من الشعارات التي ترفع في كلّ المناسبات أنّ رئيس الجمهوريّة ضامن في تطبيق الدستور وعليه أن يحرص على أن تجرى الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة في موعدها وإلى غير ذلك من الشعارات التي تطلق من هنا وهناك ولكن عندما نمنع فيها النظر ونحاول أن نتعمّق في فهمها نجد أنّ هذا الدستور قد جرّد الرئيس من كثير من الصلاحيات التي منحها للحكومة ولمجلس النوّاب وحتّى لا تتشعّب بنا الأمور سأبقى مع الدستور التي نردّد أنّ من مهام رئيس الجمهوريّة الحرص على صيانته وحسن تطبيقه وأسال ماذا يمكن لرئيس الجمهوريّة أن يفعل والمحكمة الدستوريّة التي ينصّ عليها الدستور لم تر النور إلى اليوم وهي التي نصّ الدستور على بعثها بعد سنة من صدوره وهي من أهمّ ضمانات التشريع وهل رئيس الجمهوريّة قادر على بعثها للوجود بدون موافقة الأغلبيّة البرلمانيّة ؟ثمّ من الشعارات التي يطلقها اليوم رئيس الجمهوريّة ومصالحه أنّ الرئيس ملتزم بأن تقع الانتخابات التشريعيّة والرئاسيّة في موعدها ودعا لاستكمال الهيئة المشرفة على الانتخابات وهذا ليس في يده ولا من صلوحياته والسؤال هو إذا لم يستكمل انتخاب بقيّة أعضاء ورئيس هيئة الانتخابات فهل ستجرى الانتخابات في آجالها وما هو ذنب رئيس الجمهور يّة في هذا ؟لقد وقفتُ عند الانتخابات المقبلة بمقاربة شبه قانونيّة ولكن ليس هذا الذي يشغلني ويشغل أمثالي من الحريصين على صيانة الوطن من المغامرات لأنّ هذا قد يتمّ بعيدا عن رئيس الجمهوريّة بالتوافق بين الكتل والتوافق معناه أن تجد كلّ كتلة المصلحة التي تجري وراءها من هذه الهيئة أي أن تأخذ نصيبها من كعكة هيئة الانتخاب و كذلك من المحكمة الدستوريّة بدون أن يكون لرئيس الجمهوريّة لا حول ولا قوّة لإيقاف هذه القسمة التي ستؤثّر على الانتخابات؟ إذا ما هي صلوحيات رئيس الجمهوريّة حتّى تكون انتخابات 2019 ديمقراطيّة وعادلة وخاصة نزيهة و شفّافة كما جاء في آخر كلمة له بمناسبة السنة الميلاديّة الجديدة ؟إنّ هذه الصلوحيّة التي ستمكّن فعلا من أن نجتاز عقبة انتخابات 2019 في أمان ولا تتسبّب هذه الانتخابات في شروخ ولا فتن وتدخل فيها كلّ الحساسيات السياسيّة على قدم المساواة ويكون التنافس بينها نزيها و قد توفّرت نفس الحظوظ لكلّ القائمات المترشّحة فإنّ لرئيس الجمهوريّة دورا هاما لا يتعلّق في الظاهر بالدستور بل هو نابع عن أنّ مؤتمن على مصير البلاد وهو الضامن لاستكمال المسار الديمقراطي وهذا لا يتحقّق في نظري إلّا إذا حرص الرئيس على تخليص الساحة الانتخابيّة من بعض الشوائب التي ستأثّر على نتائج الانتخابات وتبعا لذلك على مستقبل تونس و هي: -لقد استمعنا لهيئة الدفاع عن الشهيدين تتحدّث عن جهاز خاص وهو جهاز مسلّح وسري ورغم الوثائق التي تملكها فإنّ ما وجّهته من تهم لا يرتقي إلى مستوى الحقيقة فالمتّهم بريء إلى أن تثبت إدانته قضائيّا أو يبرّأ قضائيّا و حتّى يطمئنّ الشعب التونسي لأنّ ما جاءت به هيئة الدفاع خطير على مسيرة تونس ويحيل إلى توقّعات قد تصيب المسار الديمقراطي في المقتل خاصة أنّ الجهة المتّهمة غلى حدّ الآن من المراهنين على التفوّق في الانتخابات المقبلة وأنّ نجاحها أو فشلها سيكون للجهاز السري إن تبث وجوده دور هام في تركيز سلطتها في حالة النجاح أو عدم القبول بالنتائج في حالة الفشل .هنا لا بدّ أن يكون دور الرئيس حاسم بقطع النظر عن كلّ ما قد يقال عن تدخّله في هذا الموضوع وذلك بالتسريع عن طريق القضاء بالفصل في هذه القضيّة حتّى يبرّأ البريئ ويعاقب المذنب بدون أن يتخوّف من أن يتّهم بالتدخّل في القضاء وأن لا تقع الانتخابات قبل الفصل في هذه القضيّة وإن لزم تأخير آجالها لما فيه مصلحة تونس لأنّ المستفيد الأوّل من الانتخابات هي تونس كما أنّ تونس هي الخاسر الأكبر إن أُنجِرتْ هذه الانتخابات في واقع غير ملائم للشفافيّة والنزاهة وتكون الانتخابات مصيبة على تونس. والموضوع الثاني الذي على رئيس الجمهوريّة أن يتشبّث به لمصلحة تونس ووضعه فوق كلّ اعتبار إذ هو المؤتمن عليها أن لا يقبل أن تدخل البلاد في انتخابات و أحد المتراهنين ينطلق في هذا السباق بمسافة طويلة يَسْبَق بها منافسيه وأقصد من يتصدّر الحكم الآن فبقطع النظر عن الدستور والقوانين فإنّي انطلق من مصلحة تونس وأخاطب الرئيس المؤتمن عليها لأقول له لا يمكن أن ندخل الانتخابات وجهة بيدها مقاليد الحكم قد صمّمت بوضوح وسيزداد هذا التصميم وضوحا على مرّ الأيام على أنّها معنيّة بالانتخابات المقبل وقد بدأت في تكوين كتلة تدعو لها كما أنّ الحزب أو التشكيلة السياسيّة التي تبنتها ستبرز للوجود عن قرب وبدءا -من الآن- دعاتها ينتشرون في البلاد مستعملين أسلوب الترهيب والترغيب و الوعد والوعيد وقد مسك من يدعون إليها بكلّ مقاليد الحكم حتّى لا نقول برقاب الناس فالوزراء وما بأيديهم من تمويل للتنميّة وتشغيل وخدمات والولّاة وسُلْطَتهم في جهاتهم والمعتمدين التابعين لهم وقد كلّف الوزراء وكلّ متحمّل للمسؤوليّة منذ مدّة وتكثّف ذلك مع بداية السنة الجديدة بالقصف اليوميّ للمواطن بما هم بصدد انجازه لصالحة غثّه وسمينه وفيه كثيرا من الدعاية والمغالط وأذكر مثالا واحدا هو السيّارات الشعبيّة التي انخفض سعرها ب5آلاف دينار في خيال الحكومة ووزرائها وهؤلاء الدعاء ثمّ إنّ الوزراء وكلّ مصالح الدول سيزداد توظيفها للأوهام باقتراب تاريخ الانتخابات لهذه