لان النزل هي المعول عليها اولا لاستقطاب السياح ولانها ايضا تحملت العبء الاكبر من ازمة القطاع منذ سنة 2011 حاورت «الشروق» رئيس الجامعة التونسية خالد الفخفاخ حول واقع قطاع النزل والسياحة عموما وحاولنا الاستئناس برايه وخبرته حول السبل الكفيلة بانعاش السياحة. لو تضعنا في صورة وضع النزل التونسية ؟ يمكن القول ان الازمة الكبيرة التي اضرت بقطاع السياحة ككل في تونس وبالنزل بدات في الانحسار وشرعت السياحة في استعادة عافيتها والارقام تؤكد ذلك الا انها مازالت بعيدة عن المستوى الذي كانت عليه سنة 2010 وعودة عديد الاسواق السياحية التقليدية الى تونس انقذت القطاع بعض الشيء الا ان وضعيات الفنادق مازالت تحتاج الى اهتمام من طرف وزارة السياحة التي اجتمعنا بوزيرها قبل ايام ووجدنا منه كل التفهم لمتاعب اهل القطاع واعدا بالأخذ بعين الاعتبار توصيات الجامعة التونسية للنزل خاصة من ناحية انقاذ النزل المتعثرة نتيجة استفحال ديونها واقتصار العمل على الفترة الممتدة من مارس الى سبتمبر على اقصى تقدير وهي فترة لا تمكن عائداتها النزل من مجابهة ما عليها من اعباء خاصة انها مطالبة بالرقي بخدماتها لتكون في مستوى تطلعات السياح ليعاودوا القدوم من جديد الى تونس. هل تعتقد ان الحكومة الغارقة في مشاكل مالية رهيبة جراء استفحال عجز الميزانية وتراجع كل المؤشرات قادرة ان تدعم النزل بمنح مالية؟ نحن لا نطالب الدولة بأن تساعدنا ماليا بل نريد منها فقط ان تصغي الى شواغل اهل القطاع ونأمل ان تمنحهم امتيازات جبائية خاصة في مجال الاستثمار والذي ستستفيد منه الدولة بدرجة أولى من خلال العائدات الجبائية والتشغيل وزيادة نسب النمو اذ يجب ان تدرك الحكومة ان النزل وهي المعول عليها الاساسي في استقبال السياح وترغيبهم في معاودة زيارة تونس اذا كانت اقامتهم ممتازة. وكيف كان لقاء الجامعة قبل ايام مع وزير السياحة هل وجدتم منه تفهما؟ لقد كان اللقاء ايجابيا والذي انعقد بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني للجامعة وتمّ خلاله اطلاعه على مشاغل المهنيين لان اصحاب النزل مشاكلهم لا تقف عند الوضعيات المالية لمؤسساتهم بل لهم تصورات مهمة لانعاش السياحة لا بد من اخذها بعين الاعتبار لانهم اهل خبرة ودراية بالميدان وهو ما تفهمه الوزير الذي استمع الى مقترحاتنا في ما يتعلق بمسائل النقل الجوي وديون النزل ونظافة المحيط إلى جانب التطرق إلى موضوع تطوير التكوين السياحي في مختلف المجالات لتحسين الخدمات السياحية اضافة الى مزيد العمل على استقطاب أسواق جديدة وواعدة ومزيد العمل على ترويج الوجهة التونسية السياحية في الأسواق العالمية وتنويع المنتوج السياحي حتى نتمكن جميعا من بلوغ الأهداف المرسومة خلال 2019 والمتمثلة في استقطاب 9 ملايين سائح وتحقيق مداخيل تفوق 5 مليارات دينار. لكن حدث اختلاف بينكم وبين الوزارة حول ارقام العائدات السياحية لسنة 2018 ؟ لا ليس هنالك أي خلاف بل فقط طالبنا بمعرفة الأرقام الصحيحة للسياحة التونسية حتى يكون التقييم صحيحا لان معرفة الأرقام الصحيحة تمكن من معرفة الحجم الحقيقي لهذا القطاع في تونس وهو ما يؤدي إلى التقدم به من خلال تقديم الإمكانيات اللازمة والكافية لمزيد تطويره فالسياحة ليست بعض النزل وبعض وكالات الأسفار بل هي اعمق من ذلك وتتعلق بكل الانشطة التي لها علاقة بالقطاع ان بصورة مباشرة او غير مباشرة. والعائدات السياحية التونسية سنة 2018 التي قدرها الديوان الوطني للسياحة التونسية بنحو 4 مليار دينار تضمنت فقط مداخيل السياح الاوروبيين المحققة بالعملة الصعبة ولا تستجيب الى المعايير الدولية لاحتساب العائدات السياحية المعروفة بنظام « سي أس تي» الذي يضم حزمة مداخيل اخرى يتعين احتسابها والعائدات بلغت سنة 7,2 مليار دينار اذا ما احتسبنا نفقات السياح الجزائريين والليبيين والتونسيين المقيمين بالخارج والذي يدفعون بالدينار التونسي لذلك فاننا نقدر قيمة العائدات السياحية «غير المحتسبة « لسنة 2018 بنحو 3,1 مليار دينار لان الارقام التي قدمها ديوان السياحة اقصت العائدات المحتسبة بالدينار ونفقات التونسيين المقيمين بالخارج وعائدات السياحة الطبية والنقل الجوي والبحري والصناعات التقليدية. وكل هذه العائدات تشكل نظام الاحتساب المعتمد دوليا « سي اس تي» الذي اوصت به المنظمة العالمية للسياحة منذ سنة 2000 لاحتساب المداخيل السياحية وهي تهدف الى قياس الوزن الحقيقي للسياحة في الاقتصاد التونسي. أي خطة ترونها مناسبة لتحقيق الاقلاع السياحي في تونس؟ يمكن القول إن ما تم إقراره الى حد الآن من اجراءات كان مهما وكانت النتائج في سنة 2018 مرضية عموما خاصة بالنسبة الى الأسواق الأوروبية التقليدية منها فرنسا وبريطانيا وسويسرا وألمانيا والسوق الروسية وهي هامة جدا بدورها ومع سير بلادنا بخطوات واثقة نحو استعادة الاستقرار الأمني بشكل كامل فان الانتعاشة ستتدعم اكثر كما أن السياسة الاتصالية مع وكالات الاسفار بالخارج والحديث مع المهنيين العالميين والترويج لتونس أعطى أكله لكن لا بد من تدعيم ذلك بالانفتاح اكثر على اسواق جديدة رغم ان السوق الأوروبية تعد مهمة جدا للنزل ايضا لا بد من التفكير في خارج النزل من خلال ايجاد طرق لتنشيط محيطها لان السائح لا يريد ان يكتفي بالاقامة في النزل فقط بل يريد ان يستكشف البلاد التي يزورها وهنا لا بد من تظافر جهود البلديات في المدن الساحلية وغيرها للعناية اكثر بالنظافة وبالبيئة وحتى الارصفة اذ لا يعقل ان تمتلئ بالسيارات ليسير السائح على الطريق فهذا مخالف لما تربى عليه وينفره من تكرار الزيارة او حتى الخروج من النزل .. الصناعات التقليدية ايضا مهمة لاستقطاب السياح من خلال تطويرها وتوفير المنتجات الاصلية وليس المقلدة لانها موجودة اصلا في بلاده ايضا علينا تفعيل الافكار التي تسعى الى تنويع منتجاتنا السياحية التي هي اساسا حاليا مرتكزة على البحر فلا بد من تنشيط السياحة الصحراوية والسياحة الرياضية والاستشفائية وسياحة المؤتمرات والسياحة البيئية التي تمتلك بلادنا كنوزا ثمينة فيها. لكن السياحة البيئية متوفرة في اماكن بنيتها التحتية متردية وتفتقر الى نزل قادرة على نيل اعجاب السائح؟ يمكن الاستفادة من السياحة البيئية من خلال تركيز ديار للضيافة وليس نزلا بالمعنى التقليدي للكلمة ويمكن دعم ابناء تلك المناطق لانشاء اقامات بسيطة لكن نظيفة وتتوفر فيها اسباب الراحة حتى ينتقل اليها السياح فالامر لا يحتاج الى تمويلات ضخمة بل يحتاج الى افكار خلاقة وفي مدن الشمال الغربي وسليانة وفي الجنوب في توزر وتطاوين وقبلي هنالك منتوج هام ومطلوب من السائح الأجنبي الذي لا يبحث عن البهرج بل يريد فقط دور ضيافة نظيفة ومحترمة تمكنه الاقامة فيها من الاطلاع على عادات جهاتنا وهي عادات ثرية تنال الاعجاب اذا ما تم تسويقها سياحيا وهناك حاليا دور ضيافة باهرة وتزورها شخصيات عالمية شهيرة وهل يمكن تطوير السياحة في ظل مشاكل الخطوط التونسية؟ نحن نسعى الى ان تكون الناقلة الوطنية في مستوى تطلعات السائح ويجب ان تعمل بإمكانيات متطورة وليس بمنظومة عمل قديمة ويجب التأكيد ان تفعيل اتفاقية السماوات المفتوحة لن يضر بالناقلة الوطنية بل يدفعها الى تطوير نفسها وهذه الاتفاقية ستدعم السياحة بقوة لان كلفة تنقل الوافدين الى تونس ستصبح يسيرة وهو ما يزيد في اعدادهم ايضا لا بد من تحسين حركة الملاحة الجوية على المطارات الداخلية التي تمثل نقطة ضعف كبيرة في الوقت الذي كان بإمكانها لعب دور كبير في تنشيط حركة السياحة ومن الممكن فتح المجال امام مستثمرين تونسيين لانشاء شركات في هذا المجال وتحفيز شركة «نوفال آر» مثلا على العمل على الخطوط الداخلية. العائلات التونسية تشتكي غالبا من تهميش الفنادق لها في ذروة الموسم السياحي فهل من تفسير؟ غير صحيح ان العائلات التونسية لا تجد حظها في فنادق بلادها والارقام تششير الى ان عدد الليالي المقضاة من التونسيين ياتي في المرتبة الثانية بعد السياح الروس وايضا لا صحة لما يتم ترويجه من افضلية للسائح الاوربي على السائح الجزائري بل فقط يجب تنظيم المسالة والحجز بصفة مبكرة لانه لا يمكننا ان نلغي حجوزات سابقة لقبول وافدين يأتون في اخر لحظة.