجمهورية أو في رئاسة الحكومة أو في السلط الجهوية، واستعملت في هذه الحرب كل أنواع الأسلحة من إشاعات ومغالطات وكانت ضمن عملية تحطيم ممنهجة، نتج عنها أننا وجدنا أنفسنا في وضع حزب معارضة في بلاد كبلادنا لا تزال المعارضة فيها فاقدة لوسائل العمل والدفاع عن النفس وذلك باعتبار حداثة التجربة الديمقراطية ومن نتائج هذا الواقع كذلك أننا لم نتمكن من التواصل مع السلط الجهوية والمحلية فيما يتعلق بمناضلينا.
وبعد عملية تشكيله وصعوده عاش الحزب مرحلة من الركود وأحيانا من النزول لكننا إذا قارنا قدر الضغوطات والتعطيلات التي سُلّطت علينا بوضعنا اليوم بأحزاب أخرى يمكن القول إننا حققنا إنجازا هاما يتمثل في وجودنا اليوم في قلب العملية السياسية وليس على هامشها.
عديد الأحزاب وليس أقلها المنحدرة من رحم النداء لم تقم إلى اليوم بما هو أساسي في حياة كل تشكيل سياسي، أي عقد مؤتمرها، فلو تذكرنا بنتائج مؤتمر حزب المشروع الذي تم في جويلية 2016؟
حرص حزب المشروع على القيام بمؤتمره لاعتقاده أن لا وجود شرعي لأي تشكيل سياسي دون صوت مناضليه وقد وضع الحزب لنفسه في مؤتمره لشهر جويلية 2016 ثلاثة أهداف استراتيجية يرتكز عليها عمله حتى مؤتمره القادم. وأول هذه الأهداف تقوية هذا المولود الجديد الذي اسمه مشروع تونس ودعمه وتوسيع آفاق عمله ونشاطه.
ثانيا تحمل مسؤولياتنا في الحكم وفي الدولة وفي علاقتنا بالقواعد لأننا نعتبر أنفسنا مسؤولين على ما تم منذ 2014 باعتبار أننا ساهمنا في عملية الوصول إلى السلطة ورغم خروجنا بعد الانشقاق فإن المسؤولية لا تزال في أعين الناس ملقاة على عاتقنا لأنهم لا يزالون يذكّروننا أننا جئنا سنة 2014.
الهدف الثالث يتمثّل في توحيد الحركة الوطنية العصرية لأننا نؤمن أن هذه الحركة هي مستمرة منذ قرنين من الزمن بأجيالها الأربعة: الجيل الأول جيل المصلحين، والجيل الثاني جيل محرري تونس من الاستعمار، والجيل الثالث بناة الدولة الوطنية، والجيل الرابع هو جيل المناضلين من أجل تحسين المشروع التونسي بالحريات وبالعدالة الاجتماعية وأضع في هذا الجيل جانب من النقابيين ومن اليساريين ومن مناضلي الحركة الحقوقية التونسية وكلهم ينتمون إلى نفس الحركة الوطنية ويؤمنون بذات المشروع التونسي.
وحتى وإن وجدت في وقت ما اختلافات بين هذا الجسم والجسم الرئيسي الذي يمثله الدساترة فإن هذه الاختلافات تعلقت بكيفية تطبيق المشروع الوطني لا بالمشروع في حد ذاته. وقد وجد هؤلاء أنفسهم كلهم متحدين حينما واجهوا خيارا خارج المشروع الوطني. حينها أدركوا أنهم يكوّنون عائلة واحدة.
حاليا نحن في مستوى الجيل الخامس من الحركة الوطنية الذي يريد بناء نفسه لمواصلة المشروع الوطني يجب أن يتشكل أن الحركة الوطنية والدستورية ومن الروافد الأخرى اليسارية ولنقابية والديمقراطية واليوم وجب تجاوز فكرة الروافد والتوجه نحو قطب وطني عصري جديد. وأريد أن أؤكد أننا نمد أيدينا لكافة الأطراف في هذا الاتجاه على اعتبار أن سنة 2019 سيكون فيه امتحان جوهريا سيحدد طبيعة الحركة الوطنية العصرية ومستقبل تونس لل20 أو 30 سنة المقبلة.
ولا شك أن حزب المشروع سيكون حاضرا لاجتياز هذا الامتحان؟
حزب المشروع سيكون حاضرا لكننا نفضّل ألا نكون وحيدين بل ضمن قطب كبير، ونحن مستعدون في سبيل تشكيل هذا القطب لكل التنازلات آملين أن كل من يلتحق بنا ستنازل هو أيضا على ما يمكن أن نسميه بالأنانية والانغلاق على الذات (L›égocentisme).
لكن كيف ترى المشهد السياسي الحالي؟
هناك 3 حلقات تشكل هذا المشهد، حلقة الإسلام السياسي الذي تمثله النهضة، وحَلقة ما يمكن أن نسميه بالاحتجاجية بكل أنواعها والتي تضم طيف واسعا مثل الجبهة الشعبية والتيار الديمقراطي وصولا إلى طرف دستوري لا أراه يختلف عما ذكرته سابقا بل وقد يتجاوزهم أحيانا حين إلى الاعتراض على العملية الديقراطية السلمية برمتها مع أن هذا الطرف، وهذه هي المفارقة، يعيش داخل عملية الانتقال الديمقراطي وبفضلها لكنه لا يقبلها.
وهناك الحلقة الثالثة المتكوّنة من الطرف الأكبر متمثلا في التوجه الوطني العصري البورقيبي الوسطي التونسي المعتدل والذي حسب رأيي يضم ٪50 من الناخبين التونسيين الذين قد يزداد عددهم في المرحلة الثانية الانتخابية.
ضمن هذه الحلقة الأخيرة توجد عائلات النداء التي تهيمن فيها فكرة النداء التاريخي وليس النداء الحالي الرسمي وهناك فرق بين هذا وذاك. هذا التوجه يجب توحيده بأي طريقة من الطرق ضمن ائتلاف أو ضمن حزب أو أي شكل آخر ولا يهم هنا الزعيم بقدر ما يهم الفريق.
الفريق هو الذي يجب أن يتزعم لأن عهد الزعماء الملهمين قد ولّى لأنه وفي عصر اليوم عصر الانترنات والفايسبوك لم يعد المواطن يقبل على النص الطويل ولا الخبر الطويل ولا الزعيم طويل العمر وطويل الأمد، وزعامة الفريق تتماشى في جنب آخر مع طبيعة نظامنا السياسي الحالي ثلاثي الرؤوس.
هل أنت مع مراجعة النظام الانتخابي؟
نعم أنا من الداعين إلى نظام رئاسي وديمقراطي طبعا، ولكن في انتظار تغيير هذا النظام لا بد أن نقبل بنظام الرئاسات الثلاث وبالنظام الانتخابي الحالي الذي لن يوفر أغلبية ساحقة بل سيفرض تنوع العائلات السياسية.
ما تسميه أنت بالحلقة أو بالعائلة الوطنية الوسطية ما هي أهم مكوناتها؟
هناك 4 مكونات كبرى للعائلة الوطنية الوسطية: طيف أول يتكون من الذين غادروا الحياة السياسية سنة 2015 محبطين إثر ما شاهدوه من ممارسة للحياة السياسية وفيهم الكثير من الدستوريين الذين جوزوا جزاء سنمار خدموا الدولة الوطنية بإخلاص لنصف قرن ليصبحوا بعد ذلك متهمين بسبب ما ظهر من شعبوية وفوضى سادتا بعد الثورة.
الطيف الثاني يتكون من الذين يوجدون ضمن النداء الرسمي الحالي حيث يوجد بين هؤلاء من هم قادرون على الكارثة التي حلت بالحزب ومنهم خصوصا من يتحمل إعداد المؤتمر غير أنهم وجدوا أنفسهم في فخ لم يكونوا ينتظرونه.
الطيف الثالث يضم عددا من الذين يكونون فريق رئيس الحكومة وهي مجموعات مهمة كان بعضها في النداء والبعض خارجه. أما الطيف الرابع فيتمثل في مشروع تونس.
والسيناريو الأفضل هو أن نجد صيغة توحّد هذه الأطياف الأربعة، مع التوضيح أن الطيف الأول الذي يضم الغاضبين والمحبطين والذين خابت آمالهم، ورغم أهمية عددهم فسوف يلتحقون بباقي الأطراف لو توحدت وتجمعت، ولنا اليوم حوار متقدم مع الفريق الذي حول يوسف الشاهد وهو أيضا فريق متنوع ونحن مستعدون للذهاب معهم بعيدا لكننا لا نغلق الباب أمام التحاق أطراف ندائية أخرى.
نحن لا نبحث عن انضمامات في شكل اصطفاف وإنما الذي يهمنا هو إعادة بعث الفكر الوطني العصري.
ولكن هل ترى أن مؤتمر المعلن لنداء تونس سيكون موعدا هاما في حياة حزب النداء الذي تعتبره النداء الرسمي حسب تعبيرك في سياق تجميع العائلة الوسطية؟
هذا المؤتمر لن يحل المشكلة، لأنه إذا اعتبرنا ما سبق من توصيفنا للعائلة الوسطية ومكوناتها فإن هذا المؤتمر لن يحل مشكلة العائلة بل سيعتني فقط بجزء منها أي بشظية لا تمثل حسب تقديراتنا، إلا ٪10 مما كان يجمع حزب النداء التاريخي.
أي أنك تقوم بمؤتمر يهم ٪10 من النداء التاريخي أقول هذا معتبرا ما قمنا به نحن حزب المشروع فرغم نجاحنا في تنظيم مؤتمر ضخم بشهادة كل الملاحظين فإننا في النهاية لم نقم بغير مؤتمر لشظية من النداء التاريخي ولم نستوعب مجمل الحركة الوطنية العصرية فنجاح أي مؤتمر لتشكيلة من تشكيلات النداء التاريخي ليس في نجاح الشظية بل في تجميع كل الشضايا وكل الزعماء الحاليين ضمن هذه العائلة سيبقون إن لم يسموا لهذه المسؤولية مجرد زعماء لشظايا وهي زعامات مغلوطة لأن الزعامة الحقيقة هي زعامة التوحيد.
وهل تعتقد أن هذا التوحيد ممكن؟
نعم إذا صح العزم لأننا في تونس لسنا تحت أي ضغط ولا في ظروف تاريخية متعالية ضد التوحيد ويمكن أن تحل أخطر المشاكل في أقصر وقت.
وأنا مستعد استعدادا تاما للدخول في أي فريق قادر أن ينجز هذا التوحيد ولا يهمني أن أكون في الصف الثالث أو الرابع من أي تشكيل ينبثق عن هذا التوجيه. ذلك لأني أعتقد أن الزعامة الحقيقية تقوم في النهاية على الكفاءة وعلى مراكمة للتجارب وتقوم على فريق موحد وعلى تقسيم المهام.
تحقيق مشروع هذا التوحيد هو في نظري الطريق الوحيد للابتعاد نهائيا عن مخاطر إعادة إنتاج نفس ذات الفشل الذي مُنينا به بعد 2014.
وكأني الآن وبالنظر إلى يقال عنك من اعتداد كبير بالنفس، ومن «أنا» منتفخة، ومن استعجال في الوصول، أني أمام رجل قد قام بعملية مراجعة ذاتية؟
صحيح راجعت نفسي لكني أريد أن أؤكد الصورة التي قدمتها عني غير ملائمة للواقع ولا تتطابق مع مسيرتي ولكني أعلم أن الانطباع يبقى في الأخير هو الأهم في الحياة السياسية، ولا شك أنني مسؤول عن هذه الصورة الانطباعية. قد يكون ما يقال عني من استعجال (محسن مزروب) سببه اندفاعي وحماستي لكن الوقائع الموضوعية تثبت أنني لم أكن أبدا متسرعا فكلما طُرح عليّ الاختيار بين المهمة الشاقة والمهمة السهلة إلا واخترت المهمة الصعبة. فمثلا اقتُرح عليّ عند تأسيس النداء أعلى المسؤوليات لكنني اخترت أصعبها وأقلها بروزا وهي مسؤولية التكوين وكان بمقدوري وقتئذ أن أطمح إلى مسؤولية أمين عام أو نائب رئيس وأخذت هذه المهمة على صعوبتها لاعتقادي في أهميتها البالغة في ضمان تواصل الحزب. ولما حلت الانتخابات التشريعة اقترح عليّ رئيس الحزب أن أكون رئيس قائمة فرفضت مفضّلا تحمل مسؤولية إدارة الحملة الانتخابية رغم مصاعبها ورغم أن النتيجة لم تكن مضمونة، ثم بعد الحملة الانتخابية كان بإمكاني أن أتولى وزارة سيادة فلم أبد حماسا كبيرا وآثرت مواصلة العمل داخل إدارة الحزب. ثم بعد 6 أو 7 أشهر، وعوض أن أواصل البقاء إلى جانب رئيس الجمهورية متحيّنا كما يفعل البعض الفرصة ل«الانقضاض» على منصب هام فضّلت الخروج.
من يعرفني يعرف أنني لم أدخل إلى السياسة بالخلع وإنّما دخلتها من باب النضال ومنذ الخامسة عشرة من عمري أطردت من كل معاهد الجمهورية ولم أيأس وواصلت العمل والنضال.
فهل يمكن لتجربة سياسية فاقت ال30 سنة أن أُوصف فيها ب«المزروب»؟ فإذا كان هذا صحيحا، فكيف يمكن وصف من لم يتجاوز عمرهم سنتين سياسة وهم يشغلون أعلى المناصب.
ألا تعتقد أن من أسباب الوضع المؤدي إلى حالة التردي التي عرفها حزب النداء تعود إلى عدم تسمية أمينه العام رئيسا للحكومة بعد الفوز بالانتخابات؟
كان ذلك أسلم لو لم يكن حزب النداء يعيش وقتئذ صراع زعامات عميق وخفي لم يفلت منه غير شخص واحد هو السيد محمد الناصر بحكم سنّه وخبرته، وكان الطيب البكوش المؤهل باعتباره أمينا عاما لتحمّل مسؤولية رئاسة الحكومة لكنه كان يواجه اعتراضات كبيرة داخل النداء. والذي ساعد في إبعاد الطيب البكوش عن سباق رئاسة الحكومة هي الحرب المفتعلة التي اشتعلت تحت عنوان التغوّل والتي شاركت في إذكائها أطراف علمانية. وهناك سبب اخر يتمثل في عدم إعداد شخصية ضمن قيادة النداء لتحمل مسؤولية رئاسة الحكومة.
حزب المشروع لا نراه ظاهرا في الجهات؟
هناك مشكل لم نهتد بعد إلى حلّه يتعلق بطريقة التعريف بأنشطتنا والتسويق لها فنحن مثلا قمنا ب400 نشاط بين دورات وندوات وورشات وعلى سبيل المثال في ال3 أشهر الماضية قمنا بالعديد من التظاهرات في أكثر من ولاية منها صفاقس وبنزرت وسوسة حول مواضيع مختلفة سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وفي شهر جانفي الحالي ستكون لنا أنشطة مكثفة من بينها اجتماع إقليمي لولايات الجنوب بصفاقس تحت شعار «الجهات هي الحل» وسنعممه في كل جهات البلاد. والحقيقة أن المشكل يتعلق بتصور الإعلام للعمل السياسي.
فهو لا يراه مع الأسف إلا من زاوية الإثارة والاستثناء ولا يهتم به في حال تطلب منه جهدا وتفكيرا وتنقلا. لكن المسؤولية هي أيضا من جانبنا لأننا لم نهتد بعد لطريقة للتعريف بأنشطتها.
ولكن كيف تفسر النتائج المتواضعة التي حصل عليها مشروع تونس في الانتخابات البلدية رغم كل هذه الأنشطة وهذا التمشي الذي يبدو متكاملا ومتناسقا؟
لأننا اخترنا العمل الجماعي وتقدمنا في دوائر بعيدة عن مراكز الولايات حصلنا على نسبة ٪12. لكن باعتبار هذه الدوائر ذات كثافة سكانية قليلة فقد ظهرت نسبة مشاركتنا على المستوى الوطني ضعيفة وبهذا نكون قد دفعنا فاتوررة محاولة التوحيد ضمن ائتلاف الاتحاد المدني والنتائج كان من الممكن أن تكون أفضل بكثير. ونكون الطرف السياسي الثالث الفائز في الانتخابات لو شارك مشروع تونس في كل الدوائر.
ولكن لنترك البلدية، في مجلس النواب ل165 نائبا لكن لا نرى لكتلك أثر كبير سيما إذا اعتبرنا أن العديد من القوانين تنام في الرفوف وحزبكم يتصف بهذه الحماسية؟
كتلة الحرة لمشروع تونس كانت أكثر الكتل نشاطا وحضورا أضف إلى ذلك أننا اخترنا داخل الحزب وعبر هياكله التعويل على أكبر عدد ممكن من الكفاءات وحثها على التخصص لأننا لا نؤمن بالزعيم الواحد، وإنما بزعامة الفريق ورغم أننا فريق متواضع عدديا فإننا قمنا بعديد المبادرات ولعبنا دورا هاما في قانون المصالحة وقوانين المالية وغيرها والتي مثلت أحداث في الحياة الوطنية.
وأعتقد أنه بالاتفاق الذي تم مع كتلة الائتلاف الوطني ليكون لنا مجموعة سيكون لها حضورا بارزا كما سنواصل البحث عن التواصل والاتفاق مع كتل أخرى حتى تكون لكتلتنا الحيوية الكافية والحاسمة.
صرحت أن اللقاء الأخير مع رئيس الجمهورية، لكان مبادرة إيجابية كيف ترى عمليا إمكانية تجاوز الوضع الحالي والدخول نهائيا في ديناميكية إيجابية؟
أقول ما كان يقوله بيل كلينتون «الاقتصاد ثم الاقتصاد ثم الاقتصاد» لكن مشاكلنا السياسية لا يجب أن تنسينا قضايانا الكبرى وأولها ما يتعلق بسياستنا الخارجية والتي مازلت سياسة خارجية كلاسيكية تكتفي بالتعامل مع الأحداث حسب طرق تقليدية لم تعد تُجد نفعا ولا بد لنا اليوم من رؤية اقتصادية أمام التحديات الاقتصادية الكبرى فأين نحن مثلا من المشروع الصيني «طريق الحرير» الذي وضعت فيه الحكومة الصينية مليارات الدولارات.
وثانيا قضية المحاور وأدعو هنا أن تجمع كل شجاعتها وتعلن نفسها في لحظة مهيبة يشرف عليها البرلمان أنها دولة حياد وأن كل المحاور أصدقاء لنا ولسنا صديق لمحور دون آخر وتحوّل هذا الموقف الحيادي إلى مورد اقتصادي.
ثالثا قضية الطاقة، اليوم ٪40 من ميزانيتنا تلتهمها الطاقة فمتى سنشرع في الاستثمار في الطاقات البديلة.
رابعا حان الوقت للفصل بين المركزية الاقتصادية والسياسية كي تنال بعض الجهات حظها لتتولى تنمية ذاتها حيث ما يكون الإنتاج يكون التحويل.
خامسا، الاستثمار في الثقافة ويجب أن تأخذ الدولة بناصية الثقافة فلا تغير ممكن دون الاستثمار في العنصر الثقافي.
سادسا علاقة المركز بالجهة بما يوفر حرية الاستثمار الكاملة في الجهات. نحن في حاجة إلى رؤية سياسة كاملة متكاملة تستعيد فيها الدولة كامل نفوذها.
هل أنت مع تغيير النظام السياسي؟
نعم والنظام الانتخابي كذلك والذي يمنع تشكيل أغلبية قادرة على حكم البلاد.
أنت مع النظام الرئاسي إذن؟
بكل تأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.