أظهر سبر آراء امريكي حديث، صدر خلال شهر ديسمبر المنقضي، ان 90 بالمئة من التونسيين لا يثقون في الاعلام. هذا الرقم الصادم جاء ليعزز ارقاما أخرى افرزتها استطلاعات راي وطنية تؤكد على انقطاع حبل الود بين الاعلام وجمهوره. النوري اللجمي «نحتاج إلى صحفي واع بدوره وبمسؤوليته الاجتماعية» مبروكة خذير حملة «أنا صحفي ضد الرداءة» ستصبح «أنا تونسي ضد الرداءة» تونس/الشروق صدر سبر الآراء المذكور عن مؤسسة زغبي للبحوث والدراسات واستطلاعات الراي تحت عنوان «الراي العام في الشرق الأوسط 2018» وشمل عينة تكونت من 8628 مستجوبا بشكل مباشر في كل من تركيا وايران وثماني دول عربية من بينها تونس. وقبل حوالي شهرين صدر عن جمعية بر الأمان سبر اراء صادم بالنسبة لمتابعي الشأن الإعلامي حيث أكد سبر الآراء المذكور والذي اشتغل على عينة تكونت من 1841 مستجوبا (اعتمادا على معطيات المعهد الوطني للإحصاء لتحديد هذه العينة) ان ثلثي المستجوبون لا يثقون في الاعلام أي حوالي 70 بالمئة من المستجوبين. كما اظهر ذات الاستبيان ان نسبة الرضاء عن تغطية بعض الاحداث الفارقة 2018/2017 مثل قانون المصالحة ومجلة الجماعات المحلية واضراب أساتذة الثانوي وغيرها تراوحت بين 4 بالمئة و19 بالمئة. اتهامات للاعلام افرز عدم الثقة في الاعلام توجيه الكثير من التونسيين أصابع الاتهام الى الاعلام على انه اسهم بشكل مباشر اوغير مباشر في تضخّم الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد طيلة السنوات الأخيرة. ويذهب البعض الى تحميل الاعلام مسؤولية انزلاق الانتقال الديمقراطي من معالجة المطالب الرئيسية للثورة وابرز عناوينها العدالة الاجتماعية والعدالة الجبائية والنموالاقتصادي الذي يحقق الرخاء لعموم التونسيين والقطع مع الفساد والرشوة وفرض سلطان القانون والمؤسسات الى الغلوفي نقل الاحداث السياسية بشكل غطّى على الملفات ذات الأولويات وجعل الناس تنفر من المشاركة في الحياة العامة. يقول لطفي وهوموظف في القطاع العمومي إنّ عدم الثقة في الاعلام اصبح امرا واقعا في تونس إذ لم تظهر الصحافة التونسية ما بعد الثورة الوجه المحترف وهي تراكمات سنوات وفي اعتقادي قد يكون التكوين في معهد الصحافة ضعيفا وهوسبب رئيسي لهذه المهازل التي نتابعها بشكل يومي. وأضاف ان الاعلام اتيحت له فرصة ذهبية ما بعد الثورة للنهوض بنفسه في اطار مناخ الحريات الا ان الإعلاميين يبدوانهم لم يتخلصوا من الأساليب القديمة مثل المراقبة الذاتية كما لعبت اللوبيات دورا في تحويل المنتوج الإعلامي الى منتوج موجه وتظل إمكانية الإصلاح قائمة ما دام هناك صحفيون شرفاء. جودة المنتوج الاعلامي في محاولة لجلب الانتباه حول الواقع الرديء الذي اصبح عليه المنتوج الإعلامي خلال السنوات الأخيرة اطلقت الصحفية المستقلة مبروكة خذير مؤخرا مبادرة «انا صحفي ضدّ الرداءة» عبر صفحتها الشخصية في موقع فايسبوك وتأمل مبروكة في تحويل هذه المبادرة الى «انا تونسي ضدّ الرداءة». تقول خذير في تصريح ل"الشروق" إنّها اطلقت هذه المبادرة بعد ان رأت صحفيين أكفاء، يأسا من تغيير واقع الاعلام، يغادرونه نحو مجالات أخرى. "حقيقة حزّ في نفسي هذا الأمر وشعرت انهم تركوا المجال لصنّاع المشهد الرديء وان هذه الخطوة تعني الاستقالة الكبرى وعدم اصلاح الوضع حينها سارعت باطلاق المبادرة وقد لقيت تفاعلا إيجابيا إذ حاولت لجنة اخلاقيات المهنة صلب النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين تلقف هذه المبادرة والاشتغال عليها لمحاولة الخروج بحلول عملية لتغيير المشهد الإعلامي نحومنتوج ذي جدوى الا ان تغيرات الاحداث بنهاية العام واساسا حادثة انتحار المصور الصحفي المرحوم عبد الرزاق الزرقي ثم الإعلان لاحقا عن توقيع الاتفاقية المشتركة جعل المبادرة تقف عند المجال الافتراضي». وتعتبر خذير ان مودال البزنس المعتمد في الاعلام التونسي لا يشجّع على اعلام الجودة وان ما يحدث في الاعلام بدى وكأنه استراتيجية متكاملة لتتفيه المجتمع وتفقيره ثقافيا فشعب غير واعي وفقير ثقافي يفتح لك الأبواب على وسعها لتطبيق سياساتك كما تريد. دور الاعلام العمومي حملت مبروكة خذير الاعلام العمومي مسؤولية المبادرة وخلق التنافسية لتعديل المشهد من اجل خطاب يعيد الثقة بين الجمهور والاعلام. وتامل في تطوير المبادرة كي تتبناها نقابة الصحفية والهيئة العليا المستقلة للاعلام السمعي البصري (هايكا) والمؤسسات الإعلامية وكل الأطراف القادرة على اصلاح مسار الاعلام. من جهته اعتبر النوري اللجمي رئيس الهايكا ان غياب الثقة في الاعلام هوحقيقة لا تخص تونس لوحدها بل هي أيضا مسالة مطروحة في الدول الغربية «حيث اصبح هناك يُدار النقاش حول تجديد المصداقية في الاعلام ففقدان الثقة في الاعلام له تداعياته على الحريات». واكد ان الهايكا تعمل على مدى احترام المؤسسات الإعلامية لاخلاقيات المهنة لخلق مناخ من الثقة بينها وبين الجمهور مضيفا «نحن واعون بهذا الاشكال ويظل المسؤول الأول عن خلق الثقة هي المؤسسة الإعلامية والصحفي في حد ذاته اذ لا يجب الصمت تجاه أي مس من منتوجه الإعلامي». واعتبر اللجمي ان الهايكا ستنطلق خلال الاشهر القليلة القادمة في قيس نسب الاستماع والمشاهدة لترسيخ الثقة في هذا المجال وحتى يصبح لتلك الأرقام مصداقية كبرى «فالارقام المتداولة حاليا لا تخضع لاي منهجية علمية وفيها محاباة». وحول اصلاح الواقع الإعلامي ترميما للثقة مع الجمهور قال اللجمي لابد من التكوين والرسكلة للإعلاميين ولابد من وعي الصحفي بدوره ومسؤوليته الاجتماعية لان أصحاب المؤسسات الإعلامية يريدون الكسب الآني وهذا يتناقض مع صحافة الجودة. الدكتور الصادق الحمامي باحث في الاتصال والميديا الاجتماعية اذهبوا أبعد من الحدث هناك ارقام تشير الى غياب ثقة التونسيين في الاعلام بماذا تفسّر هذه القطيعة بين الاعلام وجمهوره؟ المعطيات الإحصائية ليست متوفرة بشكل كبير وهذه الاستطلاعات تتم لقيس ثقة الجمهور في الاعلام وهي ازمة مطروحة في دول أخرى مثل فرنسا وامريكا حيث تُوجّه الاتهامات للاعلام على انه لا يعكس اهتمامات الناس. وفي تونس ليس لدينا آليات لقيس ثقة الجمهور وقد اطلعت على الأرقام الصادمة التي أصدرتها جمعية بر الأمان وهي نتائج مرعبة. وفي اعتقادي ثقة الناس في الاعلام تراجعت بسبب طبيعة النموذج الصحفي الحالي فالصحافة اليوم اغلبها ناقلة وهي ليست صحافة تحقيقات وميدان واصبح دورها نقل احداث المجتمع السياسي فقط. كما ان الاعلام حوّل السياسة من النقاش حول إدارة الشأن العام الى إدارة شؤون السياسيين انفسهم وهذا أدى الى العزوف المزدوج للناس أي العزوف من الشأن السياسي نتيجة الازمات السياسية والعزوف عن الاعلام لان الصحافة ربطت مصيرها بالسياسيين. ففي القنوات التلفزية اليوم لن تجد برنامجا سياسيا بعد الساعة الثامنة ليلا وهذا قد يكون تحت تاثير المستشهرين. المشكلة معقدة وفي اعتقادي يكمن الحل في إعادة ابتكار الصحافة من جديد فالصحافة الخبرية لم تعد تعني للتونسيين بل يجب الانتقال الى الصحافة التفسيرية وإعادة ابتكار النماذج الصحفية بالقطع مع صحافة النقل الى صحافة التفسير فالبرامج تحولت الى منصة للسياسيين لممارسة الاتصال السياسي. ومطلوب من الصحفي اليوم التأكد من التصريحات وإعطاء خلفية لجمهوره والانتقال الى الصحافة المعرفية أي تلك التي تعطي أدوات لفهم الاحداث فالاحداث متوفرة في كل المنصات والجمهور يحتاج الى خلفية واليات فهم. وبالتالي اذهبوا الى أبعد من الحدث ولكن صحافتنا تكتفي بالظاهر من عشرات الوقائع. 31 ٪ من التونسيين يعتمدون الوطنية الأولى كمصدر خبر رئيسي 19 ٪ من التونسيين على اقصى تقدير راضون عن التغطية الإعلامية للاحداث 35 ٪ لا يثقون تماما في وسائل الاعلام و32 بالمئة يثقون قليلا 58 ٪ من وسائل الاعلام تعلق بها خطاب الكراهية بالاحزاب اوالدين 320 هوالعدد الجملي لوسائل الاعلام ما بعد الثورة ثم تراجع العدد خلال ست سنوات الى 74 وسيلة إعلام. 13 ٪ من وسائل الاعلام فيها دعوة ضمنية اوصريحة الى العنف