مرور 8 سنوات على اندلاع شرارة الثورة بما حققت وما لم يتحقق كفيل اليوم بتقييم مسارها ولو بشكل عام، فهل الصعوبات التي يعيشها التونسيون تهدِّد المسار الانتقالي؟ تونس «الشروق» : المعلوم أن الديمقراطية مسار طويل الامد ينبغي تحققها سنوات لا بأس بها وذلك قياسا ب5 قرون عاشتها بريطانيا وما يزيد على القرن في فرنسا تقريبا لتحقيق اهداف ثوراتهم، فدون اسقاط التجارب المقارنة على الواقع التونسي فهل استقراء ما يقارب العقد من حصيلة الثورة كفيل اليوم بالحكم بصواب خيارات المسار الذي اتبعته تونس أو بخطئه؟ مسار صحيح رغم الانتكاسات ومن جهته يتمسّك المؤرخ عميرة علية الصغير في تصريحه "للشروق" بنفي مقولة خطأ مسارات الانتقال الديمقراطي التي اتبعتها تونس في مسيرة الثورة موضحا ان مطالب الثورة كانت في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تنشد تغيير الواقع نحو مناخات للحرية والديمقراطية وتغيير المنوال الاقتصادي والاستجابة لمطالب المجتمع حيث أن الإبقاء على التناقضات في كل هذه العناصر من شأنه الدفع الى تصحيح المسارات في كل مرة. ويشدد عميرة علية الصغير على ان التقييم الموضوعي لحصيلة 8 سنوات من الثورة يؤكد تحقق مكسب حرية التعبير وتحقيق الانتقال السياسي مقابل تسجيل مؤشرات سلبية عديدة في الواقعين الاقتصادي والاجتماعي مضيفا بأن كل ذلك لا يمكن ان يبعث على التشاؤم رغم سياسة الهروب الى الامام من قبل النخب السياسية لأنّ تونس التي ثارت ضد الاستبداد والفساد والحيف الاجتماعي قادرة في رأيه على التعافي طال الزمن أو قصر. مشروع الانتقال الديمقراطي سينتصر ومن جهته يقول أستاذ القانون الدستوري امين محفوظ في تصريحه "للشروق" :" اعتقد انه لا ينفع اليوم العودة على مساوئ بعض الخيارات على غرار المجلس التأسيسي ونظام الاقتراع وغيرهما وأنا متفائل بهذا المسار طالما أن المستقبل للمشروع الديمقراطي". ولفهم صواب مسار الخيار الديمقراطي يعود بنا محفوظ الى ستينات القرن الماضي حيث يعتبرها منبت جذور الثورة ضد الموروث الثقافي السائد خلافا لمن يعتقد أن هروب الرئيس الأسبق منطلق لها مضيفا بأن تونس في المسار الثوري السليم ويبرز ذلك من خلال المناقشات الحاصلة حول مسائل المساواة والحرية ومختلف القيم الديمقراطية. ويشدد أمين محفوظ على بعض القوى المحافظة وبخاصة الاسلام السياسي تمثل في رأيه ارتدادا على مسار الثورة لكونها تعبيرات مختلفة للثقافة السائدة منذ فترة البايات وبعدها وتعادي المشروع الديمقراطي بخطب ماضوية رجعية مضيفا بالقول :" لا اعتبر حصيلة 8 سنوات في المسار الثوري سلبية بل كان افضل بكثير من النتائج المأمولة التي ستتحق عند حسم الفرز السياسي لمن يؤمن حقا بالانتقال الديمقراطي ومن يعاديه ويتوق الى إرساء نظم ماضوية". وخلص أمين محفوظ إلى أنّ تونس في المسار السليم حيث يجب بناء ما يمكن بناؤه في هذه الفترة وترك المهمة للاجيال القادمة ومواصلة تحدي تعاظم الخطب الشعبوية. في المحصلة يبرز من خلال تقييم منجز الثورة أن ما مضى من سنوات على اندلاعها ثبتها على سكة الانتقال الديمقراطي الذي لنا ان نفاخر به في محيطنا العربي والاقليمي وذلك من دون إغفال لضرورة الانكباب العاجل على الشواغل التنموية وسبل تحقيق الاستقرار الاجتماعي الذي إن انفرط عقده فإنه يتحول حتما الى تهديد مباشر لمسار الانتقال الديمقراطي برمته.