«إنا لله وإنّا إليه راجعون» رحمك الله رحمة واسعة، ورزق أهلك وذويك جميل الصبر والسلوان وأسكنك فراديس الجنان. هي مصيبة كبرى.. هي كارثة هو الألم، وهو الحزن الكبير هي الطامة الكبرى، هي مصيبة يعجز القلم عن التعبير عن هذا المصاب الجلل، وهذا الفراغ الكبير الذي تركته. من أعاتب، من ألوم ومن أسب وأشتم وألعن من تسبب في وفاتك ولو كنت أعرفه لقتلته مثلما قتلوك لقد مت وانتقلت إلى الرفيق الأعلى دون استئذان، وتوفيت دون أن تعلم أيا كان من أهلك وذويك وأقاربك وأصدقائك الذين يعدون بمئات الملايين تاركا اليتامى من عشاقك ومحبيك ومعبوديك وسمّارك وساهري الليالي حتى مطلع الفجر. صحيح أنك مررت بالمراحل التي تسبق الوفاة كالألم والصداع وخضوعك للعمليات الجراحية ثم الاحتضار فالموت دون أن يتفطن أحد لمعاناتك رغم أنه من المستبعد أن يمنعوك من الفراق الأبدي! لكن عندما تأكدت أن لا أحد سيهتم بك وبمرضك فيئست وتمنيت الموت فحصل ذلك دون أن يتأسف أو يحزن أحد من محبيك وعشاقك ودون أن يتقدموا لك بواجب العزاء اعترافا لك بالجميل الذي كنت تقدمه لهم منذ يوم ولادتك! وها إني أقدم لك بعض الأمثلة من الجميل كنت تقدمه للصغير والكبير، للرجل والمرأة والشيخ والعجوز والتلميذ والتلميذة والطالب والمعلم والأستاذ والمحامي والطبيب والعامل والموظف، كنت خير أنيس للجالس بالمقهى والحانة وراكب الحافلة والقطار والمترو والساهر والتاجر والصانع ومتردديك على القاعات التي تحمل الملايين من أنواعك المختلفة من الحجم الصغير والكبير. ومن مختلف لغات العالم و... و... المعذرة فلقد أخطأت عندما قلت لك في البداية أن محبيك وعشاقك من الذين كانوا يستأنسون بوجودك. بل العكس لأنهم لم يعيروا أي اهتمام لوفاتك بل أن جلهم أو كلهم دخلت عندهم طي النسيان، لكن لا إلى الأبد لأنك الميت الحي، ولأنك موجود في كل البيوت وفي كل مكان رغم أنف الجميع وحتى المناسبات والتظاهرات والمعارض التي ينظمونها لك لا تسمن ولا تغني من جوع. لقد عوضتك في رأي الجميع وسائل أخرى متقدمة ومتطورة وهم لا يعرفون أن مضارها أكثر من نفعها، وأنها ستضمحل مع مرور السنوات لتعود لك مكانتك وهل تعلم أن سعرك الذي كان يبلغ العشرات من الدنانير نزل اليوم إلى 500 مليم ودينار في الأسواق والعربات ورغم ذلك لا أحد يهتم بك ويلتفت إليك.. وكنا من قبل نتردد على المكتبات العمومية أكثر من ترددنا على المقاهي وغيرها من الأماكن العمومية. وأذكر على سبيل المثال أنني كنت أطالع تسعين كتابا في العطلة الصيفية أي حسب عدد أيام العطلة من الروايات والقصص القصيرة والطويلة والتاريخ والفلسفة إلخ.. ولست الوحيد الذي كنت أفعل ذلك. وختاما أيها الكتاب المعذرة عن تقديم تعازي في وفاتك لأنها وفاة مؤقتة وإن طال الزمن فلا تحمل هما ولا تحزن فستعود لك مكانتك الرفيعة في كل أنحاء العالم وسيقتنيك محبوبك وعشاقك بأي ثمن مهما ارتفع لأنك ستعود إلى الحياة ولأنه يحيي العظام وهي رميم.