"وجودنا هذه الليلة على ركح المسرح البلدي بالعاصمة هو استجابة ومباركة لفكرة لمراد الصقلي آمنت بها الهيئة المديرة لجمعية المعهد الرشيدي وعملت على تنفيذها وهي الخروج بالرشيدية من أسوار المدينة العتيقة بتونس لتنفتح على الجهات ولتعطيها فرصة للتعريف بالروايات المتعددة للمالوف التونسي." هذا ما صرح به الفنان الأسعد الزواي مدير فرقة أوتار المدينة ل"الصباح"بعد عرض"من النوى" الذي قدمه مساء الجمعة في إطار الحفلات الشهرية للرشيدية وبرنامج الانفتاح على الجهات في روايتها للمالوف التونسي وتشبيب عازفيه ومردديه وتنويع أصوات الذين يؤدونه للتعريف به والمحافظة عليه وإنقاذه من الاندثار وتهذيبه. وفرقة "أوتار المدينة" التي قدمت العرض تأسست سنة 1996 لتحقيق الإضافة في مجال الموسيقى التونسية والعربية من خلال التجسيم الإبداعي للمكتسب من الأنغام المتأصلة وتعزيزها بإنتاج جديد يلتقي برمته حول الجودة والإبداع، أعضاؤها من خيرة العازفين على المستويين الجهوي والوطني ومطربوها ومطرباتها من صفاقس ومن خارجها يشاركون حسب طبيعة العرض ومقتضياته وقد استمع جمهور المسرح البلدي بالعاصمة في عرض"من النوى" إلى كل من ياسين بالعالية وناديا خالص ونهاد سالم الذين غنوا من كلمات عامر بلغيث وعبد العزيز بن سعد وياسين الملولي وتلحين الأسعد الزواري وعبد العزيز بن عبد الله وأثنى على أدائهم الجمهور وصفق لهم طويلا. حضر الجمهور وتفاعل بالتصفيق الحار علما بان عدد الجمهور الحاضر كان بالفعل مفاجأة سارة ليلتها باعتبار تزامن الحفل مع أول عروض فرقة جمعية قرطاج للمالوف والموسيقى التونسية بقيادة الفنان زياد غرسة من ناحية ومع الحفل الكبير الذي أحيته اكبر واعرق الفرق الموسيقية الملتزمة في شارع الحبيب بورقيبة أمام المسرح البلدي بالعاصمة من ناحية ثانية. وقد سبق لفرقة "أوتار المدينة" ان قدمت عروضا في تونسوصفاقس وقابس والحمامات ومهرجان قرطاج الدولي ك (حوار الأنغام وويا زمان الوصل ورحلة عاشق الفن(سنة1999) ومدار الطرب و سور المدينةوتونس تغني ورحلة عاشق(سنة 2010) كما قدمت عرض"أيام زمان" في افتتاح مهرجان البيئة بالقاهرة سنة2001. أما عرض"من النوى" فهو مخصوص في طبع النوى وفي الطبوع التي يشترك معها في نفس الأجناس انطلق فيه الزواري من الخصوصية المحلية واستقراء الموروث الموسيقي التونسي من حيث هو معطى ينبض بالحياة وأثراه بإضافات جديدة ترجمت ملامح من حياتنا من مراصد مختلفة ماضيا وحاضرا تحدث عنه الأسعد الزواري للصباح فقال:" نحن اليوم سعداء بتمكّننا من إعطاء فكرة عن نتيجة بحوثنا وعملنا من اجل إحياء "دائرة الطبوع " التي بدأنا بها العرض كما قدمنا من التراث التونسي بشرف نوى ومن مالوف صفاقس شغل أصبعين " ويذكر ان"دائرة الطبوع" من كلمات محمود عمار لحنت سنة 1870 واندثرت من الذاكرة الجماعية ولم تدون في التراث الموسيقي الوطني ولم يبق منها إلا بعض المقاطع التي أداها الشيخ محمد بودية في تسجيل خاص احتفظ به الموسيقي إسماعيل اللومي أعاد الزواري تلحينها أخدا بعين الاعتبار ما بقي من رواية بودية. مراد الصقلي:"الحفل ناجح تقنيا" تجربة انفتاح الرشيدية على الجهات وقد بدأت بصفاقس أثلجت صدر الأستاذ مراد الصقلي الذي عبر ل"الصباح" عن رضائه التام عن الحفل واعتبره دليل نجاح اختيارات الهيئة المديرة لجمعية المعهد الرشيدي للموسيقى التونسية قائلا:"ما قدمته فرقة أوتار المدينة الليلة هو بالضبط ما سعينا إليه وخططنا له والحضور الليلة كان شاهدا على عمل غير مسبوق حيث نجح الأسعد في إحياء"دائرة الطبوع " وأضاف إليها وارتقى بها عاليا وحفظها لتونس بعد ان نسيها التونسيون ترديدا وتوثيقا." كما أكد مراد الصقلي مدير الرشيدية ل"الصباح" ان الحفل كان ناجحا تقنيا وان عازفي الصولو أبدعوا في أداء المقطوعات وهم عبير العيادي وقد أدت استخبارا على آلة العود التونسي في طبع الذيل وفراس العربي على آلة الرباب في طبع المزموم وعبد الله العيادي الذي أتحف الجمهور باستخبار على آلة الناي في طبع الأصبعين ونبيل الزواري على آلة الفيولونسيل في طبوع النوى وفريد بن عمر وقد قدم استخبارا على آلة الالتو. اقتراح خصوصيات اللهجة الموسيقية التونسية هذا الحفل هو الثالث في برنامج الرشيدية بعد عرض فرحة لمجموعة رنيم وعنبر الليل لفتحي زغندة وهو أول عروض الجهات التي سيتم قريبا تركيز فروع للرشيدية فيها -بنزرت و صفاقس في افريل القادم- بعد أن أعلن عن تركيز فرع سوسة وقد استجاب تماما لرؤية وتصورات الهيئة المديرة لجمعية المعهد الرشيدي-التي تابع أعضاؤها الحفل- من حيث الاستغناء عن التخت الكبير المتعدد الأعضاء وطغيان عدد الشباب عليه والاكتفاء من كل آلة بواحدة حيث حضر العود التونسي والرباب والناي والقانون وتم التفتح على الكونترباص والتشيلو والكمنجة مما مكن من تنويع الأجراس وقرب المالوف من الجمهور الحاضر وقد كان اغلبه من الشباب الذي وقف وصفق طويلا للأسعد الزواري الذي نحج بكمنجته في دعوة الشباب إلى الاستماع واستساغة خصوصيات اللهجة الموسيقية التونسية. الحفل القادم للرشيدية سيكون يوم 19 افريل وسيحييه الملحن عبد الكريم صحابو بالمسرح البلدي بالعاصمة.