في مِثل هذا اليوم من عام 2004 عاش الشعب التونسي بشِيبه وشَبابه فرحة «جُنونية» على هَامش فوز المنتخب بكأسه الإفريقية الوَحيدة والتي نَتمنّى أن لا تكون الأخيرة. المَشهد كان مُؤثّرا ويُشبه إلى حدّ ما أمواج الفرح التي اجتاحت البلاد عندما ترشّح «الفريق القومي» لمُونديال الأرجنتين سنة 78 بقيادة الشتالي وبن عثمان. إنجاز 14 فيفري 2004 كان فَريدا و»عَظيما» قياسا بالعُقود التي قَضّتها الجماهير التونسية وهي في إنتظار تلك اللّحظة التاريخية والتي بَقيت مَنقوشة بالذَهب على جدران رادس ومَحفورة في وجدان كلّ مواطن أدرك تربّع المنتخب على عرش إفريقيا بفضل جيل بومنيجل وبدرة والجعايدي وحقي والطرابلسي والبوعزيزي والجزيري... و»سَانطوس» الذي «أحب البلاد كما لا يُحبّها أحد» وحتّى الملايين التي قِيل إنه تمّ دفعها لسليل الكرة البرازيلية فإنها «حْلاَلْ» بنسبة ألف بالمائة بالنظر إلى الخَدمات الجَليلة التي قدّمها ل»النسور». كما أن انتماءه لنا كان صَادقا ونَافعا وليس خَاضعا للحسابات «المَشبوهة» مِثلما حصل أثناء «المُخطّط» الفاشل لتجنيس «كُوليبالي» على يد معلول. 15 سنة مَضت على التَتويج بالكأس الإفريقية دون أن تسقط تلك الفرحة الشعبية من ذاكرة الجماهير التونسية التي التحمت آنذاك بمنتخبها ودفعته بالقوّة عن المجد القاري الذي تحقّق بفضل الروح القتالية للاعبين و»التَكتيك» العَالي ل»روجي لومار». هذا فَضلا عن التسيير المُحكم لجامعة حمّودة بن عمّار الذي اشتغل في تناغم وإنسجام مع كلّ الجهات الفَاعلة وفي ذلك عِبرة ل»أشباه المسيرين» الذين خَلفوه في الكرسي. أبطال 2004 ومن مَعهم من جُنود خفاء يستحقون تحية حبّ وتَقدير في إنتظار أن يَستوعب الجِيل الحَالي الدرس ويُضيف الكأس الثانية إسعادا للشّعب وحتى لا يَبقى يوم 14 فيفري مُجرّد ذكرى يستحضرها المحبون والرياضيون ويَتجاهلها المسؤولون الحَاليون لعجزهم عن إنهاء حالة «اليُتم» التي تعيشها كأس 2004. الأمل معقود على الجيل الحالي لمُطاردة اللّقب القاري أثناء الدورة المُقبلة في الملاعب المصرية (بين جوان وجويلية 2019). ولاشك في أن «ألان جيراس» جَاء إلى تونس وهو عارف بأنّه أمام حتمية القَبض على الكأس الإفريقية ليحقّق المجد لمنتخبا ولنفسه خاصّة أن الرجل يعيش أعوامه وربّما أيّامه الأخيرة في عَالم التدريب. ومن المُؤكد أن «جيراس» على دراية أيضا بأن «شَبح» مُواطنه والمدرب الحالي للنّجم «روجي لومار» يُحاصره ولا خَيار أمامه سوى كَسر «عُقدة» الدور ربع النهائي و»اصطياد» اللّقب الغَالي. مدرب المنتخب يُثبّت مساعديه أكدت جامعة الكرة أن مدربنا الوطني الجديد «ألان جيراس» إختار تكريس الإستقرار على التركيبة المُوسّعة للإطار الفني ما يعني أن «الوُجوه القديمة» ستحافظ على مواقعها كما هو شأن المساعد ماهر الكنزاري ومدرب الحراس حمدي القصراوي وهما أكثر المُعاونين جدلا في أوساط المحبين والمُهتمين بشؤون المنتخب. وبالتوازي مع ترسيم الكنزاري والقصراوي سيراهن الفريق على خدمات جلال الهرقلي وفراس بالي في الإعداد البدني فَضلا عن مُبارك الزطال في خطّة مستشار فني مُكلّف بالمتابعة والتَقييم. ويطرح قرار «جيراس» سُؤالا كبيرا وليس بالبريء ويقول نَصّ هذا الاستفسار: هل أن تجديد الثقة في «الحَرس القديم» ناجم عن اقتناعه الراسخ بكفاءتهم أم أنّه ناتج عن الأوامر الفَوقية لرئيس الجامعة وديع الجريء؟ وَمَهما كانت القراءات والتأويلات فإن العِبرة بالنتيجة بما أن الوديات والرسميات المُرتقبة ستكشف للعِيان إذا كانت توجّهات «جيراس» في محلّها أم أنّها مُجانبة للصّواب.