تونس، وفي هذا التوقيت المفصلي من تاريخها السياسي، بحاجة الى الحقيقة... ولا شيء غير الحقيقة... يريد شعبنا، الحقيقة في المجال السياسي وتقتضي مصارحة الشعب التونسي، الذي بيّن نضجا غير مسبوق وغير مقارن بغيره من الشعوب المماثلة وضعياتها لوضعية شعبنا، حين أمّن الاستحقاقات الانتخابية والمحطات السياسية الكبري بكلّ تحضّر... هنا، ودائما في المجال السياسي، لا بد وأن يقف الجميع على أن معضلة تونس اليوم، ليست في نصّ الدستور على نواقصه، ولكن في طريقة ممارسة السلطة ما بعد نتائج الانتخابات... فقد عمد السياسيون الممثلون أحزابهم بنسب متفاوتة، في مجلس نواب الشعب (البرلمان) الى تغيير وجهة النتائج بحيث دعّم ما يسمّى بالوفاق سلطة الحكم وممارسة السلطة التنفيذية، على حساب المعارضة... فآلت الأمور وقبل سنة من الاستحقاق الانتخابي الرئاسي والتشريعي الجديد، الى فوضى بأتمّ معنى الكلمة... هنا لا مصارحة للشعب، شعب يعي ويعرف أن سبب الداء والأزمة، يكمن في تحويل وجهة المسار الديقمراطي الذي يقتضي سلطة حاكمة قويّة تقابلها سلطة معارضة قويّة أيضا. وشعبنا يريد الحقيقة، في المجال الاجتماعي والاقتصادي، وهو لبُّ المشكلة الأساسي، فقد لمس المواطنون والمواطنات أن ليس هناك كشفا للحقيقة في هذا المجال، عندما عمدت السلطات الحاكمة على اختلافها، الى ذرّ الرّماد في العيون، فلا حقائق تقدّم للمواطن، حول سبب ومعضلة الأزمة الاقتصادية، إذ من جهتها آثرت السلطة التنفيذية سياسة الهروب الى ا لأمام عوض مائدة الحوار مع الشركاء الاجتماعيين، من أجل إيجاد الحلول الوطنية سويّة، فيما توجّهت السلطة التشريعية الى خيار: «انتظر وراقب» (wait and see) انها هي أصل السلطة وأصل الحكم وفق مقتضيات نظام الحكم الواردة في نصّ الدستور التونسي. الحقيقة، مطلوبة من الجميع، يصارح بها أهل الحلّ والعقد في تونس، الشعب التونسي، لأن الذي يظنّ أن شعبنا الذي أمّنت إدارته آليات ترجمة الثورة الى مسار دستوري وقانوني، سَلِس، الذي يظنّ أن هذا الشعب قاصرا، نقول له إنه حفظ شيئا وغابت عنه أشياء... التونسي بحاجة الى كشف الحقيقة والحقائق في جميع المجالات... لأنه شعب واع وسليل ابن خلدون وابن رشد، يمقت الرّكود والعدمية.