مازلت أذكر أن أحد ولاّة الشمال الغربي كانت له عشيقة في عين دراهم. حيث كان له مسكن على ملك المجلس الجهوي لولايته يؤمّه للراحة والاستجمام قضى فيه ليلة حمراء في حضن العشيقة. وفي ساعة متأخرة من الليل همّ بالرجوع إلى مقر ولايته. حيث يسكن وهو ثمل مخمور يرى الديك حمارا. تعطلت سيارته فتركها وسلك الطريق مترجلا في أدغال الغابة إلى أن توقفت بجانبه شاحنة 404 خردة على ملك أحد حراس الغابات الذي اتفق مع الوالي على إيصاله إلى المدينة المقصودة بمقابل. وظن السائق أن الرجل الذي كان يرتدي «جبّة خمري وحذاء أبيض» هو طبال كان يحيي حفل زفاف في إحدى القرى الغابية المجاورة للطريق وهو ما حدا به أن يطلب من الوالي أن يغني له أغنية «بابور اللي هز رقية» لتقصير الطريق. ولكن الوالي يئن سكران ولا يجيبه. وكان السائق يلح عليه ويكيل له من الكلام البذيء كيلا وفيرا سبّا وشتيمة فيه وفي «الطبالة والزكارة» جميعا. وعند الوصول إلى المدينة المقصودة كان الوالي يوجه السائق إلى أن وصل إلى مدخل مقر الولاية. عندها أمر الوالي صاحب الشاحنة بالدخول إلى الولاية إلاّ أن السائق هاج غاضبا ظنا منه أن طباله «حكمت له السكرة» بالتطاول على مقر السلطة ومركز السيادة مما جعله يحاول إنزاله بالقوة. ولكن الوالي كان مصرّا على الدخول به. فأطلق السائق عقيرته بالصياح سبّا وشتائم لطبّاله السكران وفجأة يصل عون الأمن المكلف بحراسة باب الولاية. وما إن رأى الوالي حتى استقام واقفا محييّا الوالي بالقول: «تحياتي سيدي الوالي وإذا بصاحب الشاحنة يترك شاحنته في حالة اشتغال ويطلق ساقيه للريح هاربا من مغبة عقابه على ما اقترفه معه. فتحامل الوالي على نفسه. وأمر بالاتيان بالهارب توّا. وكان الأمر مقضيا فسلمه أجرته كاملة. وهو يقول له «مخلّي الكرهبة ومروّح في البابور اللي هز رقية». ما كنت لأعود إلى هذه الحادثة لولا إحساسي بأن بابور رقية يحملنا اليوم جميعا إلى حيث لا ندري والسلطة سكرانة.