النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    إعداد منير الزوابي .. غيابات بالجملة والبدائل جاهزة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أدب السجن : اخر رسائل القيادي الطلابي عبد الكريم الهاروني

رسالة الأخ عبد الكريم الهاروني , السّجين السّياسي التّونسي المناضل من أجل الحرّيّة وصلت الى عائلته بعد شهر من الزّمن /:


الى أبي الحبيب، الأب الفاضل
و الرّجل المناضل عمر
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الّذي خلقك في أحسن تقويم و أكرمك بزوجة صالحة و أبناء طيّبين و أعزّ ابنك و رفع قدرك بين النّاس.
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة في الذّكرى الخامسة و السّبعين لميلادك المبارك أعادها الله علينا جميعا بكلّ خير.
قال الله تبارك و تعالى:"ألا انّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنزن الّذين آمنوا و كانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدّنيا و في الآخرة ,لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و لا يحزنك قولهم انّ العزّة لله جميعا هو السّميع العليم" صدق الله العظيم
قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:"احفظ الله تجده أمامك تعرّف الى الله في الرّخاء يعرفك في الشّدّة واعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أنّ النّصر مع الصّبر و أنّ الفرج مع الكرب و أنّ مع العسر يسرا"
أبي العزيز:أرجو من الله أن تصلك رسالتي و أنت بخير في صحّة و عافية و معنويّات عالية كما عهدتك خاصّة و أنّي كنت أنتظر زيارتك مع اخوتي الأعزّاء يوم الثّامن من جانفي لنحتفل معا بذكرى ميلادك المبارك و لكن تعذّر ذلك و قد طمأنني اخوتي بأنّك بخير و قد سعدت كثيرا بالهديّة الّتي قدّمها لك أبناؤك بالمناسبة و أنت أهل لكلّ خير فهذا تعبير عن حبّنا و تقديرنا لرجل فاضل و مناضل فنحن عاجزون عن ردّ جميلك و الله ندعو أن يجازيك عنّا كلّ خير في الدّنيا و الآخرة. انّي بشوق للقائك في الزّيارة القادمة ان شاء الله و بشوق أكبر للعودة الى جانبك في بيتنا لنواصل مسيرتنا معا من أجل حياة حرّة كريمة طيّبة حتّى نكون من الّذين رضي الله عنهم و رضوا عنه و أثبتوا أنّهم أهل لنعمة الله بالحياة و أهل لمحبّة النّاس و تقديرهم و أهل لاحترام الأجيال من بعدهم و الله يوفّقنا لما فيه خيرنا و خير بلادنا. فهنيئا بعيد الميلاد و هنيئا بعيد الاضحى و كلّ عام و كلّ يوم و كلّ ساعة و أنت بخير يا "أبو كريم".
أبي الغالي: و نحن نحتفل بالحياة و نسأل الله أن يطيل عمرك في طاعته من أجل سعادتنا لا يمنعني ذلك بل يزيد من احتفالنا قيمة أن أترحّم على رفيقة دربك و زوجتك الوفيّة المخلصة و أمّي الفاضلة و المناضلة وابنة تونس البارّة فحزننا عليها ثلاثة أيّام أمّا و فاؤنا لها و لذكراها فعلى مرّ الأيّام و في كلّ أحوالنا رحمها الله رحمة واسعة و انّي بهذه المناسبة أحيّيك و أشدّ على يدك لما رأيته منك من صبر جميل على فراقها و حرص كبير على زيارتها كلّ يوم اثر صلاة الصّبح و قبل أيّ عمل :هكذا الله أوّلا و زوجتك ثانيا و الدّنيا و ما فيها ثالثا. ترتيب من رجل مؤمن وفيّ مسؤول و هذا أمر يسعدني و يرفعك مكانة و قدرا بيننا نتعلّم منك الصّبر و الوفاء و الاستمرار في الحياة مهما اعترضنا من مصاعب و محن.أبقاك الله سندا و قدوة حسنة لأبنائك وأحفادك و أهلك وأسعدك بهم جميعا و بعودتي اليكم غانما سالما في أحسن حال
ابي الوفيّ لقد سعدت كثيرا برسالتك في مناسبة تعزّ عليك و عليّ يوم أنعم الله عليّ بالحياة لأجدك تنتظرني بفارغ الصّبر و بحبّ كبير واستعدادا للتّضحية من أجلي واخترت لي اسما من أحسن الأسماء و لم تقصّر يوما في رعايتي أو تتأخّر لحظة عن مساندتي أو تدّخر جهدا في الدّفاع عنّي في أحلك الظّروف و اليوم أجدك تنتظرني بصبر جميل و بحبّ أكبر يوم ينعم الله عليّ بالحرّيّة. ميلاد جديد لحياة جديدة نتعاون فيها على البرّ و التّقوى في وجه الاثم و العدوان و انّي احيّي فيك التّفاؤل الّذي وجدته في رسالتك الجميلة و البليغة فالتّفاؤل من خصال المؤمن الواثق في حكمة الله و رحمته، الواثق في نفسه و الواعي بحقيقة واقعه بعيدا عن الأماني و الأوهام."ولا تيأسوا من روح الله فانّه لا ييأس من روح الله لال القوم الكافرون" و الله أسأل أن يصدّق تفاؤلك في أقرب الآجال و موعدنا الصّبح أليس الصّبح بقريب ؟ كما أكبر فيك و أنت أب حرم من ابنه طيلة خمسة عشر سنة كاملة في قضيّة يعلم الجميع طبيعتها و في محنة تعود جذورها الى أكثر من ربع قرن، أكبر فيك تحرّرك من مشاعر الحقد و الأنانيّة و أنت تتوجّه الى الله عزّ و جلّ لانارة السّبيل أمام بلادنا على طريق المصالحة الحقيقيّة لطيّ صفحة الماضي خدمة لمصلحة البلاد.فهذا الموقف المتسامح و الحكيم و الوطنيّ دليل على أنّ عقلك كبير و صدرك واسع و نظرك بعيد و بذلك تعطي درسا بليغا لكلّ من يقدّم مصلحته الضّيّقة على المصلحة العامّة و تعلم جيّدا يا أبي العزيز انّي رغم السّجن و فقدان العزيزة علينا أمّي رحمها الله فانّي لست حاقدا لأنّ الحقد يعمي عن الحقّ و الحكمة و المصلحة، و انّما أريد اصلاحا يقوم على قاعدة"جميع الحقوق للجميع" و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و عليه فليتوكّل المتوكّلون. لقد تابعت باهتمام ما قلته عن حياتك اليوميّة بما يؤكّد ما أعرفه عنك منذ صغري بانّك رجل منظّم في حياتك و عملك و هذه صفة حسنة تعلّمتها منك و أفادتني كثيرا في حياتي و سجني كما استحسنت حرصك على متابعة أخبار العالم لتبقى دائما في قلب الوطن و الأمّة و العصر و التّاريخ لا على الهامش. مع تحيّاتي و شكري لابنك و صديقك و جليسك أخي المخلص ماهرعلى عنايته براحتك و باخوته و بي على حساب راحته و مصالحه فلا تنس أن تبلّغه تهانيّ الحارّة بذكرى ميلاده أسعده الله في الدّنيا و الآخرة و جازاه عنّا كلّ خير و جعله دائما مثالا حسنا لاخوته و أبناء جيله فيفوز بحبّ الله و حبّ أهله و حبّ النّاس
أبي العزيز: حتّى لا تتشابه الأيّام و الأعمال فانّ مقابلة الأصدقاء و زيارة الأقارب و الذّهاب من حين الى آخر الى مكان جميل و مريح لتجديد النّشاط و التّرفيه في النّفس أمر حيويّ فلا تبخل بذلك عن نفسك فذلك يسعدك و يسعدنا. أوصيك خيرا بأحفادك فهم في حاجة الى حنانك و خبرتك و نصحك خاصّة بعد فقدان جدّتهم رحمها الله، ذرّيّة صالحة لرجل صالح و الله معك يحفظك و يوفّقك و يرعاك و كلّ عام و أنت بخير. أرجوك أن تبلّغ تهانيّ الحارّة لأخي العزيز الياس بمناسبة ذكرى ميلاده المبارك و اعجابي بتربيته و برّه بوالديه و احسانه لاخوته و تضحيته من أجلي أكرمه الله بكلّ خير مع سلام خاصّ لأختي الكبيرة كريمة وفّقها الله لما فيه خيرها و خير أبنائها فسعادتهم هي سعادتنا ومسك الختام بقبلة على جبين أختي المناضلة هندة و السّلام-كريم
الى أخي العزيز
و صديقي الحميم ماهر
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته
قال الله تبارك و تعالى:"اخلفني في قومي و أصلح و لا تتّبع سبيل المفسدين" صدق الله العظيم
كلّ عام و و أنت بصحّة و عافية و خير
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و محلّ ثقتي و تقديري و شكري على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ السّنين و تقلّب الأحوال و تتالي المحن فنّاننا الماهر باليد عزفا و بالقدم لاعبا و باللّسان مرحا فجازاك الله عنّا كلّ الخير.
أخي العزيز: انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و مساعدتك على كلّ ما يسعدك و ردّ بعض جميلك فعسى أن يكون قريبا ان شاء الله.
وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة و السّلام من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك: كريم
*******************************************
الى أخي العزيز
و صديقي الحميم الياس
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته كلّ عام و أنت بصحّة و عافية و خير
قال الله تبارك و تعالى:" و هذا أخي قد منّ الله علينا انّه من يتّق و يصبر فانّ الله لا يضيع أجر المحسنين" صدق الله العظيم
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و أهل ثقتي و تقديري و شكري الجزيل على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ الأيّام و اختلاف الأحوال و تتالي المحن بطلنا الياس باسم الوجه طيّب اللّسان كريم اليد عميق الايمان فجازاك الله عنّا كلّ خير
أخي العزيز انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و ردّ بعض جميلك. وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة
من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك:كريم و السّلام
-----------------------------------------------
رسالة ثانية وصلت الى عائلته أيضا يوم 15 ماي : أي بعد 3 أسابيع من تاريخ كتابتها

06 ربيع الثّاني 1428
23 أفريل 2007
أبي الحبيب
أهلي الكرامر
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الله أكبر، الله أكبر،الله اكبر، انّا لله و انّا اليه راجعون
اللّهمّ اجرنا في مصيبتنا واعقبنا خيرا منها. آمين
انّ القلب ليحزن و انّ العين لتدمع و لا نقول الا ما يرضي ربّنا
رحم الله العزيز علينا الشّاذلي ابن خالي العروسي و زوجته منّوبيّة رحمهما الله رحمة واسعة و جمع بينهم في الجنّة ورزق أهلهم و ذرّيّتهم صبرا جميلا و حياة طيّبة و جعلهم من الصّالحين.
قال الله تبارك و تعالى:"تبارك الّذي بيده الملك و هو على كلّ شئ قدير الّذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا و هو العزيز الغفور" صدق الله العظيم
الحمد لله الّذي وهبنا الحياة و خلقنا في أحسن تقويم و يسّر لنا سبل العيش الكريم بما يحقّق سعادتنا و ينفع النّاس و يرضي الله فنكون في الآخرة برحمة الله من الفائزين" يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم"، سبحانه و تعالى يحيي و يميت و هو الحيّ الّذي لا يموت"لا اله الا هو كلّ شئء هالك الا وجهه له الحكم و اليه ترجعون". اقتضت حكمته أن يكون الأجل بيده وحده حتّى يجتهد الانسان في العبادة و العمل الصّالح و الاقبال على طيّبات الحياة فلا يكون من الغافلين أو المقصّرين أو القاعدين"من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني الى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصّالحين، ولن يؤخّر الله نفسا اذا جاء أجلها و الله خبير بما تعملون". كما اقتضت حكمته أن يكون الموت باذنه وحده حتّى لا يخشى الانسان الا الله و لا يخاف في الحقّ لومة لائم فيعيش حرّا متوكّلا على الله مجتهدا أن يلقى الله و هو في أحسن حال مع نفسه و مع أهله و مع النّاس و مع الله
و ما كان لنفس أن تموت الا باذن الله كتابا مؤجّلا و من يرد ثواب الدّنيا نؤته منها و من يرد ثواب الآخرة"
نؤته منها و سنجزي الشّاكرين". هكذا في موت الآخرين عبرة لنا و تذكرة و موعظة و في حياتنا أمل و عمل و حياة للآخرين. و الله نسأل أن نكون خير خلف لخير سلف و خير سلف لخير خلف. رحم الله موتانا و بارك في احيائنا و أحسن عاقبتنا في الدّنيا و اللآخرة و ختم لنا بحسن الختام" و قل ربّ اغفر وارحم و أنت خير الرّاحمين".
أهلي الأعزّاء: لا شكّ أنّ موت الانسان نبأ عظيم و موت القريب أعظم و موت القريب البعيد أعظم و أعظم لأنّ الّذي فرّق بيننا ليس الموت فقط و انّما الحياة أيضا رغم الصّلة القويّة بيننا، صلة الرّحم و أخوّة الدّين الأمر الّذي جعل حزني على وفاة ابن خالي الشّاذلي رحمه الله مرفوقا بأسف شديد وحسرة عميقة في النّفس لأنّني لم أتشرّف بلقائه و لم أسعد بمخالطته و لم أنعم بصحبته فالأقربون أولى بالمعروف فلا محنة السّجن و لا معاناة الغربة و لا مشاغل الحياة تكفي عذرا لضعف الصّلة بين الأقارب فضلا عن انقطاعها، خاصّة في أيّامنا هذه الّتي تشهد فيها وسائل الاتّصال تطوّرا مذهلا و ما أبرّئ نفسي فأنا أشعر رغم كلّ شئ بتقصير في حقّ كثير من أقاربي و خاصّة أبناء أخوالي و خالاتي و أعمامي و عمّاتي و أستغفر الله على ذلك و أرجو معذرتهم جميعا و الله أسأل أن ييسّر لي حياة الحرّيّة بعد طول سجن فاجتهد في تدارك ما فات و أداء الواجب"وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، صلة للرّحم و تعاونا على البرّ و التّقوى بما يرضي الله و ينفع البلاد و العباد فلا خوف و لا طمع. لذلك و بمناسبة وفاة العزيز علينا ابن خالي الشّاذلي رأيت من واجبي و أنا أبلّغكم تعازيّ الحارّة و دعواتي الصّادقة لفقيدنا رحمه الله بكلّ خير و تمنّياتي الخالصة لكافّة أفراد أسرته الطّيّبة بالصّبر الجميل و الحياة الطّيّبة و السّعادة في الدّنيا و الآخرة، بهذه المناسبة المؤثّرة فانّي أدعوكم أيّها الأهل الطّيّبون و في مقدّمتكم اخوتي الأعزّاء الى الاحسان الى أقاربكم ما استطعتم لذلك سبيلا بمناسبة و بغير مناسبة ففي ذلك خير كثير للجميع في مجتمع يعاني من التّباعد بين الأقارب لأسباب ليس هنا مقام شرحها فاجتهدوا و الله يوفّقكم و يبارك سعيكم و يجعلكم قدوة حسنة للقريب و البعيد من النّاس. و كما علّمنا نبيّنا عليه الصّلاة و السّلام:"الخلق عيال الله و أحبّهم الى الله أنفعهم لعياله".
أهلي الأحبّة فور اعلامي عند الزّيارة بنبىء و فاة فقيدنا رحمه الله توجّهت الى الحيّ الّذي لا يموت بقراءة ختم للقرآن الكريم ترحّما على ابن خالي و قد استحال عليّ حضور جنازته بحكم السّجن و الله أسأل أن ييسّر لي الوقوف على قبره و قراءة الفاتحة ترحّما على روحه الطّاهرة و زيارة قبر خالي العزيز العروسي الّذي لم يحصل لي شرف لقائه في حياتي رحمه الله و قبر زوجة خالي العزيزة منّوبيّة الّتي فقدناها أواخر سنة أربع و ألفين تلك المرأة الطّيّبة الّتي عرفتها و أحببتها لحسن خلقها و حرصها على صلة الرّحم و ما وجدته لدى أمّي رحمها الله من محبّة و تقدير و تبجيل لها كلّما زارتنا في بيتنا و لا أنسى ابن خالي العزيز عزّ الدّين رحمه الله الّذي فقدناه باكرا مطلع السّبعينات و هو في عزّ شبابه و عطائه الرّياضي في صفوف فريق باب الجديد قريبا من مقرّ سكنى العائلة، هذه الفروع الطّيّبة من تلك الأصول الطّيّبة. جدّتنا الغالية عزيزة الّتي اسعدتنا بوجودها بيننا، بحبّها و حنانها و حرصها على سعادتنا ليخلّف فراقها سنة تسع و تسعين حزنا عميقا في نفوسنا و أخيرا جدّي صادق الّذي سبق اليه الأجل قبل ميلادي رحمهما الله و رحم موتى المسلمين و أحيا ذرّيتهم حياة طيّبة فبلّغوا تحيّاتي و تعازيّ للجميع و شوقي للقائهم و هم في أحسن حال و الله أكبر
و السّلام : من كريم
عنوان الأخ عبد الكريم الهاروني في السّجن :
- السّيّد كريم عمر خالد الهاروني رقم 2795-جناح ح 5
السّجن المدني بالمرناقيّة
المرناقيّة 1110
ولاية منّوبة
تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.