تفاقم ظاهرة الفساد ،فشل مؤسسات السلطة في إدارة الشأن العام وإيجاد حلول جذرية للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ،توظيف إمكانيات الدولة خدمة لمصالح حزبية ورغبة حركة النهضة في «السطوة « على لجنة التحقيق البرلمانية .. تونس -الشروق - هذه أهم الملفات التي طرحتها نائبة البرلمان عن حزب التيار الديمقراطي سامية عبو في حوارها مع «الشروق « . تعتبر سامية عبو أن البرلمان فشل في القيام بوظيفتيه التشريعية والرقابية ،مشيرة إلى ان تركيبة الحكومة تتضمن عناصر لا تتمتع بالكفاءة إضافة الى تورطها في شبهات فساد ..معطيات شديدة الأهمية كشفتها عبّو في الحوار التالي . بعد أكثر من أربع سنوات على عمل البرلمان ..كيف تقيمين أداء المؤسسة التشريعية ؟ يمكن القول أن عمل المجلس ضعيف من الناحية التشريعية والرقابية ،فغياب النواب اثر بشكل كبير في نجاعة العمل التشريعي وهذا الغياب كان بارزا في الجلسات العامة وفي عمل اللجان أيضا. فعدد من اللجان لا يحضرهم سوى اربعة او خمسة نواب وهذا له تاثير كبير على نجاعة النصوص التشريعية والعمل التحضيري للجلسة العامة .هذا الغياب أثرّ أيضا على تمرير النصوص في الجلسات العامة فأحيانا يعجز البرلمان حتى عن تمرير نصوص قانون عادية . وفي ما يتعلّق بالدور الرقابي ؟ بالنسبة للدور الرقابي الذي يمارسة البرلمان على الحكومة ،ينص القانون على ان تحضر الحكومة مرة في الشهر لمجلس نواب الشعب ، لكن هذا الاجراء لم يتم العمل به ولا تحضر الحكومة الا اثناء مناقشة قانون المالية وبعض المشاكل الكبرى التي تحدث على الساحة الوطنية وبدعوة ملحة من البرلمان . يجب التأكيد أيضا على أن الدور الرقابي على الحكومة اقتصر على الأسئلة الشفاهية والكتابية التي لا تجيب عنها الحكومة الا بعد مضي اشهر عديدة وفي أحيان كثيرة بعد ان تصبح متجاوزة . باعتبارك من أكثر النواب ممارسة للدور الرقابي على أعضاء الحكومة ,وخاصة توجيه الأسئلة الشفاهية ..كيف تقيمين أداء الحكومة الحالية ؟ الغريب في الامر ، انك يمكن ان تستمع الى مداخلة للناطق الرسمي باسم الحكومة يقدم تقييما إيجابيا لعمل الحكومة ،وبعده مباشرة تستمع الى محافظ البنك المركزي يقدم أرقاما صادمة بلغت كلها اللون الأحمر ..يمكن ان نقول ان هذه الحكومة فاسدة تعتمد على وزراء لا خبرة لهم وعديمي التجربة وتحوم حولهم شبهات فساد. هذه الحكومة تضرب الاقتصاد الوطني لحساب لوبيات بعينها، فرئيس الحكومة يعطي الأولوية لمصالح رجال الاعمال ثم المصالح الأوروبية وبعدها يلتفت الى مصلحة الشعب ،وهذا الترتيب خاطئ.هذا إضافة الى انه محاط باشخاص لا يقدمون له النصيحة ، ولذلك لا يمكن ان نقول ان رئيس الحكومة فاشل بل هو «ناجح في الفشل». وجّهت المعارضة البرلمانية أصابع الاتهام لرئيس الحكومة، معتبرة أنه يستغل إمكانيات الدولة خدمة لطموحه السياسي..ماهي حججكم في ذلك ؟ رئيس الحكومة خلق داخل مجلس نواب الشعب كتلة برلمانية موالية له ،وخلق داخل التشكيلة الحكومية وزراء موالين له ,وداخل الإدارة التونسية مديرين موالين له ..وهذا يسمى تضارب مصالح . فالعديد ممن اعلنوا الولاء للشاهد كان دافعهم في ذلك الخوف من العزل ،وهذا هو الوجه البسيط لاستغلال الدولة لصالحه الشخصي . أيضا هناك استغلال لميزانية الدولة ، فاجراءات عديدة تضمنها قانون المالية لسنة 2019 ،مثل السيارات الشعبية و المساعدات للجهات ..كلها إجراءات اجتماعية في حين تعاني تونس ازمة اقتصادية . يمكن القول أيضا ان صورة يوسف الشاهد يتم تلميعها من قبل عدد من وسائل الاعلام ، وهو ما يُحدث مفارقة كبرى بين فشل واضح لرئيس الحكومة وترويج مقولات النجاح والتميّز . وهذا يأتي في سياق صناعة «بن علي ثان « ، لكن يجب ان يعلموا ان تجربة بن علي لن تتكرر في تونس . أكّدتم على وجود فساد في قطاع الطاقة ..هل تمتلكون ملفات واثباتات لكلامكم ؟ حقل «نوارة « هو ثاني اكبر حقل غاز في تونس ، تُشرف عليه الشركة التونسية للانشطة البترولية ( بنسبة 49 بالمائة ) وشركة «أو أم في « ( بنسبة 51 بالمائة ) ،ويمكن ان يساهم في حل ازمة الطاقة . هناك اربعة برامج كبرى ضرورية للوصول الى مرحلة الإنتاج، المشروع الأول من المفترض أن ينتهي انجازه سنة 2016 ، وهو عبارة عن منشأة تعمل كمحول للضغط. تم تقديمه لشركة المانية وشركة بوشماوي ، وتمت احالته للشركتين بمقتضى طلب عروض ب 256 مليون دولار ، لكن الى اليوم لم يتم الانتهاء منه ، وحتى مبلغ التكلفة أضيف له مبلغ 60 مليون دولرا و 240 مليون دولار .وهو ما يعني ان المبلغ اصبح مضاعفا وفاقت نسبة الزيادة مائة بالمائة ،المبلغ الأصلي . هناك فساد يجعل تونس تخسر قبل ان تنتج ، يعني اننا ندفع ثمن الإنتاج الذي سنقوم به قبل انتاجه .ولذلك نحن ندفع في سياق إيقاف نزيف النهب وعلى وزير الصناعة تحمل مسؤوليته كاملة ، حيث يجب ان يتم إيقاف الاشغال وارسال التفقدية وعلى ضوئها نرى ماذا يمكن ان نفعل . تحدثتم في أكثر من جلسة عامة في البرلمان عن ملفات فساد في كل القطاعات تقريبا ،فهل هذا الحجم الهائل من الفساد يؤكّد سطوة الفاسدين على الدولة ام أنهم أصبحوا هم الدولة ؟ هم ليسوا نافذين ولا يتحكمون في الدولة ، بل المسالة تعود لمن انتخبهم الشعب وبيدهم المقود، هؤلاء ان كانوا شرفاء فسيأتون بالكفاءات ومن يتمتعون بنظافة اليد ،وان كانوا فاسدين فسيأتون بالفاسدين لادارة شؤون الدولة ، وفي هذا السياق يمكن ان أقول ان قانون المصالحة قام بتبييض عديد العناصر التي يتم الاستعانة بها مجدّدا .هم ليسوا بوحوش الدولة بل هم مهددون وخائفون لكن يحميهم اعلى هرم في السلطة . تترأسين لجنة التحقيق البرلمانية في تفاقم نسبة العجز والمديونية وانزلاق الدينار .. هل يمكن لهذه اللجنة ان تنسينا خيبات لجان التحقيق السابقة وتحقّق نتائج واقعية ؟ الفصل ستين من الدستور يمنح المعارضة الحق في تكوين لجنة التحقيق ,إضافة الى اختيار الموضوع والتركيبة ومكتب اللجنة و ترؤسها ,ويمكن لهذه اللجنة ان تكون منفتحة على غير المعارضة ،لكن اللجنة هي التي تحدد مدى انفتاحها ، وفي هذا السياق يمكن ان أقول ان ما تقوم به حركة النهضة «وقاحة كبرى « . اللجنة ستحقق في هذه الملفات انطلاقا من سنة 2011 الى الان, والنهضة تدفع ببعض وزرائها لعضوية اللجنة وتحاول افتكاك وظيفة «مقرّر « فيها ..فهل يمكن ان يكون رئيس الحكومة الأسبق علي العريض ووزير المالية الأسبق سليم بسباس و الوزير السابق عبد اللطيف المكي .. أعضاء في هذه اللجنة ؟.وهل يمكن ان يكون احد أعضاء الحكومات السابقة مقرّرا للجنة ؟ مجرد وجود نواب النهضة في هذه اللجنة يعتبر «تضارب مصالح « فلا يمكن ان يكونوا الجلاد والضحية في نفس الوقت. تتهمكم النهضة بانكم تحاولون توظيف هذا الملف سياسيا واستغلاله في حملاتكم الانتخابية ، كيف تردون على ذلك ؟ لو كنا نرغب في القيام بحملة انتخابية ، لطرحنا ملف الجهاز السري لحركة النهضة ،لكننا اخترنا ملفا اقتصاديا يمس المقدرة الشرائية للمواطن التونسي ,ويعمق ازمة تونس الاقتصادية ،فعجز الميزان التجاري من سنة 2010 الى سنة 2018 بلغ 163 مليار دينار.و نقص الأرباح في قطاع الفسفاط بلغ 5,3مليار دينار والعجز في قطاع الطاقة بلغ 25,6 مليار دينار . فاذا حذفنا العجز الطاقي و نقص الأرباح في قطاع الفسفاط يبقى العجز الجملي في حدود 132 مليار دينار وهو متات من قرارات خاطئة اتخذتها الحكومات يجب التحقيق فيها . هل يمكن ان يتحول ملف عجز الميزان التجاري إلى ملف قضائي ؟ اذا تم اثبات وجود شبهات فساد في هذا الملف مثل استغلال النفوذ في اسناد الرخص .. من حق اللجنة إحالة الشبهات الى النيابة العمومية .