لخص المخرج السينمائي علي العبيدي مشاكل القطاع السينمائي في تونس في الفساد والإفساد اللذين تراكما على حد تعبيره مدة 30 عاما، موضحا أن المفسدين في قطاع السينما لهم نفوذ كبير. ويشبهون الأخطبوط. الإدارة متواطئة مع بعض السينمائيين في تجاوز القانون هناك سينمائيون يمارسون الاخراج بلا بطاقة احتراف قطاع السينما نخره الفساد والإفساد «استرا» مقتبس عن فيلم أيرلندي وهذه حجتي ! تونس (الشروق) يعد المخرج السينمائي علي العبيدي من أكثر السينمائيين متابعة، وبشكل دقيق للحركة السينمائية في تونس، اضافة الى اطلاعه الكبير على قوانين السينما والتجاوزات الحاصلة فيه، سواء في مجال الدعم أو التشجيع على الانتاج السينمائي، أوفي مجال حقوق التأليف. وقد شدد مثلا، على أن فيلم « استرا « الحاصل على التانيت البرونزي لأيام قرطاج السينمائية 2018، مقتبس عن فيلم ايرلندي بعنوان « كيف كان يومك « على حد قوله . وحول مشاكل القطاع السينمائي والتجاوزات الحاصلة فيه كان ل « الشروق « حوار مع المخرج علي العبيدي الذي أصر على كشف هذه التجاوزات والحديث عن علاقته بالسينمائيين والمركز الوطني للسينما والصورة، وعن استوديوهاته في جهة قفصة . منذ 2010 تاريخ ظهور فيلمك « الساعة الأخيرة « لم تقدم نشاطاً أو إنتاجا سينمائيا يذكر، هل تخلى علي العبيدي نهائيا عن السينما ؟ أنا لم أتخل عن السينما ومازلت ناشطا بدرجة أكثر من ذي قبل. لكنني لا أقوم بكل الأشياء في نفس الوقت احتراما لنفسي ولمهنتي. فأنا منذ 2004 لم أتقدم بأي مشروع سيناريو لإنجاز فيلم لأنني تفرغت لإنشاء استوديوهات سينمائية في مسقط رأسي الرديف. وهي متوفرة على كل وسائل الانتاج والصناعة السينمائية، من آليات تصوير ومونتاج وميكساج واستخراج نسخ ومكاتب إنتاج. ولقد أنجزتها وأنهيتها منذ سنة. وهي قادرة بشكل احترافي لا مثيل له في تونس لانجازأي منتوج سمعي بصري أو سينمائي. وهي الوحيدة في تونس ما عدا التلفزة الوطنية . اذا كانت هذه الاستوديوهات جاهزة منذ عام كما تقول، فلماذا لم تنظم موعدا لمديرة المركز الوطني للسينما والصورة، لزيارتها في نوفمبر الماضي، خصوصا أنك طلبت منها زيارة الاستوديوهات ولم توف بذلك ؟ لقد تمت الزيارة يوم 28 ديسمبر 2018 بعد أن أمضيت سنتين أرسل إليها الرسائل مضمونة الوصول مع علامة البلوغ. وأخاطبها يوميا بالهاتف لأتمكن من مقابلتها. وكانت تصدني وترفض حتى مقابلتي بالهاتف. وهذا الكلام مثبت بالوثائق والشهود من المسؤولين. لكن لها رؤية معينة ولا تريد أن تكون لها أي علاقة بما يسمى المناطق الداخلية رغم أنني ذكرتها مرارا وتكرارا بالفصل 12 من الدستور. ونحن في حقيقة الأمر لا نطالب بهذا التمييز الايجابي الدستوري. بل نرجوالسيدة المديرة العامة للمركزأن تعاملنا بربع ما تعامل به زملاءنا المنتجين في العاصمة. وسنكون لها من الشاكرين . علي العبيدي مخرج قليل الإنتاج كثير النقد والانتقاد، لماذا تحرص دائما على مهاجمة زملائك الذين يكدون ويعملون ! هذا سؤال قديم جدا ويتزامن في قدمه مع الإنسان البدائي. أنا أنتجت 5 أفلام طويلة كمخرج وهذا يمكنك من أن تضعني في الترتيب المناسب من حيث قلة الإنتاج أو كثرته وذلك في سياق الابداع التونسي. أما بخصوص ما أسميته مهاجمة بعض الزملاء فهذا غير صحيح وأتحداكأن تمدني بتصريح صحفي أوغيره فيه مهاجمة لزملائي. لكن الحقيقة غير ذلك تماما فإن بعض ما أسميتهم بالزملاء لم ينفكوا منذ دخولهم الى السينما يخرقون القانون عمدا وقصدا وأحيانا بتواطؤ سافر من بعض المسؤولين الاداريين. وأرشيف المحكمة الادارية الموقرة حافل بذلك. فحسب رأيك من يطالب بتطبيق القانون واحترام المؤسسات واللجوء الى القضاء الاداري وفق ما ينص عليه القانون، هو مهاجمة لمن أسميتهم بالزملاء ! لماذا لا يراجع هؤلاء أنفسهم ويحاولون الإجابة عن مضمون انتقاداتي ؟ لماذا يواصلون الكذب داخل البلاد وخارجها والادعاء علي والافتراء المبتذل ؟ لماذا يواصلون افتراءاتهم عوض أن يحترموا القانون ؟ إن بعض تجاوزاتهم هي ذات بعد جزائي. فهل حدث مرة أن رفعت ضدهم قضايا جزائية. وأتحداهم أن يذكروا مرة واحدة . ومن هؤلاء الذين تتهمهم بتجاوز القانون ؟ الذين يمكّنون بعض الأشخاص من ممارسة مهنة الإخراج في حين أن القانون لا يسمح لهم بذلك. والقرار الصادر بالرائد الرسمي في أفريل 1983 واضح، لا لبس فيه، اضافة الى أن الفصل الثالث من مجلة السينما ( المجلة السينمائية لسنة 1960 ) يفرض على كل من يتعاطى المهنة السينمائية أن يكون حاملا لبطاقة احتراف وجوبا. ومهنة الاخراج هي ختام لسيرورة مهنية سابقة، من متربص بعد الدراسة الى مساعد مخرج ثان ثم مساعد مخرج اول الى مخرج في الأخر . أقرأ من كلامك تلميحا لبعض المخرجين دار الحديث حولهم في المدة الأخيرة مثل المخرجة نضال قيقة والممثلة أنيسة داود التي حصلت حديثا على منحة دعم ! كل المعلومات المتوفرة لدي عن هذه الممثلة أن لها شركة انتاج بمعية أحد الزملاء. واعتقد أنه لطفي عاشور الذي سبق أن أخرج أفلاما، وليس لي علم بأن السيدة أنيسة داود قد درست السينما أو مرت بالخبرة التي تحدثت عنها، أي التربص ثم ممارسة مهنة مساعد مخرج ثان فأول ثم مخرج وفق ما ينص عليه قانون بطاقة الاحتراف. لقد تحاورت في شأن هذه السيدة المحترمة مع بعض الزملاء. وقلت لهم اطلعوني على ملفها وإن ثبت أن من حقها ممارسة مهنة الاخراج، فإني أعتذر لكم ولها. فأن تكون صاحب شركة إنتاج سينمائي فهذا لا يكفي لممارسة مهنة الاخراج. وأرجو من البعض أن يكفوا عن خلط الأمور. أما بخصوص السيدة المحترمة نضال قيقة، فإنه لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها بالسيدة أنيسة داود التي اعتبرها ممثلة متميزة. في حين أن الأخرى، فقد لاحظت ضعفا حتى في أدائها كممثلة سواء في السينما او في المسرح. ويبدو أنها لا تريد أن تكتفي بتدريس الآداب الفرنسية في الجامعة. وترى أن لها قدرات في التمثيل وحتى في السينما. وشخصيا من حيث المبدأ لا مانع. فهذا يتعلق بإرادتها الشخصية لكنها في المقابل يجب أن تحترم القانون. فلقد علمت أنها أنجزت شريطين قصيرين، أي أنهم سلموها رخصة تصوير في حين أنها ليست مؤهلة لذلك. وعليها أن تتأهل وفق ما يضبطه القانون. ولي مع السيدة نضال قيقة مشكل آخر وهوأن شريط « استرا « الذي نالت به التانيت البرونزي في أيّام قرطاج السينمائية 2018 وهومن إنتاج الأستاذة درة بوشوشة، هوفي الحقيقة مقتبس عن شريط قصير للمخرج الايرلندي دامين اودنايل وطوله 14 دقيقة. وأريد أن أقول لك إنني سمعت بأن كل من درة بوشوشة ونضال قيقة قد تكونان وجهتا لوما وعذلا وانتقادات الى بعض الزملاء متهمتين إياهم بأنهم هم الذين أبلغوا علي العبيدي بالاقتباس. إذ حسب ما قيل على لسانهما أن علي العبيدي جاهل وليس له اطلاع كاف يجعله يطلع على فيلم ايرلندي. وإن صح هذا الكلام أعلم السيدتين أني منذ سن الثامنة لم أنقطع عن مشاهدة الأفلام وقراءة الكتب. وبالتالي أدعوهما الى ترك أساليب التهديد. وكأن "البلاد على قرونهما الأربعة". بصراحة كيف تفطنت الى الفيلم الايرلندي مصدر الاقتباس مثلما تقول ؟ بفضل الفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني التي تعود علاقتي بها، الى جانب بعض الفنانين المصريين، الى سنة 1971 عندما جاءت الى تونس لتصوير فيلم « الحب الضائع « مع المرحوم علي بن عياد … بفضل هذه العلاقة التي تواصلت سنوات منذ أن كنت طالبا في رومانيا، واكتسبت علاقات أخرى مع زملاء مصريين من أصدقاء الراحلة. وفي 2017 اتصل بي بعض هؤلاء لبرمجة مهرجان السينما والصحة في تونس بعد أن أنجزوه في مصر فأرشدتهم الى الحمامات. وهناك شاهدت كثيرا من الأفلام ذات الصلة بالصحة. وكان من ضمنها الشريط الايرلندي « How Was Your Day « ( كيف كان يومك ). ورغم أن نجيب عياد حرمني من متابعة أيّام قرطاج السينمائية لمدة عامين، فقد استطعت أن أطلع على ملخصات أفلام الدورة الأخيرة. وعندما قرأت ملخص شريط « استرا « وجدت أنه نفس ملخص الفيلم الايرلندي. وراسلت وقتها المديرة العامة لمركز السينما والصورة. وطلبت منها تمكيني من مشاهدة فيلم « استرا « فرفضت. وأمام إلحاحي واستشهادي بالقانون الذي يمنحني حق المشاهدة، مكنتني من رؤية الفيلم. فثبت لي علميا أنه مقتبس عن الشريط الايرلندي. ففن الدراما كما هومعروف يرتكز على معطيين أساسيين هما الشخصية والفعل أما الباقي فهي زخارف أسلوبية. والشخصيات المحورية في «استرا» هي ثلاث : البنت المعوقة والأم والأب وهي نفس الشخصيات المحورية في الفيلم الايرلندي. أما الفعل وهورفض الأم، على عكس الأب، لإعاقة ابنتها فهوكذلك نفسه في الفيلمين، علما أن تاريخ إنتاج الفيلم الايرلندي سابق لتاريخ الفيلم التونسي. إذن الاقتباس حسب رأيي واضح ورفضه سواء من المخرجة أو المنتجة يحيل مباشرة الى أوصاف أخرى أتعفف شخصيا عن نعتها … تحدثت عن تجاوزات وتواطؤ بين الإدارة وبعض السينمائيين، كيف تلخص مشاكل قطاع السينما ؟ الفساد والإفساد، اللذان تراكما على مدى ثلاثين سنة. والأستاذ محمد زين العابدين ليس محظوظا. فهومعروف بنظافة اليد وبفضله أنقذنا مدينة الثقافة سواء قبل 14 جانفي 2011 أوبعدها. ولكن المفسدين نافذون كالأخطبوط. وأنا أعترف بأنه ليست لي نصيحة أو حل أقدمه له، وربي يصبرو…