من كل شبر وكل حارة في غزة الصابرة وفي الضفة الغربية الصامدة تنبعث رائحة شواء اللحم البشري.. وتتفنّن آلة الحرب الصهيونية في زرع الموت والرّعب والدمار.. وتتكدّس طوابير الشهداء ويصبح بني البشر مجرّد أرقام تضاف في سجلات المستشفيات.. عشرة شهداء.. عشرون.. خمسون.. مائة.. ألف.. ويتضاعف الرقم الى عشرات الآلاف على مدى سنوات المأساة.. ويلوذ المجتمع الدولي بالفرجة وكأن ما يجري يحصل على ظهر كوكب آخر.. وتخرس أفواه المتشدّقين بالقيم الانسانية وبحقوق الإنسان وتضيع أصواتهم في سوق الانتهازية والجبن والمصالح.. ويمضي السفاح شارون، المتعطّش أبدا للدّم الفلسطيني ليواصل رحلة القتل والتدمير وقد تلقى مباركة البيت الأبيض وتوّج رجل سلام وجزءا مما تسميها أمريكا «حربها على الإرهاب».. وأمريكا هذه لا تختلف عن شارون في شيء.. بل ولعلها تبدي حماسا وتفانيا منقطعي النظير حتى يظهر «أساتذة» البيت الأبيض أنهم المتفوقون دائما على «تلاميذهم الصهاينة».. فمن الفلوجة الى الرمادي الى سامرّاء ومدينة الصدر تجد آلة القتل والغطرسة الأمريكية في توزيع الموت والدمار على أبناء العراق الصامدين الصابرين.. وبنفس الحقد الأعمى وبنفس الشعارات الواهية تتصاعد حملات التقتيل.. ولنفس الاعتبارات يتعاظم الصمت، صمت المشترك في الجريمة.. ومن فلسطينالمحتلة الى العراق المحتل تتكرّر نفس المشاهد ويقصف المدنيون وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها.. ومن هنا الى هناك تعاد اسطوانة «مقاومة الارهاب» الممجوجة والمشروخة.. ومن القدس إلى بغداد يولد الانسان العربي الجديد المصمّم على دحر الاحتلال واستعادة حريته وسيادته.. كلما ازداد حقد آلتي الحرب الأمريكية والصهيونية كلما كبرت الارادة وتعاظم التصميم.. وكلّما ارتفعت عبارة: صمتا إنهم يقتلون.. ردّ الشرفاء في العراق وفلسطين صمتا إننا صامدون.. صامدون حتى التحرير والنصر..