الشروق مكتب الساحل: وضمت الفرقة أكثر من 45 شخصا بين عازفين ومغنين من مختلف الأعمار، أطفال شباب وكهول وشيوخ من الجنسين وكانت رهانا في الظاهر ولكن واقعيا هي عمل مدروس وراءه خبرة في التكوين والتأطير ودراية عميقة بهذه النوعية الموسيقية وحرفية عالية أن يرسخها الأستاذ فتحي بوسنينة في الأطفال والشباب رغم الإغراءات الأخرى المحيطة بهذه الفئة. العرض الذي تم تقديمه تحت عنوان «عبق الأندلس» على الركح كان خير دليل على ذلك ودرْسا تضمّن عدّة رسائل أولها أن المالوف له قاعدة جماهيرية عريضة وله راغبون ومواهب من مختلف الأعمار يقبلون على ممارسته بشغف، فكان هذا العرض عبقا حقيقيا انتشرت رائحته الذكية في أرجاء المسرح فهزت قلوب الحاضرين الذي تابع العديد منهم العرض وقوفا فأصغوا في مواقع الإصغاء وصفقوا أثناءه بحرارة وغنوا في مواضع أخرى على أنغام موسيقى أندلسية كلاسيكية في رحلة انطلقت من تونس ب «وصلة حسين» ثم إلى الجزائر ب «رمل المايا» وصولا إلى المغرب من خلال مقطع «بشرة لنا من المنى» في «راست الذيل» فكانت احتفالية متكاملة بهذه النوعية الموسيقية عكست تقاربا بين موسيقى المالوف وموسيقى الصنعة الجزائرية وموسيقى الآلة المغربية أبدع عازفوها ومغنوها حضورا وأداء وانسجاما. وقد استحق فتحي بوسنينة علامة الامتياز بعد أن نالها عندما كان يقود فرقة جمعية الرشيدية بسوسة والتي تأثرت سلبا بانسحابه منها وتمكن في وقت قياسي من جمع تلامذته الذين غادر جلهم جمعية الرشيدية بسوسة والتحقوا به إضافة إلى إدماج عناصر جديدة انصهروا بسرعة في مشروع بوسنينة الذي يتجاوز المجال الفني ليدخل أعماق الجانب التربوي لإيمانه بأن الفن رسالة وليس تجارة حسب ما أكّده في لقاء ب «الشروق». وأضاف بوسنينة انّ «صفحة الرشيدية طويتها وبدأت في صفحة جديدة فالمالوف لا يقف على أشخاص ولا جمعية، هو رغبة وإبداع وحسن إدارة وتكوين وتأطير وما قدمته الليلة على الركح هو الشيء الذي أردت تقديمه في الرشيدية ولكن لم يتسنّ لي فعله فنحن تحملنا المسؤولية وأنفقنا من أموالنا الخاصة فلا أحد موّلنا وها أنّ النتيجة حصدناها الليلة ولا نزال نسعى إلى تطوير العمل أكثر فأكثر لأن شعارنا الفن الأصيل والذوق الرفيع لا غير، الفن الخالي من الأهداف التجارية».