حققت الجزائر إنجازًا أمنيًا تاريخيًا لم يحدث منذ عام 1992. فلأول مرة منذ 27 عاما، لم تشهد الجزائر أية اعتداءات إرهابية خلال ال17 شهرا الأخيرة، مما يعد نجاحات أمنية باهرة في بلد تُحيط به الأخطار من كل الجهات. الجزائر- الشروق: وفق بيانات رسمية، يعود تاريخ آخر هجوم إرهابي بيرة نسبيًا في الجزائر إلى نهاية أغسطس/ آب 2017، عندما أقدم إرهابي على تنفيذ هجوم إجرامي ضد مركز للشرطة في مدينة تيارت صباح الخميس 31 أوت 2017. ونجح الجيش الوطني الشعبي في توجيه ضربات موجعة الى بقايا الإرهاب. ويرى خبراء الشأن الأمني في الجزائر، أنّ الفقدان المتتالي لجيوب الدمويين وكبار قادتهم، بجانب الاندلاع المتجدد لحمى صراعاتهم الداخلية، يؤشر على نهاية فرق الموت. وبحسب الخبير الأمني «إلياس بوكراع»، فإنّ السلطات نجحت في تكبيل آلة الإرهاب، خصوصا بعد نجاح ميثاق السلم والمصالحة منذ مارس 2006 في دفع نحو ستمائة إرهابي سابق إلى الاستسلام. ولاحظ «بوكراع» أنّ قدرات جماعات الإرهاب جرى تحجيمها كثيرا. ويستشهد بعجزها عن القيام بعدد من التفجيرات الاستعراضية على طول منطقة القبائل الكبرى التي ظلت حلقتها المركزية وعصب تحركاتها. ويرى الخبير الأمني «علي الزاوي»، أن فرض الجيش وسائر القوى الأمنية لحصار محكم على مستوى مناطق ساخنة بوسط البلاد، وشرقها وجنوبها ضيق الخناق على الدمويين. وجعل التهديد الإرهابي للأشخاص والممتلكات محدود التأثير. ومنذ سبتمبر 2017، توقفت الهجمات الإرهابية في الجزائر بشكل لافت للنظر. وباتت البيانات الصادرة بشكل دوري عن وزارة الدفاع، تتحدث فقط عن استسلام إرهابيين أو القبض على أعضاء في خلايا تابعة للتنظيمات الإرهابية أو مقتلهم. وتحدثت آخر حصيلة للجيش، عن تحييد 189 إرهابيا عام 2018، يتوزعون بين: القضاء على 32 إرهابيا، وتوقيف 25، بينما سلم 132 آخرون أنفسهم للسلطات العسكرية. وتعرضت الجزائر لمئات من الهجمات والتفجيرات الانتحارية بين عامي 1992 و1999. وسقط قرابة 200 ألف قتيل، حسب أرقام رسمية. ورغم إقرار المصالحة الوطنية والعفو عن أعضاء الجماعات الإرهابية مقابل إلقاء السلاح، عام 2005، إلا أن تنظيمات تُسمى ب"السلفية الجهادية" استمرت في النشاط. ونفذت هجمات خطيرة ضد أهداف مدنية وعسكرية. وتلك الهجمات تبناها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب. وهو يضم عناصر الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي بايعت تنظيم القاعدة، عام 2007. وغيرت اسمها منذ ذلك التاريخ. وواصلت هذه الجماعة نشاطًا مسلحًا بدأته جماعات أخرى، عام 1992. ونفذت سلسلة هجمات خطيرة ضد أهداف مختلفة في العاصمة ومدن أخرى. وفي نهاية 2014 انشقت مجموعة من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب.وبايعت تنظيم داعش المتشدد. وأطلقت على نفسها اسم "جند الخلافة". لكن الضربات الأمنية الكبيرة، التي تلقتها من الجيش الجزائري في السنوات الأخيرة، ونجاح المصالحة الوطنية في استقطاب عدد كبير من المسلحين، ساهما في إضعاف هذه الجماعات. ووفق تقارير صحفية وأمنية محلية، فإن تلك الجماعات نقلت أغلب نشاطها إلى منطقة الصحراء الكبرى، شمال دولة مالي. فيما ظل نائب وزير الدفاع الوطني وقائد أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح يشدد على أن القوات المسلحة «قادرة على دحر ما تبقى من شرذمة الإرهاب».