عاد الحديث عن «الشريعة الإسلامية» و«التكفير» و«التجارة بالدين» إلى النقاشات في البرلمان بسبب فصل يتعلق بمشروع القانون الأساسي للميزانية الذي يحدد آليات صياغة الميزانيات. تونس الشروق: مشادات كلامية وتوتر كبير في البرلمان بسبب ما يُسمى «النوع الاجتماعي» وهي عبارة تضمنها الفصل 18 من القانون الأساسي للميزانية ،تسبّبت في تراشق بالتهم بين نواب حركة النهضة وعدد من النواب الآخرين. المثلية الجنسية العبارة وردت في الفقرة الأخيرة من الفصل 18 من القانون الأساسي للميزانية الذي يناقشه البرلمان منذ فترة ، وتقدمت كتلة حركة النهضة بمقترح تعديل لهذا الفصل وحذفها ، ينص على استبدال هذه العبارة بتركيب آخر وهو «اعتماد مقاربة تضمن وتحقق المساواة بين الجنسين» ،هذا المقترح دافع عنه نائب حركة النهضة الهادي براهم الذي اعتبر ان عبارة «النوع الاجتماعي» فيها بعد سياسي ،مشيرا الى ان هيئة الأممالمتحدة قالت ان هذا المصطلح لا يتضمن تعبيرا عن المساواة بين الجنسين بل فيه حديث عن «المثلية الجنسية» بين النساء والرجال. وشدد على انه مفهوم غير واقعي ولا يتماشى مع ما يريده الشعب التونسي. مؤكدا انه وقع حذفه من قانون العنف ضد المرأة ومن قانون الجماعات المحلية. تقنيات حسابية أما نائبة كتلة الائتلاف الوطني ،ليلى حمروني فشددت على انه تم تكوين ورشة عمل تم خلالها تقريب وجهات النظر حول هذا المفهوم الذي ينص على جندرة الميزانية , مشيرة الى انه مفهوم اقتصادي متفق عليه في كل العالم ، وقالت ليلى الحمروني انه يدخل في سياق التقنيات الحسابية وليست له أي علاقة مع المثلية الجنسية. أما نائلة حزب التيار الديمقراطي ،سامية عبو فشددت على ان التوتر الحاصل في البرلمان بسبب هذا المصطلح سببه الأساسي وجود حزب في البرلمان يريد المتاجرة بالدين للوصول الى الانتخابات بأي ثمن .. وأثارت مداخلة سامية عبو استنكار نواب النهضة مما تسبّب في توتر داخل الجلسة العامة. نائب حزب حركة النهضة الحبيب خضر أكّد خلال مداخلته أن مفهوم «النوع الاجتماعي» سمعته سيئة ومشبوهة ، وشدد على أنه من الأفضل استعمال مفاهيم وردت في الدستور التونسي ، لكن بعض النواب رفضوا ما تضمنه الدستور ، في حين قال رئيس كتلة الائتلاف الوطني مصطفى بن احمد ان «النوع الاجتماعي» و«الجندرة» يقصد بها المساواة بين الجنسين ،ولا يجب حشر المثلية الجنسية فيها. السلفية الجهادية أما رئيس كتلة الجبهة الشعبية احمد الصديق ، فرد على مداخلة النائب الحبيب خضر ، معتبرا انه حرّض على زملائه النواب ، وانزلق الى مفاهيم خاطئة ودعاية سياسية رخيصة مرفوضة , وطالبه بالاعتذار ..كما أشار الصديق الى ان النهضة تتاجر بالدين ,معتبرا ان النقاش في البرلمان أعاد الى الاذهان حقيقة حركة النهضة وأعاد خطاب الشريعة الإسلامية والتكفير ..واعتبر ان ما تقوله النهضة خطاب يشبه خطاب روابط حماية الثورة والسلفية الجهادية. «جهل النهضة» بعد مداخلة احمد الصديق ، تدخّل نائب كتلة حركة النهضة عبد اللطيف المكي ، وقال ان الشعب التونسي له بُعد أخلاقي عميق ، وهناك من يريد الدفاع عن البعد ومن حقه التعبير عن ذلك ورفض مفهوم «النوع الاجتماعي» . مداخلة المكّي أثارت استياء عدد كبير من النواب، وردت عليها نائبة حزب آفاق تونس ريم محجوب بالقول إنه من المعيب اتهام النواب بالتشريع لنصوص لاأخلاقية ، وشددت على ان البرلمان يكتب نصوصا تشريعية وليست أخلاقية ، ووجهت خطابها الى كتلة حركة النهضة قائلة «جهلهم يدفعهم لقول ذلك». القرآن والشريعة سلسلة التدخلات تم اختتامها بكلمة لنائبة كتلة الائتلاف بشرى بالحاج حميدة التي قالت ان استعمال «المنطق الأخلاقي» يقلقها بشكل كبير ، مشيرة الى ان الدولة مطالبة باحترام الحريات الفردية وشددت على انه بعد المصادقة على الدستور التونسي لا يمكن الحديث عن ملفين ، الأول يتضمن كل ما يقال عن الجانب الاخلاقوي , والثاني يتعلق بالحديث عن الشريعة والقرآن. سلسلة المداخلات هذه ، منها ما كان قبل التصويت على الفصل ومنها ما كان بعده ، لكن كل ما قيل لم يمنع من اسقاط كل المقترحات التعديلية المتعلقة بالفقرة الأخيرة من الفصل 18 ، وامتدت سلسلة الاسقاط لتشمل الفصل برمّته حيث لم يتمكن من الحصول الا على 53 صوتا فقط وهو ما تسبّب في سقوطه. ينص الفصل 18 من القانون الأساسي للميزانية على أن «يوزّع قانون المالية الاعتمادات المرصودة لنفقات ميزانية الدولة حسب مهمات وبرامج. تحتوي المهمة على مجموعة برامج تساهم في تحقيق سياسات عمومية محدّدة، وتشمل جملة الاعتمادات الموضوعة على ذمة كل رئيس إدارة مهمّة. يمثل البرنامج سياسة عمومية محددة راجعة بالنظر إلى نفس المهمة، ويشمل مجموعة متجانسة من البرامج الفرعية والأنشطة التي تساهم بصفة مباشرة في تحقيق أهداف السياسة العمومية للبرنامج. يسهر رئيس البرنامج على اعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في تحديد الأهداف والمؤشرات.»