تعتبر مرحلة الطفولة من أهم مراحل حياة الإنسان ففيها تتحدد شخصية الفرد وتتميز كينونته عن الآخرين قال الله تعالى (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلاً مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (غافر:67) ولذا بات من الواجب الاهتمام بموضوع الطفولة والسعي الدائب والمستمر من أجل النهوض والإحاطة بهذه الشريحة الهامة من المجتمع ورعايتها كيف لا وطفل اليوم هو رجل الغد وعماد المستقبل. إن من أكبر النعم التي وهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان الأبناء والذرية الصالحة البارّة قال تعالى: (وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَة اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ ) النحل/72. لقد اعتنى الإسلام بالطفل وأحاطه بالرعاية الكاملة ومنحه حقوقا لحمايته وتنشئته التنشئة السليمة السوية لم تعطها إياه أيّة شريعة أخرى أو قوانين وضعية قديمة أو حديثة. من ذلك أن الإسلام قد كفل للطفل حق الحضانة وهي واجبة على الوالدين فيجب عليهما حفظه من الهلاك ومن كل أشكال المهانة التي تكاثرت في هذا العصر رغم القوانين التي صيغت لغرض حماية الطفولة وجعل أحق الناس بحضانة الطفل أمه ووضع شروطا لذلك منها: أن تكون الحاضنة سليمة العقل صحيحة الجسم قادرة نفسيا على القيام بواجبات الحضانة. كما كفل له حق الحياة قال تعالى: «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئاً كبيراً» (الإسراء/ 31) وبذلك شدد الإسلام على قاتلي أطفالهم وتوعدهم الله بالخلود في النار.كما شدّد أيضا على ضرورة اختيار الأم الصالحة التي ستقوم بواجب التربية والرعاية. قال النبي صلى الله ليه وسلم .( تنكح المرأة لجمالها وحسبها ومالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك). كما أمر الوالدين بحسن اختيار اسم مولودهما حتى لا يعيّر به ولا يعقّده ولا يبعث به إلى العنف ولا إلى الميوعة والارتخاء والمهانة قال النبي: (إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم) رواه أبو داوود. وأنكر الإسلام التمييز بين الذكر والأنثى وأمر بالعدل بينهم بل إنه كرّم البنت بعد أن كانت توؤد حيّة وذلك بأن جعلها الله حجابا للآباء من النار عند حسن تربيتها. قال النبي: (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة). وحرّم الإسلام على الآباء تمييز بعض الأولاد عن البعض الآخر في المعاملة وتخصيص بعضهم بالمال والهبة وحرمان البعض الآخر وهو ما من شأنه أن ينمي الحقد بينهم ويؤجج نار الحسد والبغضاء بين الإخوة. هذه بعض حقوق الطفل التي شرّعها الإسلام يجدر التنويه بها لأنه ما من شيء ثمين نملكه نحن الآباء اليوم إلا أولادنا فهم مستقبلنا وهم سرّ تقدمنا وتماسكنا وبقائنا فواجبنا كآباء أن نحسن تربيتهم وأن نقوم بإعدادهم الإعداد الجيّد لأن أطفال اليوم هم رجال الغد فكيفما تكون الناشئة اليوم يكون المجتمع غدا. إن تربية الأولاد أمانة ومسؤولية لابد من القيام بها. فكم من الآباء ضيع هذه الأمانة العظيمة اليوم! أضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا .قيل إنّ أحد الآباء عاتب ولده العاق فقال الولد: (يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيرا وأضعتني وليدا فأضعتك شيخا والجزاء من جنس العمل).