في البرازيل وقع تَشييد ملاعب صديقة للبيئة وبمنأى عن هَاجس الغِشّ الذي يُرافق الصّفقات العُمومية وأشغال المُقاولين الذين عبث بعضهم بعدة منشآت رياضية في الجمهورية التونسية. وفي سنغافورة ظهرت الملاعب العَائمة على سطح البحر. وفي تايوان برزت الميادين التي تَستخدم الطاقة الشمسية أمّا في البرتغال فإنّه وقع تركيز ملعب «براغا» في قلب الجبل وكان منتخبنا قد اكتشف هذه التُحفة الفنية «العَجيبة» أثناء سلسلة الوديات التَحضيرية للمُونديال. ولن نستشهد طبعا بجودة الملاعب الأوروبية ولا المنشآت الخليجية لأنها تتحدث عن نفسها كما حصل مُؤخرا في الكأس العالمية التي رأينا فيها بأمّ أعيننا التطوّر المذهل للبِنية التَحتية في دولة الإمارات. نحن لا نحلم طبعا بإمتلاك مِثل هذه الميادين ذات المُواصفات العَالمية والتّصميمات الاستثنائية ولكنّنا نُطالب بالحدّ الأدنى المطلوب إنقاذا للجمعيات التونسية الهَاوية وحتى «المُحترفة» بما أن فضيحة الملاعب تُهدّد أكبر وأشهر الأندية ب»الهجرة القَسرية». فبعد حمّام الأنف و»البقلاوة» والشبيبة والنادي البنزرتي والمتلوي جاء الدّور على الترجي والافريقي ولاشك في أن أشدّ «السَّوداويين» في تونس ما بعد «الثورة» لم يخطر على باله بأن «دربي» العاصمة بلا مأوى رغم أنه يُعتبر من أقوى وأشرس المواجهات الكروية في الجمهورية وحتى على الصعيدين العربي والقاري وتزداد «المأساة» قتامة في ظل تزامن أزمة الملاعب مع الالتزامات الدولية لسفراء الخضراء. وهذا الاخضرار الذي نتشدّق به صباحا مساءً تَحوّل إلى «بَياض» في ملعب رادس الذي دخل في «فترة نقاهة» لعلّه يُداوي حالة «التصحّر» التي اجتاحت عشب هذه المنشأة الرياضية بعد أن كانت بالأمس القريب مَفخرة حقيقية. ولم يَبق من «درّة المتوسّط» غير الاسم وقد يدخل هذا الملعب لائحة المنشآت الرياضية المُهدّدة بالضياع تماما مثل المنزه الذي رصدت له الدولة أكثر من عشرين مليارا أملا في انتشاله من الاندثار وسط حَسرة الرياضيين والمُحبين الذين عاشوا فيه «أعظم» المَلاحم وشاهدوا على أرضيته أجمل الأهداف في تاريخ الكرة التونسية. وليس بَعيد عن المنزه مازال الغموض يلفّ مُستقبل ملعب الشاذلي زويتن الشاهد بدوره على جزء كبير من تاريخ الكرة في بلد «ديوة» والشتالي وبن عثمان و»عتّوقة»... وغيرهم من العَمالقة الذين مرّوا من هذا «المسرح». ومن المُؤكد أن أزمة الملاعب التي تعيشها الكرة التونسية في الفترة الحالية قد تعرف سيناريوهات خطيرة وقد «تُكره» بعض الجمعيات على التدرب في الساحات العمومية والشوارع وقد تضطرّ الجامعة إلى تسفير جزء من المُباريات إلى الخارج وهو «مشروع» ظهرت فِعلا بوادره الأولى إثر قرار نَقل «السُوبر» التونسي بين الترجي والإفريقي إلى «الدّوحة» القطرية. إنّ المسؤولية مُلقاة أوّلا وأخيرا على الدولة لتُعالج هذه الأزمة بجدية قبل أن تُصبح الجمعيات والمنتخبات بلا ملاعب بفعل إهمال الحكومات المُتعاقبة وتقصير وزارة شؤون الشباب والرياضية في مُتابعة ومُراقبة المُقاولين والمسؤولين المُباشرين عن إنجاز وصِيانة الملاعب التي نخشى أن تُغلق الواحد تلو الآخر لنقرأ بصفة رسمية فاتحة الكتاب على روح الكرة التونسية.