في تونس أزمة.. تونس تعاني من معضلة حوار الطّرشان.. بعد ثماني سنوات من انتفاضة (أو ثورة) 14 جانفي التي جبّت كلّ الانتفاضات في تونس منذ عهد الاستعمار المباشر، يجد المواطن التونسي نفسه أمام مفترق.. مفترق متعدّد الاتجاهات.. وكل اتجاه لا يحمل الحلّ ولا يتلحّف بالحلم، حلم الجماهير الكادحة والمتمسّكة بالوطن ووحدته، يجد المواطن نفسه أمام انعدام فكرة الاختيار... إن معضلة تونس، أنها أجبرت على فتح أبوابها على الخيارات المدروسة والمطبوخة في الخارج... وليس الحوار الوطني لسنة 2013، سوى حوار لرأب صدع آني بين أحزاب سياسية، لا تؤمن بقوّة القانون، وإلاّ لأنجزت أهمّ ركيزة للديمقراطية وهي المحكمة الدستورية... لقد تبيّن بالملموس، أن الدستور الجديد، ليس سوى مطية لمن كتبه وكان أغلبيا، من أجل قطع الطريق أمام الأحزاب الأخرى والتيارات الفكرية التي لم تتنظّم بعد، حتى لا تكون في سدّة الحكم، وإن القانون الانتخابي لأقوم دليل على ذلك، أضف معضلة النظام السياسي، الذي جاء معبّرا عن إرادة نزر قليل من الأطراف السياسية، ولا يعبّر عن آمال تونس الوطن... ولا تونس الدولة ولا كذلك تونس الشعب... المشكل أن المتغنين بالديمقراطية وبمقولة أحسن دستور، في إشارة لدستور تونس (27 جانفي 2014) يقومون بما يقومون به من دعاية، من أجل الحفاظ على سياسة الواجهة. تونس اليوم بحاجة إلى خمسة حلول، حتى تعدّل البوصلة، ويستطيع الشعب أن يعدّل إيقاع حياته وإيقاع توجهاته وإيقاع مشاركته في الحكم: أولا، تونس بحاجة إلى إرادة جماعية من كلّ القوى، من أجل التحاور بالفكر حتى يتوصّل الجميع إلى قواسم مشتركة، تركّز سنّة التداول على السلطة، وفق القانون... ثانيا، تونس بحاجة ماسّة إلى تركيز دولة القانون والمؤسسات، بحيث تكون العدالة في تطبيق القانون لا في انتقائه، ونحن اليوم نعيش في تونس على وقع انتقائية تطبيق القانون. ثالثا، تونس بحاجة أكيدة جدّا، إلى إعادة الاعتبار إلى مفهوم المواطنة، بحيث يبدأ هذا الأمر من خلال الاقدام على تغيير القانون الانتخابي، ليصبح المواطن مجبرا بالقانون على الانتخاب والتصويت حتى وإن فضّل وضع الورقة البيضاء. رابعا، تونس في أمسّ الحاجة إلى تغيير نظامها السياسي، وهذا لا يكون إلا متى أنجزنا الحلّ الثالث الذي يضمن عدد المصوّتين والناخبين كما تنصّ عليه الأرقام. خامسا، تونس بحاجة إلى حوار وطني اجتماعي، تحدّد فيه النخبة من الأحزاب والسلطة المضادّة، المتمثّلة في المنظمات المهنية والاجتماعية، منوال التنمية، لأننا إذا واصلنا هذا النهج التدميري الذي يسوّق السياسة التنموية والتربوية والاقتصادية من ثقب الغربال الامبريالي، فإن تونس لا قدر الله ستصبح في عداد الدول المنهارة وليس في رحاب الدول التي ترنو للتقدّم إلى الأمام.