دكتور دفعته إلى السياسة أنوار التفوّق العلمي. وفي السياسة عوّل على منهجية العالم وحكمة العلم ليتسلق السلّم درجة... درجة.. ومع كل درجة كان يزداد تألقا حتى جاءته الوزارة وطلبته المسؤوليات العليا. المسؤولية في قاموسه تكليف. والسلطة عنده أمانة. ولأنه متشبّع بروح المسؤولية وبشرف الأمانة فقد ظلّ متمنّعا... تأتيه السلطة مهرولة فيقبل عليها متأنيا. تغازله الكراسي والمناصب فلا يكاد يلقي لها بالا إلا حين تقترن بنداء الواجب... وبروح الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة... تطارده الوزارة فلا يتوقف لالتقاطها إلا حين تكون عنوانا لمعركة وطنية ولرهان مقدس... وأية معركة أقدس من معركتنا ضد الإرهاب وأي رهان أعظم من التطوّع لخدمة أمن تونس واستقرارها... إنه السيد عبد الكريم الزبيدي (وزير الدفاع الوطني) الذي يصحّ فيه وصف السياسي الزاهد والزهد هنا بمعنى التعفّف.. وبمعنى النأي بالنفس عن تهافت وتكالب الساسة وعن شطحات الدائرين في فلك السياسة.. أما في مجالات الفعل والتأثير فإنه يصبح عنوانا للثقة في النفس وللاقتدار... كيف لا وهو الناجح أبدا... المتألّق حيثما مرّ من مجالات البحث العلمي وتشعّبها إلى مجال الصحة وشعابها إلى مجال الدفاع الوطني وحجم الرهان وقدسية المهمة والبلاد تنخرط في حرب ضروس على الإرهاب. حرب يخوضها السيد عبد الكريم الزبيدي متشبعا بحب الراية الوطنية ومندفعا لإعلائها... متسلحا بإيمان جندي يدرك أنه المنتصر في ساحة الوغى.. وبأن خياره إما النصر أو النصر... لذلك يمضي مركّزا على مسؤوليته وعلى كل ما يسهّل النهوض بها بدءا من العناية بالظروف المادية والمعنوية لمنتسبي جيشنا الوطني ووصولا إلى تأمين أفضل التجهيزات وأنجع الأسلحة في وقت تشحّ فيه موارد الدولة وتزداد ضغوط الواقع وضرورات إكمال المهمة. *** وزير الدفاع بوصلته ثابتة وحتى حين ينخرط الساسة في صراعاتهم الهامشية وحتى العبثية وينسون أن تحدي الإرهاب ماثل هناك في الجبال وحتى بيننا يتربص بنا ويتحيّن غفلتنا ليغرس مخالبه في أمن البلاد والعباد ويصطاد بعضا منا وشبابا أعزاء على أهاليهم وعلى مؤسستهم العسكرية وعلى الوطن.. حتى في تلك اللحظات يظلّ وفيّا لبوصلته، ويظل متمسّكا بالتحرّك نحو تحقيق الهدف.. والهدف هنا إجهاض عملية إرهابية هنا واستباق هناك وعين ساهرة على أمن البلاد في الداخل وعلى الحدود. وحين يكثر لغط السياسيين وتأخذهم حمّى التجاذبات والصراعات السياسيوية والمعارك العبثية فإنه لا يتردّد في دق ناقوس الخطر لإعادة الجميع إلى الجادة وجعلهم يتمثلون مخاطر وانعكاسات صراعاتهم على أمن البلاد والعباد... مؤخرا أعلنها مدوية إثر اشرافه على موكب تأبين شهيدين للمؤسسة العسكرية: المناكفات السياسية التي لا تنتهي تؤدي إلى حدوث انخرامات ينفذ منها الارهابيون لتوجيه سهام حقدهم إلى جسد الوطن.. وأن الشعب سوف يحاسب كل من يستهتر بأمنه وباستقراره. هذا دون نسيان الرسائل المشفرة والمفتوحة التي دأب على توجيهها من أعلى منبر مجلس النواب أو في مداخلاته الاعلامية القليلة ولكن الجريئة لينبّه من خلالها إلى جسامة التضحيات التي يقدمها أبناء المؤسسة العسكرية والتي يستحقون مقابلها على الأقل التفاف الطبقة السياسية وانتباهها إلى ضرورة تأمين وتحصين الجبهة الداخلية. *** عبد الكريم الزبيدي السياسي الزاهد.. والجندي المتحفّز على الدوام لإعلاء الراية الوطنية من كل منصب يتولاه ومن كل مسؤولية يتبوّؤها.. رجل متسلح بروح الانتماء إلى هذه الأرض الطيبة ومتشبع بتواضع العلماء وبتفانيهم وبانحيازهم لأساليب العمل المنهجية والمنظمة.. لذلك ظلت المسؤولية تلاحقه والوزارات تطلبه.. وظل النجاح يرافقه حيثما حل... وفوق كل هذا فإن في الرجل بذرة وطنية طيبة... بذرة تجعله مسكونا بشرف الأمانة والمسؤولية... أمانة اختزلها ورغم مشواره الطويل مع المسؤوليات التي تولاها في مروره الدقيق على رأس وزارة الدفاع في تلك المرحلة الحساسة من تاريخ تونس إثر سقوط النظام السابق.. وحين تسأله اليوم عن أقرب فترات المسؤولية إلى قلبه يجيب بلا تحفظ «تلك الفترة الممتدة بين 2011 و2013 على رأس وزارة الدفاع الوطني... طبعا دون نسيان هذه الفترة الجديدة التي يقضيها على رأس وزارة الدفاع الوطني... *** عبد الكريم الزيبدي رجل من طينة السياسيين المتعففين الزاهدين، الصادقين الذين لا تصادفهم كل يوم.. صفات نتمنى لو أن سياسيينا يقبلون على اكتسابها ويتهافتون عليها تهافتهم على الكراسي والمناصب والمغانم... وأن نرى المتشبعين بها يتقدمون صفوف المترشحين إلى المناصب العليا في الدولة. الزبيدي في سطور * ولد عبد الكريم الزبيدي يوم 25 جوان 1950، بمدينة رجيش من ولاية المهدية. * متحصل على دبلوم الدراسات والبحوث في البيولوجيا البشرية ودبلوم الدراسات المعمقة في الفيزيولوجيا البشرية والأستاذية في العلوم الصيدلانية البشرية والأستاذية في الفيزيولوجيا البشرية والاستكشاف الوظيفي وشهادة الدكتوراه في الطب. * عمل كأستاذ استشفائي جامعي بكلية الطب بسوسة منذ سنة 1987 فرئيس قسم الاستكشاف الوظيفي بمستشفى «فرحات حشاد» بسوسة من 1990 إلى سنة 1999، قبل أن يكلف بمهمة في بعثات خبراء لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة منذ 1992 في مجال «التطبيقات الطبية للطاقة الذرية» بعديد البلدان. * عين وزيرا للدفاع الوطني في حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة من 27 جانفي 2011 إلى 13 مارس 2013. * في 12 سبتمبر 2017 عيّن ثانية وزيرا للدفاع في حكومة يوسف الشاهد