تعتبر ولاية باجة ولاية فلاحية بالأساس من خلال مساهمتها ب30 بالمائة من الإنتاج الوطني للحبوب على مساحة 198300 هكتار منها 139000 للحبوب و42600 أعلاف و13300 بقول و3400 هكتار للزراعات الصناعية . باجة (الشروق) هذه المساحات تشهد في السنوات الأخيرة تراجعا بعد تحول اهتمام الفلاح من الزراعات الكبرى إلى غراسة الزياتين خصوصا والأشجار المثمرة عموما ولئن كان التراجع على المستوى الوطني بحوالي 500ألف هكتار ما بين سنتي 2004 و 2017 فإن نصيب ولاية باجة من هذا التراجع سيتضاعف إذا بقيت منظومة الزراعات الكبرى على حالها وخاصة في الخماسية الأخيرة أما أسباب التراجع فهي عديدة ومتنوعة . سفيان حسني أكد أنه كفلاح بولاية باجة ينوي القطع مع زراعة القمح والتوجه نحو غراسة الزياتين والأشجار المثمرة باعتبار أن زراعة الحبوب تكلفه اليوم خسارة بحوالي 30 بالمائة من رأس المال في غياب دعم استراتيجي للكلفة التي في تزايد جنوني من الضعف إلى ثلاثة أضعاف والمازوط تضاعف 4 مرات وفي المقابل لم يرتفع سعر القنطار عند تسليمه لمجامع الحبوب سوى خمسة دنانير . بذور مغشوشة و«أمونيتر» متحجر خليفة الشابي أحد فلاحي باجة الشمالية أكد ل«الشروق» أن أغلب الفلاحين يتجهون نحو غراسة الزياتين بدل الحبوب ف»القمح ماعادش يخلّص» على حد تعبيره قنطار البذور يشترى ب140 دينارا والفلاح يبيع المنتوج ب65 دينارا للقنطار الواحد، وبالتالي يكون العزوف هو النتيجة وهو ما يلحق اضرارا بالدولة وبالدورة الاقتصادية ... الفلاح يريد استراتيجية واضحة وهامشا من الربح ليقبل على زراعة الحبوب وهو ما تتجاهله وزارة الإشراف... البذور اليوم «مغشوشة» ومردوديتها دون المأمول , الفسفاط غير متوفر في الأوقات المناسبة و»الأمونيتر» متحجر والدولة توفره بأثمان باهظة . أدوية تغذي الأعشاب بدل القضاء عليها السيد محمد علي الوشتاتي وعلى غرار سابقيه يؤكد عجزه التام عن مواصلة المشوار مع زراعة القمح الذي باتت خسارته أكبر من ربحه مضيفا أن أسعار الأدوية انتقلت من 60 إلى 180 دينارا وأكثر مع انعدام الجدوى فنحن نرش الدواء للقضاء على الأعشاب الطفيلية وهي في تنام مذهل وكأننا نغذي هذه «الحشائش» بدل إزالتها بالأدوية فكيف إذا لا ينصرف اهتمام الفلاح إلى الزياتين والأشجار المثمرة والتي تدر أرباحا غير التي يوفرها القمح وحسب محدثنا فإن العديد من الفلاحين قد انطلقوا في تحليل تربة أراضيهم لاختيار المناسب من المغروسات 100 ألف عود زيتون يوزع مجانا وسام السلاوتي فلاح بتبرسق أكد أن 35 بالمائة من الأراضي الجبلية بمعتمدية تبرسق صالحة لزراعة الحبوب وذات مردودية مرتفعة ومع ذلك فإن عديد الفلاحين اتجهوا نحو غراسة الزياتين خاصة وأن تكلفة الحبوب مرتفعة بالإضافة إلى تمتع الفلاحين بالمعتمدية ب10 الاف عود زيتون توزع مجانا فضلا عن تزويد الولاية مجانا بما بين 70 و100 ألف من هذه الأعواد ,ومن خلال معرفته وقربه من فلاحي الجهة فقد أكد محدثنا أن أكبر دليل على توجه الفلاح إلى الزياتين بدل الحبوب هو ارتفاع سعر الهكتار بالمنطقة بشكل كبير من خلال صفقتين أو ثلاث تمت مؤخرا بالمنطقة رئيس اتحاد الفلاحين يوضح أكد محدثنا في سياق التحقيق أنه ورغم المؤشرات الإيجابية والأمطار التي نزلت في الوقت المناسب من الموسم الفلاحي الحالي إلا أن الإحصائيات تؤكد تراجع المساحات المغروسة حبوبا بالولاية... فحسابيا القمح اليوم لا يغطي المصاريف , وقد كانت للاتحاد الجهوي جلسات متتالية مع رئيس الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري ومع كل الفاعلين والمتدخلين في القطاع للتأكيد على أن ثمن قنطار القمح الذي يجنيه الفلاح من بيع منتوجه إذا بقي على حاله فإنه وخلال سنتين أو ثلاث ستتقلص المساحات المخصصة للحبوب إلى النصف وربما إلى الثلث . ومن أسباب العزوف الأخرى أن الأدوية وبالإضافة إلى ارتفاع أثمانها غير مجدية والأمونيتر مفقود وإن وجد فهو متحجر ..أبلغنا الأمر إلى مندوبية الفلاحة وحتى الوزارة لكن الاستجابة ضعيفة جدا .كما أن منظومة الإرشاد الفلاحي تشكو نقصا فادحا في الزاد البشري والوسائل فرئيس خلية الإرشاد الفلاحي ليس له سيارة أو أي وسيلة نقل أخرى ..المرشدون الفلاحيون لهم من الزاد ما ينفع الفلاح لكن تعوزهم الإمكانيات ويمكن الجزم اليوم بأنه لا وجود لإرشاد فلاحي في الميدان . عز الدين شلغاف المدير العام للانتاج الفلاحي بالوزارة قال ان تراجع المساحات المخصصة للحبوب يخص ولايات الشمال فقط وليس تراجعا مفزعا وفق ما يروج له وإذا أردنا الحديث في الموضوع بشكل عام فإن التوجه المسجل على مستوى تونس ككل نحو التوسع في مساحات الأشجار المثمرة والزياتين من الطبيعي أن يكون مرفوقا بالتقليل من المساحات التي كانت موجهة للزراعات الكبرى أو المراعي وأضاف ان المساحة المخصصة للحبوب كانت حوالي 1800ألف هكتار وتراجعت إلى 1200ألف هكتار على امتداد العشريات الأخيرة فمثل هذه الأمور لا تقاس بموسم أو إثنين.. كما أن تشجيع الوزارة على غراسة الزياتين في الشمال كان على أساس غراستها في المرتفعات وبمناطق محددة لأن التغيرات المناخية أكدت أن الشمال ملائم لهذه الغراسات وعلى مساحات معينة وليس على حساب الأراضي المخصصة للزراعات الكبرى