صنف التقرير الأخير لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية لسنة 2018، تونس، ضمن المرتبة الرابعة على المستوى الافريقي في مجال التجارة الالكترونية، واحتلت تونس ضمن التقرير ذاته المرتبة 79 عالميا. وقد تقدمت على تونس في تطوير تجارتها الالكترونية جزر الموريس (المرتبة 55 عالميا) ونيجيريا (77 عالميا) وافريقيا الجنوبية (77 عالميا). هذا التصنيف الدولي انبنى على جملة من المعطيات اهمها نسبة المستخدمين الانترنات، وسلامة الأنظمة الإلكترونية ومدى وثوق الشبكة البريدية وطبعا عائدات هذا النشاط. وعمل التقرير على تقييم البلدان وفق عدد المشترين على الخط وسهولة الدفع وسهولة تسليم المنتجات. ويأتي تصنيف تونس حسب معدل النفاذ الى الانترنات والمقدر ب66 بالمائة بفضل عدد المشتركين الذي يصل الى 7,65 مليون مشترك (ماي 2018). كما يفسر هذا التصنيف بتطور عدد مواقع البيع المقدر بحوالي 1423 موقع في 2017 مقابل 1202 في 2016. كما تم تقييم تونس على أساس عدد المبادلات التجارية على الخط، التي ما فتئت ترتفع، وبلغت قيمة هذه المبادلات في 2017 حوالي 166,258 مليون دينار منها 36,130 مليون دينار معاملات دولية وفق مؤشرات ادارة التنمية والتجارة الالكترونية والاقتصاد بوزارة التجارة. دون المأمول هذه المرتبة وهذه الارقام وان جعلا تونس تحتل مرتبة متقدمة قاريا الا انه تبقى دون المأمول في قطاع تم العمل على تطويره منذ ما يزيد عن العقد ليكون رافعة مهمة للاقتصاد وقوة استقطاب لليد العاملة خاصة من ذوي اصحاب الشهادات العليا كما ان كل مقومات تركيز الاقتصاد الرقمي في تونس تعتبر موجودة على الاقل حسب الحكومات التي اشبعتنا حديثا عن تونس الرقمية وعن التجارة الذكية وعن السلامة المعلوماتية التي تضمن شفافية كل المعاملات التجارية كما لا يجب ان ننسى ان العالم يسير حثيثا نحو الاعتماد على التجارة الالكترونية اذ تشير التوقّعات إلى أن حجم هذه التجارة في العالم سيبلغ سنة 2020 حوالي 4 تريليونات دولار أميركي، وهو ما يمثّل نحو 14,6 في المائة من حجم تجارة التجزئة في العالم .. هذا المعطى يجب ان يدفعنا الى ان نضبط انفسنا عند سماع تلك الارقام وتلك المرتبة حول تونس ونفهم انه لا يجب ان تسقطنا في الاعتداد والغرور لان من تخلف علينا من الدول تفوقنا من حيث تعداد السكان وايضا من حيث المساحة ووعورة عديد المناطق بها بما يجعل من الصعب جدا ربطها بشبكة الانترنات ان الفرق كبير بين عدد السكان بين تونس ومصر وبين تونس والمغرب كما ان هنالك فرق في المساحة بين تونس والجزائر والمغرب ومصر اضافة الى تميز تلك الدول بمساحات كبيرة اما صحراوية في بعضها او جبلية في اببعض الاخر وهو ما يعني عمليا صعوبة تعميم شبكة الانترنات على كل تلك المناطق لانها ستحتاج الى استثمارات كبيرة قد لا تتحقق من ورائها أي فائدة اما في تونس فان الفرق في المساحة بين الارياف ومراكز المدن لا يتعدى بعض الكيلومترات اذا استثنينا مناطق الجنوب والتي في اغلبها خالية من السكان او بها عدد قليل لا يهتم اصلا بالانترنات .. من هنا فان ما حققته تونس في مجال التجارة الالكترونية يعتبر دون المستوى ومحدودا لان مبلغ 166 مليون دينار لا يمثل الا 0,2 بالمائة من الناتج الداخلي الخام او اقل وهو ما يؤكد ان أداء التجارة الإلكترونية في بلادنا ضعيف بالمقارنة مع مستويات التجارة الإلكترونية في العالم كما ان مردوديته على مجمل الحركية الاقتصادية ضعيف للغاية أزمة ثقة امام البنية التحتية المعتبرة على مستوى شبكة الانترنات وعدد المشغلين لها في تونس مما انعكس بالترفيع على عدد المهتمين بالفضاء الافتراضي والتعامل مع الحواسيب في تونس فان الخلل يكمن في عدم ثقة التونسي في البيع على الخط والتعامل الالكتروني في التجارة وهو ما يحتم على الحكومة تقوية السلامة المعلوماتية او اظهار مدى قوتها لمواطن عبر سياسة تواصلية ترفع عنه الخوف من أي تعامل الكتروني وتضمن حقوقه فضمان حماية المستهلك وحماية معطياته الشخصيّة إلى جانب توفير سلامة أكثر في عمليّات الدفع الإلكتروني وضمان شفافية المعاملات ومكافحة الغش والتحايل والإشهار الكاذب على مواقع التجارة الإلكترونيّة، وغياب ضمانات المستهلك عند الإقبال على الشراء من المواقع غير المنظّمة ستحفز المواطن التونسي الذي صار مدمنا على الانترنات من خلال انتشار الهواتف الذكية وتملك الجميع لها وستتحقق المردودية المطلوبة لهذا النشاط اقتصاديا واجتماعيا ومن اول الخطوات الواجب اتباعها امام الكم المحترم من مواقع البيع على الخط التي يجدها المواطن امامه في الفايسبوك او في بقية المواقع حتى الاخبارية منها والتي تبيع كل شي تقريبا هو «تعيير» تلك المواقع عبر وضع كراس شروط ينظم عملها ويحدد اليات تعاملها مع الحريف ليطمئن ووضع علامات تحدد مدى الثقة في كل موقع من مواقع التجارة الإلكترونية لدعم هذا السوق وتعزيز ثقة المستهلكين وذلك من خلال تتبع رقم معاملاتها وعدد التعاملين معها خاصة ان اعداد تلك المواقع في ارتفاع اذ وضلت حسب ما أعلنه المعهد التونسي للاستهلاك في السنة الفارطة الى 1421 موقعا للتجارة الإلكترونيّة منخرطة في منظومات الدفع الإلكتروني اضافة الى ضرورة التثبت في مصداقية ما تقدمه من عروض وتخفيضات حتى لا تسقط في الغش والخداع وتسلب لمنصات التجارة العادية حرفاءها اضافة الى ضرورة تقريب منظومتي الدفع الإلكتروني و«الدينار الافتراضي» من ذهن المواطن وتيسيرها له حتى يقبل عليها.