من يقول « بريشت «، الكاتب الألماني الشهير، يقول « أوبرا القروش الثلاثة «، وهي المسرحية الأكثر اقتباسا و ترجمة في الأدب و المسرح العربيين . لم يؤثر كاتب في المسرح الألماني مثلما فعل برتولت بريشت، ولم يجدد أحد في المسرحيات الألمانية شكلا وموضوعا مثلما فعل رائد المسرح الملحمي.و لم ينحصر تأثير بريشت على المنطقة الألمانية فحسب، إذ ترجمت أعماله إلى معظم لغات العالم، وكان خلال الأربعينات والخمسينات من أكثر الكتاب حضورا على خشبة المسرح العالمي. كما كان بريشت - المعروف عربيا ب»بريخت» - حاضرا بقوة في العالم العربي خلال ستينات القرن الماضي. آنذاك انتشرت ما يشبه «حمى بريشت» في أنحاء المنطقة العربية، فأصابت أكثر من مترجم تنافسوا على نقل عدد كبير من مسرحياته، مثل «الاستثناء والقاعدة» و»دائرة الطباشير القوقازية» و»الأم شجاعة» و»غاليليو». أما مسرحية «أوبرا القروش الثلاثة» فقد تم اقتباسها في كل المسارح العربية تقريبا . ولد برتولت بريشت سنة 1898 في مدينة أوجسبورج. درس الطب في ميونخ, وعمل في مسرح كارل فالنتين. وفي عام 1922 حصل بريشت على جائزة كلايست عن أول أعماله المسرحية. و في سنة 1924ذهب إلى برلين, حيث عمل مخرجا مسرحيا. وهناك اخرج العديد من مسرحياته. وفي عام 1933 بعد استيلاء هتلر على السطة في ألمانيا، هرب إلى الدانمارك ثم إلى سانتا مونيكا في كاليفورنيا بأمريكا. وهناك في أمريكا لم يكن بريشت راضيا عن الأوضاع الاجتماعية والأخلاقية في هذا البلد . وفي عام 1947 حوكم برتولت بريشت في واشنطن, بسبب قيامه بتصرفات غير أمريكية. وفي عام 1948 عاد إلى ألمانيا, ولكن لم يسمح له بدخول ألمانيا الغربية, فذهب إلى ألمانيا الشرقية, حيث تولى هناك في برلين الشرقية إدارة المسرح الألماني ثم أسس في عام 1949 مسرح «برلين انسامبل». وحصل عام 1954 على جائزة ستالين للسلام. وقد أثر مسرح «برلينر إنسامبل» على المسرح الألماني في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية, وظل بريشت يعمل في هذا المسرح حتى وفاته في عام 1956. من أشهر نظريات بريشت في المسرح، هدم الجدار الرابع ويقصد به جعل المشاهد مشاركا في العمل المسرحي . والجدار الرابع معناه أن خشبة المسرح التي يقف عليها الممثلون , ويقومون بأدوارهم، هي تشبه غرفة من ثلاثة جدران, والجدار الرابع هو جدار وهمي وهو الذي يقابل الجمهور . كما تميز بريشت باسلوب التغريب، ويقصد به تغريب الأحداث اليومية العادية, أي جعلها غريبة ومثيرة للدهشة، اضافة الى مزجه بين الوعظ والتسلية في المسرح، أو بين التحريض السياسي وبين السخرية الكوميدية.