وجاء الدور الان على فنزويلا لتبدأ حرب الاستنزاف بالتوازي مع سياسات التهديد فالتجويع..فالتركيع..وانتهاءا بالاستحواذ.. كل الأسباب والذرائع مهيئة للتدخل في فنزويلا التي شكّلت على مدى سنوات طويلة صداعا مزمنا للولايات المتحدة خاصة في عهد تشافيز، ففنزويلا هي نصل الخنجر اللاتيني الحاد المغروس في خاصرة الغرب والولاياتالمتحدة. وفنزويلا هي صوت الحق الصادح للشعوب المضطهدة وللقضايا الانسانية العادلة كالقضية الفلسطينية ،وللشعب العراقي ايام حصاره والذي كان تشافيز يوما أول من خرق الحصار الجوي المفروض عليه،عدا عن الدعم اللامحدود للجارة الكوبية ،ولشعوب القارة الافريقية،والأهم من كل ذلك أن فنزويلا هي برميل نفط القارة الأمريكية وحيث يسيل النفط يسيل لعاب الولاياتالمتحدة ويدفعها باتجاه التدخل سواءا عاجلا أم أجلا. ولربما هناك سؤال يطرح نفسه عن طول انتظار الادارات الأمريكية وصبرها الواسع على الجموح الفنزويلي الى حد الآن. لعل أول الأسباب اقليمي بحت اي بعلاقة مع الوضع الجيوسياسي لدول امريكا الجنوبية في ظل حكومات كانت الى أمد غير بعيد ذات توجهات سياسية يسارية متناغمة فيما بينها ومناهضة للهيمنة الأمريكية على القارة ،مما شكل حزام أمان لكل دولة في المنطقة من محاولات التدخل الخارجي بما فيها فنزويلا بحيث أن الاعتداء على احدى تلك الدول سيدفع الى مواجهة مع قارة بأكملها تقريبا. الى أن اجتاح اليمين الموالي للغرب سدة الحكم خاصة في أكبر دولتين في أمريكا الجنويية ونقصد البرازيل والأرجنتين. انقسام الصف وحتى ظهور الخلافات البينية فتح الباب على مصراعيه لتطبيق القاعدة الاستعمارية التقليدية (فرق تسد )وهذا ما كان. وبالعودة الى الوضع الفنزويلي فان ثلاثة عوامل ستكون مهمة وحاسمة في الصراع الحالي الدائر هناك. أوﻻهما التحالفات الاستراتيجية لفنزويلا ( إن وجدت) والتي ستشكل دعما سياسيا ،ديبلوماسيا،وحتى عسكريا لها كما حصل في سوريا. وثانيهما موقف الجيش الفنزويلي والتفافه العقائدي حول قيادته. وثالثهما وهو الأهم وعي الشعب الفنزويلي العميق لما يحاك لبلاده من وراء الكواليس، ورفضه تبني المعارضة الحالية كمعارضة وطنية في ظل رفعها لشعارات تمس من استقلالية البلد والقرار الوطني واعتمادها الاستقواء بالقوى الخارجية لفرض أجنداتها المشبوهة. الولاياتالمتحدة تعرف تماما من أين تؤكل الكتف. النفط الفنزويلي ذو مزايا عديدة تتعلق بجودته الفائقة وباحتياطاته الهائلة. ففنزويلا واحدة من ست دول تؤمن نصف احتياجات العالم من البترول، عدا عن أنها على مرمى حجر من الولاياتالأمريكية( 5أيام تحتاجها الناقلات من موانىء فنزويلا الى الموانىء الأمريكية مقارنة ب5 أسابيع من الشرق) دون الحديث عن احتياطات هائلة من الغاز الطبيعي تشكل 30بالمائة من احتياطات النصف الغربي للكرة الأرضية. ورغما عن كل ما ذكر يعيش الشعب الفنزويلي ظروفا معيشية حرجة نتيجة لحصار خانق يستهدف قوته واحتياجاته اليومية بهدف دفعه للقبول بالاملاءات الخارجية. هي لحظة تاريخية حاسمة لمصير فنزويلا تحتم على شعبها أولا أن يستوعب دروس الآخرين المريرة بأن ييمم وجهه صوب الشرق حيث بلاد العرب الذين سلموا مفاتيح خزائنهم وثرواتهم ونفطهم ومصيرهم للغرباء ورغم ذلك لم يسلموا من الحروب والدمار والنزاعات والدسائس. وثانيا ألا يدير وجهه للغرب أملا في شروق للشمس من هناك فمن الغرب لن يتلقى الا صفعة قاسية لا تقل قساوتها عن صفعاتنا العربية ...