عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الكاتب العام السابق لنقابة قوات الأمن..    تراجع رقم أعمال قطاع الاتصالات إلى 325 مليون دينار في أفريل 2025    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الطيب راشد..    عاجل/ الاحتفاظ بمربي نحل من أجل هذه التهمة..    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    جائزة كندا الكبرى للفورمولا-1: البريطاني راسل يتوج باللقب    بعد ترميمه: "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميًا لأول مرة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    قافلة "الصمود": الإفراج عن العديد من المعتقلين والمفاوضات مستمرة لإطلاق سراح البقية    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    دورة المنستير للتنس: معز الشرقي يفوز على عزيز دوقاز ويحر اللقب    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    صاروخ إيراني يصيب مبنى السفارة الأمريكية في تل أبيب..    كأس العالم للأندية: برنامج مواجهات اليوم الإثنين 16 جوان    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    عز الدين عقيل يحذّر من التصعيد: القافلة تحتاج تنسيقًا رسميًا لتجاوز العراقيل    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    باكستان تتعهد بالوقوف خلف مع إيران وتدعو إلى وحدة المسلمين ضد "إسرائيل"    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    الاحتلال يستهدف مقرا للحرس الثوري في طهران    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    اليوم انطلاق مناظرة «السيزيام»    إطلاق خارطة السياسات العمومية للكتاب في العالم العربي يوم 24 جوان 2025 في تونس بمشاركة 30 دار نشر    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من أدب السجن : اخر رسائل القيادي الطلابي عبد الكريم الهاروني

رسالة الأخ عبد الكريم الهاروني , السّجين السّياسي التّونسي المناضل من أجل الحرّيّة وصلت الى عائلته بعد شهر من الزّمن /:


الى أبي الحبيب، الأب الفاضل
و الرّجل المناضل عمر
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته
الحمد لله الّذي خلقك في أحسن تقويم و أكرمك بزوجة صالحة و أبناء طيّبين و أعزّ ابنك و رفع قدرك بين النّاس.
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة في الذّكرى الخامسة و السّبعين لميلادك المبارك أعادها الله علينا جميعا بكلّ خير.
قال الله تبارك و تعالى:"ألا انّ أولياء الله لا خوف عليهم و لا هم يحزنزن الّذين آمنوا و كانوا يتّقون لهم البشرى في الحياة الدّنيا و في الآخرة ,لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم و لا يحزنك قولهم انّ العزّة لله جميعا هو السّميع العليم" صدق الله العظيم
قال رسول الله صلّى الله عليه و سلّم:"احفظ الله تجده أمامك تعرّف الى الله في الرّخاء يعرفك في الشّدّة واعلم أنّ ما أخطأك لم يكن ليصيبك و ما أصابك لم يكن ليخطئك واعلم أنّ النّصر مع الصّبر و أنّ الفرج مع الكرب و أنّ مع العسر يسرا"
أبي العزيز:أرجو من الله أن تصلك رسالتي و أنت بخير في صحّة و عافية و معنويّات عالية كما عهدتك خاصّة و أنّي كنت أنتظر زيارتك مع اخوتي الأعزّاء يوم الثّامن من جانفي لنحتفل معا بذكرى ميلادك المبارك و لكن تعذّر ذلك و قد طمأنني اخوتي بأنّك بخير و قد سعدت كثيرا بالهديّة الّتي قدّمها لك أبناؤك بالمناسبة و أنت أهل لكلّ خير فهذا تعبير عن حبّنا و تقديرنا لرجل فاضل و مناضل فنحن عاجزون عن ردّ جميلك و الله ندعو أن يجازيك عنّا كلّ خير في الدّنيا و الآخرة. انّي بشوق للقائك في الزّيارة القادمة ان شاء الله و بشوق أكبر للعودة الى جانبك في بيتنا لنواصل مسيرتنا معا من أجل حياة حرّة كريمة طيّبة حتّى نكون من الّذين رضي الله عنهم و رضوا عنه و أثبتوا أنّهم أهل لنعمة الله بالحياة و أهل لمحبّة النّاس و تقديرهم و أهل لاحترام الأجيال من بعدهم و الله يوفّقنا لما فيه خيرنا و خير بلادنا. فهنيئا بعيد الميلاد و هنيئا بعيد الاضحى و كلّ عام و كلّ يوم و كلّ ساعة و أنت بخير يا "أبو كريم".
أبي الغالي: و نحن نحتفل بالحياة و نسأل الله أن يطيل عمرك في طاعته من أجل سعادتنا لا يمنعني ذلك بل يزيد من احتفالنا قيمة أن أترحّم على رفيقة دربك و زوجتك الوفيّة المخلصة و أمّي الفاضلة و المناضلة وابنة تونس البارّة فحزننا عليها ثلاثة أيّام أمّا و فاؤنا لها و لذكراها فعلى مرّ الأيّام و في كلّ أحوالنا رحمها الله رحمة واسعة و انّي بهذه المناسبة أحيّيك و أشدّ على يدك لما رأيته منك من صبر جميل على فراقها و حرص كبير على زيارتها كلّ يوم اثر صلاة الصّبح و قبل أيّ عمل :هكذا الله أوّلا و زوجتك ثانيا و الدّنيا و ما فيها ثالثا. ترتيب من رجل مؤمن وفيّ مسؤول و هذا أمر يسعدني و يرفعك مكانة و قدرا بيننا نتعلّم منك الصّبر و الوفاء و الاستمرار في الحياة مهما اعترضنا من مصاعب و محن.أبقاك الله سندا و قدوة حسنة لأبنائك وأحفادك و أهلك وأسعدك بهم جميعا و بعودتي اليكم غانما سالما في أحسن حال
ابي الوفيّ لقد سعدت كثيرا برسالتك في مناسبة تعزّ عليك و عليّ يوم أنعم الله عليّ بالحياة لأجدك تنتظرني بفارغ الصّبر و بحبّ كبير واستعدادا للتّضحية من أجلي واخترت لي اسما من أحسن الأسماء و لم تقصّر يوما في رعايتي أو تتأخّر لحظة عن مساندتي أو تدّخر جهدا في الدّفاع عنّي في أحلك الظّروف و اليوم أجدك تنتظرني بصبر جميل و بحبّ أكبر يوم ينعم الله عليّ بالحرّيّة. ميلاد جديد لحياة جديدة نتعاون فيها على البرّ و التّقوى في وجه الاثم و العدوان و انّي احيّي فيك التّفاؤل الّذي وجدته في رسالتك الجميلة و البليغة فالتّفاؤل من خصال المؤمن الواثق في حكمة الله و رحمته، الواثق في نفسه و الواعي بحقيقة واقعه بعيدا عن الأماني و الأوهام."ولا تيأسوا من روح الله فانّه لا ييأس من روح الله لال القوم الكافرون" و الله أسأل أن يصدّق تفاؤلك في أقرب الآجال و موعدنا الصّبح أليس الصّبح بقريب ؟ كما أكبر فيك و أنت أب حرم من ابنه طيلة خمسة عشر سنة كاملة في قضيّة يعلم الجميع طبيعتها و في محنة تعود جذورها الى أكثر من ربع قرن، أكبر فيك تحرّرك من مشاعر الحقد و الأنانيّة و أنت تتوجّه الى الله عزّ و جلّ لانارة السّبيل أمام بلادنا على طريق المصالحة الحقيقيّة لطيّ صفحة الماضي خدمة لمصلحة البلاد.فهذا الموقف المتسامح و الحكيم و الوطنيّ دليل على أنّ عقلك كبير و صدرك واسع و نظرك بعيد و بذلك تعطي درسا بليغا لكلّ من يقدّم مصلحته الضّيّقة على المصلحة العامّة و تعلم جيّدا يا أبي العزيز انّي رغم السّجن و فقدان العزيزة علينا أمّي رحمها الله فانّي لست حاقدا لأنّ الحقد يعمي عن الحقّ و الحكمة و المصلحة، و انّما أريد اصلاحا يقوم على قاعدة"جميع الحقوق للجميع" و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و عليه فليتوكّل المتوكّلون. لقد تابعت باهتمام ما قلته عن حياتك اليوميّة بما يؤكّد ما أعرفه عنك منذ صغري بانّك رجل منظّم في حياتك و عملك و هذه صفة حسنة تعلّمتها منك و أفادتني كثيرا في حياتي و سجني كما استحسنت حرصك على متابعة أخبار العالم لتبقى دائما في قلب الوطن و الأمّة و العصر و التّاريخ لا على الهامش. مع تحيّاتي و شكري لابنك و صديقك و جليسك أخي المخلص ماهرعلى عنايته براحتك و باخوته و بي على حساب راحته و مصالحه فلا تنس أن تبلّغه تهانيّ الحارّة بذكرى ميلاده أسعده الله في الدّنيا و الآخرة و جازاه عنّا كلّ خير و جعله دائما مثالا حسنا لاخوته و أبناء جيله فيفوز بحبّ الله و حبّ أهله و حبّ النّاس
أبي العزيز: حتّى لا تتشابه الأيّام و الأعمال فانّ مقابلة الأصدقاء و زيارة الأقارب و الذّهاب من حين الى آخر الى مكان جميل و مريح لتجديد النّشاط و التّرفيه في النّفس أمر حيويّ فلا تبخل بذلك عن نفسك فذلك يسعدك و يسعدنا. أوصيك خيرا بأحفادك فهم في حاجة الى حنانك و خبرتك و نصحك خاصّة بعد فقدان جدّتهم رحمها الله، ذرّيّة صالحة لرجل صالح و الله معك يحفظك و يوفّقك و يرعاك و كلّ عام و أنت بخير. أرجوك أن تبلّغ تهانيّ الحارّة لأخي العزيز الياس بمناسبة ذكرى ميلاده المبارك و اعجابي بتربيته و برّه بوالديه و احسانه لاخوته و تضحيته من أجلي أكرمه الله بكلّ خير مع سلام خاصّ لأختي الكبيرة كريمة وفّقها الله لما فيه خيرها و خير أبنائها فسعادتهم هي سعادتنا ومسك الختام بقبلة على جبين أختي المناضلة هندة و السّلام-كريم
الى أخي العزيز
و صديقي الحميم ماهر
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته
قال الله تبارك و تعالى:"اخلفني في قومي و أصلح و لا تتّبع سبيل المفسدين" صدق الله العظيم
كلّ عام و و أنت بصحّة و عافية و خير
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و محلّ ثقتي و تقديري و شكري على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ السّنين و تقلّب الأحوال و تتالي المحن فنّاننا الماهر باليد عزفا و بالقدم لاعبا و باللّسان مرحا فجازاك الله عنّا كلّ الخير.
أخي العزيز: انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و مساعدتك على كلّ ما يسعدك و ردّ بعض جميلك فعسى أن يكون قريبا ان شاء الله.
وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة و السّلام من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك: كريم
*******************************************
الى أخي العزيز
و صديقي الحميم الياس
السّلام عليك و رحمة الله و بركاته كلّ عام و أنت بصحّة و عافية و خير
قال الله تبارك و تعالى:" و هذا أخي قد منّ الله علينا انّه من يتّق و يصبر فانّ الله لا يضيع أجر المحسنين" صدق الله العظيم
تهانيّ الحارّة و دعواتي الخالصة لأخي الوفيّ و سندي القويّ و أهل ثقتي و تقديري و شكري الجزيل على ما قدّم و يقدّم من جهد و تضحية دون ملل و لا كلل على مرّ الأيّام و اختلاف الأحوال و تتالي المحن بطلنا الياس باسم الوجه طيّب اللّسان كريم اليد عميق الايمان فجازاك الله عنّا كلّ خير
أخي العزيز انّي بشوق كبير للقائك و صحبتك و ردّ بعض جميلك. وفّقك الله في أمر دينك و دنياك و أحياك حياة طيّبة
من أخيك الّذي يحبّك كثيرا و يعتزّ بأخوّتك:كريم و السّلام
-----------------------------------------------
رسالة ثانية وصلت الى عائلته أيضا يوم 15 ماي : أي بعد 3 أسابيع من تاريخ كتابتها

06 ربيع الثّاني 1428
23 أفريل 2007
أبي الحبيب
أهلي الكرامر
السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الله أكبر، الله أكبر،الله اكبر، انّا لله و انّا اليه راجعون
اللّهمّ اجرنا في مصيبتنا واعقبنا خيرا منها. آمين
انّ القلب ليحزن و انّ العين لتدمع و لا نقول الا ما يرضي ربّنا
رحم الله العزيز علينا الشّاذلي ابن خالي العروسي و زوجته منّوبيّة رحمهما الله رحمة واسعة و جمع بينهم في الجنّة ورزق أهلهم و ذرّيّتهم صبرا جميلا و حياة طيّبة و جعلهم من الصّالحين.
قال الله تبارك و تعالى:"تبارك الّذي بيده الملك و هو على كلّ شئ قدير الّذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا و هو العزيز الغفور" صدق الله العظيم
الحمد لله الّذي وهبنا الحياة و خلقنا في أحسن تقويم و يسّر لنا سبل العيش الكريم بما يحقّق سعادتنا و ينفع النّاس و يرضي الله فنكون في الآخرة برحمة الله من الفائزين" يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم"، سبحانه و تعالى يحيي و يميت و هو الحيّ الّذي لا يموت"لا اله الا هو كلّ شئء هالك الا وجهه له الحكم و اليه ترجعون". اقتضت حكمته أن يكون الأجل بيده وحده حتّى يجتهد الانسان في العبادة و العمل الصّالح و الاقبال على طيّبات الحياة فلا يكون من الغافلين أو المقصّرين أو القاعدين"من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخّرتني الى أجل قريب فأصّدّق و أكن من الصّالحين، ولن يؤخّر الله نفسا اذا جاء أجلها و الله خبير بما تعملون". كما اقتضت حكمته أن يكون الموت باذنه وحده حتّى لا يخشى الانسان الا الله و لا يخاف في الحقّ لومة لائم فيعيش حرّا متوكّلا على الله مجتهدا أن يلقى الله و هو في أحسن حال مع نفسه و مع أهله و مع النّاس و مع الله
و ما كان لنفس أن تموت الا باذن الله كتابا مؤجّلا و من يرد ثواب الدّنيا نؤته منها و من يرد ثواب الآخرة"
نؤته منها و سنجزي الشّاكرين". هكذا في موت الآخرين عبرة لنا و تذكرة و موعظة و في حياتنا أمل و عمل و حياة للآخرين. و الله نسأل أن نكون خير خلف لخير سلف و خير سلف لخير خلف. رحم الله موتانا و بارك في احيائنا و أحسن عاقبتنا في الدّنيا و اللآخرة و ختم لنا بحسن الختام" و قل ربّ اغفر وارحم و أنت خير الرّاحمين".
أهلي الأعزّاء: لا شكّ أنّ موت الانسان نبأ عظيم و موت القريب أعظم و موت القريب البعيد أعظم و أعظم لأنّ الّذي فرّق بيننا ليس الموت فقط و انّما الحياة أيضا رغم الصّلة القويّة بيننا، صلة الرّحم و أخوّة الدّين الأمر الّذي جعل حزني على وفاة ابن خالي الشّاذلي رحمه الله مرفوقا بأسف شديد وحسرة عميقة في النّفس لأنّني لم أتشرّف بلقائه و لم أسعد بمخالطته و لم أنعم بصحبته فالأقربون أولى بالمعروف فلا محنة السّجن و لا معاناة الغربة و لا مشاغل الحياة تكفي عذرا لضعف الصّلة بين الأقارب فضلا عن انقطاعها، خاصّة في أيّامنا هذه الّتي تشهد فيها وسائل الاتّصال تطوّرا مذهلا و ما أبرّئ نفسي فأنا أشعر رغم كلّ شئ بتقصير في حقّ كثير من أقاربي و خاصّة أبناء أخوالي و خالاتي و أعمامي و عمّاتي و أستغفر الله على ذلك و أرجو معذرتهم جميعا و الله أسأل أن ييسّر لي حياة الحرّيّة بعد طول سجن فاجتهد في تدارك ما فات و أداء الواجب"وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله"، صلة للرّحم و تعاونا على البرّ و التّقوى بما يرضي الله و ينفع البلاد و العباد فلا خوف و لا طمع. لذلك و بمناسبة وفاة العزيز علينا ابن خالي الشّاذلي رأيت من واجبي و أنا أبلّغكم تعازيّ الحارّة و دعواتي الصّادقة لفقيدنا رحمه الله بكلّ خير و تمنّياتي الخالصة لكافّة أفراد أسرته الطّيّبة بالصّبر الجميل و الحياة الطّيّبة و السّعادة في الدّنيا و الآخرة، بهذه المناسبة المؤثّرة فانّي أدعوكم أيّها الأهل الطّيّبون و في مقدّمتكم اخوتي الأعزّاء الى الاحسان الى أقاربكم ما استطعتم لذلك سبيلا بمناسبة و بغير مناسبة ففي ذلك خير كثير للجميع في مجتمع يعاني من التّباعد بين الأقارب لأسباب ليس هنا مقام شرحها فاجتهدوا و الله يوفّقكم و يبارك سعيكم و يجعلكم قدوة حسنة للقريب و البعيد من النّاس. و كما علّمنا نبيّنا عليه الصّلاة و السّلام:"الخلق عيال الله و أحبّهم الى الله أنفعهم لعياله".
أهلي الأحبّة فور اعلامي عند الزّيارة بنبىء و فاة فقيدنا رحمه الله توجّهت الى الحيّ الّذي لا يموت بقراءة ختم للقرآن الكريم ترحّما على ابن خالي و قد استحال عليّ حضور جنازته بحكم السّجن و الله أسأل أن ييسّر لي الوقوف على قبره و قراءة الفاتحة ترحّما على روحه الطّاهرة و زيارة قبر خالي العزيز العروسي الّذي لم يحصل لي شرف لقائه في حياتي رحمه الله و قبر زوجة خالي العزيزة منّوبيّة الّتي فقدناها أواخر سنة أربع و ألفين تلك المرأة الطّيّبة الّتي عرفتها و أحببتها لحسن خلقها و حرصها على صلة الرّحم و ما وجدته لدى أمّي رحمها الله من محبّة و تقدير و تبجيل لها كلّما زارتنا في بيتنا و لا أنسى ابن خالي العزيز عزّ الدّين رحمه الله الّذي فقدناه باكرا مطلع السّبعينات و هو في عزّ شبابه و عطائه الرّياضي في صفوف فريق باب الجديد قريبا من مقرّ سكنى العائلة، هذه الفروع الطّيّبة من تلك الأصول الطّيّبة. جدّتنا الغالية عزيزة الّتي اسعدتنا بوجودها بيننا، بحبّها و حنانها و حرصها على سعادتنا ليخلّف فراقها سنة تسع و تسعين حزنا عميقا في نفوسنا و أخيرا جدّي صادق الّذي سبق اليه الأجل قبل ميلادي رحمهما الله و رحم موتى المسلمين و أحيا ذرّيتهم حياة طيّبة فبلّغوا تحيّاتي و تعازيّ للجميع و شوقي للقائهم و هم في أحسن حال و الله أكبر
و السّلام : من كريم
عنوان الأخ عبد الكريم الهاروني في السّجن :
- السّيّد كريم عمر خالد الهاروني رقم 2795-جناح ح 5
السّجن المدني بالمرناقيّة
المرناقيّة 1110
ولاية منّوبة
تونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.