يحيي التونسيون بعد 4 أيام الذكرى الثامنة للثورة، وليس في حصيلة تقييمها لمسارها السياسي سوى غياب الحوار الجدي بشأن الملفات الكبرى، واغراق المشهد السياسي في التجاذبات والمناكفات، وعجز على تحقيق المصالحة الشاملة وفشل اقتصادي واجتماعي جعل الممارسة السياسية لم ترتق الى مقاربات اصلاحية. تونس الشروق:: وهذه الحصيلة السلبية تدفع عموم المواطنين الى الاحباط وفقدان الامل، فهل للطيف السياسي اليوم نفس التقدير والحكم ذاته بأننا نعيش خيبة أمل من الثورة ؟ الأمل قائم كان سقف التحديات والامال من الثورة عاليا كما يرى ذلك عضو المكتب السياسي لحركة النهضة والنائب أحمد المشرقي والذي يعتقد أن مسار الثورة حقق القليل من المنجزات ولم يحقق الكثير، وأن ماتحقق لا يمكن التقليل من شأنه على غرار أهم المكاسب التي تجسدها الحرية بوصفها ابرز اهداف المسارات الثورية في العالم. وشدد المشرقي على أن منجز الحرية مهم لكنه غير كاف وذلك بالنظر الى حجم التحديات والمطالبات بالتنمية و العدالة الاجتماعية والتشغيل مضيفا بأن الطبقة السياسية اضاعت الكثير من الوقت في التجاذبات دون أن تهتدي الى المعالجات الضرورية. وخلص محدثنا الى ضرورة ان تكون سنة 2019، سنة التقييم والاقلاع من جديد حيث ان هذا المعطى في رأيه يبقي على الامل قائما في أن تحقق الثورة بقية اهدافها. ضرورة التقييم المنفصل من جهتها ترى النائبة عبير العبدلي من كتلة الائتلاف الوطني في البرلمان انه لا يمكن اصدار احكام عامة بفشل مسار الثورة دون تقييم كل مجال عن حدة، واعتبرت العبدلي أنه وعلى حساسية الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتأثرهما بالتجاذبات السياسية والمناكفات وحالة عدم الاستقرار التي عرفتها الحكومات المتعاقبة فان العديد من المتكسبات التي تحققت تدفع في رأيها الى الامل بمستقبل أفضل. وعددت العبدلي جملة من المكاسب المهمة التي اعتبرتها علامات صحية رغم كل الهنات والنقائص ومنها التشريعات المهمة التي صادق عليها البرلمان على غرار تجريم العنصرية و القضاء على العنف المسلط على المرأة وكذلك الدور الرقابي الذي تضطلع به مكونات المجتمع المدني اضافة الى دورها التشاركي في الحوكمة المحلية. وخلصت العبدلي الى ان الثورة التونسية لم ترافقها ثورة فكرية وثقافية وأن ما نعيشه من صعوبات هو ضريبة طبيعة لأي مسار انتقال ديمقراطي حيث يبقى الامل مستمرا في مزيد التقدم ودفع عجلة الاستثمار لتحقيق العدالة الاجتماعية والتغلب على الصعاب طالما وأن تونس على سكة المشروع الديمقراطي السليم. الامل لم ينقطع واعتبر القيادي في حزب الوطد الموحد ونائب الجبهة الشعبية ايمن العلوي أن الافاق السياسية التي عبر عنها الشعب التونسي في ثورة 2011 نحو تغيير اوضاعه وافتكاك حرياته والتوق الى منوال تنموي يحقق العدالة الاجتماعية والرفاه للشعب حاولت الحكومات المتعاقبة قبرها ويرى العلوي ان منظومة الحكم محكومة بمنطق اعادة المسار الى ما كانت عليه الاوضاع زمن الاستبداد مستشهدا في ذلك بمحاولات ضرب الحريات و التضييق عليها اضافة الى الامعان في خيارات وصفها بغير الشعبية والتي لا يمكن لها ان تستجيب الى تطلعات الشعب وآماله. ويخلص العلوي إلى أن السياق التاريخي والمنطقي يرفض التسليم الى هذا الواقع ، وما التحركات الاجتماعية والاشكال النضالية المتنوعة في رأيه سوى تعبير مهم عن حالة الأمل المستمرة في تونس أكثر تقدما معتقدا في أن هذا المهمة مطروحة اليوم على القوى الديمقراطية التقدمية. لم تأخذ ابعادها الاصلاحية ومن جهته شدد عضو الكتلة الديمقراطية والنائب من حركة الشعب سالم الابيض على أن تونس تعيش تحولات في المجتمع لم تأخذ ابعادها الاصلاحية الكافية وهو الأمر الذي خلف حالة عدم الرضا. واعتبر الابيض انه لا يمكن إطلاق الحكم القطعي بوجود خيبة أمل من الثورة، موضحا ان الموضوع يتعلق أساسا بالسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الدولة والتي كانت لها انعكاسات اجتماعية وسياسية حادة، وهي مرتبطة في رأيه بالمنوال الاقتصادي الذي بدأ تطبيقه سنة 1995 من خلال توقيع الشراكة مع الاتحاد الأوروبي التي قادت الى تفكك المنشآت الصناعية وتحطيم المؤسسات المصنعة والى تخلي الدولة على النزعة الحمائية على القطاعات الاستراتيجية. على هذه الشاكلة تحول الاقتصاد وفق الابيض من اقتصاد منتج الى اقتصاد استهلاك ادى الى هيمنة المضاربين ورافقه استثمار هش بما دفع الى الانفجار الاجتماعي الحتمي سنة 2011، مضيفا بان الطبقة السياسية الصاعدة بعد الثورة لم تقدر على صياغة منوال اقتصادي جديد ولا على معالجة القضايا الاستراتيجية والهيكلية باعتبار انها في رأيه انتهجت النهج الليبرالي المتوحش والذي قاد في النهاية الى الفشل والدخول في مرحلة خطيرة تحمل ملامح تعدد الجرائم و محاولات تفكيك الدولة. بالعلم والعمل يتحقق الامل ولخص رئيس حزب الحداثة عبد الرؤوف البعزاوي حصيلة 8 سنوات من الثورة بالقليل من الحرية الزائفة والكثير من خيبات الامل وسنوات من «الربيع العبري» التي كانت كلفتها باهضة معددا في هذا السياق مايقارب مليون منقطع عن التعليم اصبحوا مخزونا للظلاميين ولتجنيد الارهابيين علاوة على تدهور التعليم العمومي قائلا:» واذا انحدر التعليم انحدر التطور والقدرة على الابداع والانتاج والانتاجية وبالتالي ارتفاع نسبةالفقر وهو ما حل بالطبقة المتوسطة التي تفقرت» وتابع البعزاوي بالقول ان الفقراء قد ازدادو فقرا و تدهورت المنظومة الصحية وهاجر عدد كبير من الاطباء والباحثين التونسيين وعرفت تونس تصحرا ثقافيا وعلميا مفزعا وارتفعت نسبة البطالة وانتشرت المخدرات وصال وجال المهربون في البلاد وتحالفوا مع الارهاب والارهابيين وشطح تجار الدين في الساحة وباعوا البلاد بسعر تفاحة. وخلص محدثنا بالقول:» وتسالني هل مازال من امل، نعم مادام في تونس رجال ونساء يؤمنون بالله والعلم والعمل»