لا يزال الشعب الجزائري غاضبا من ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة ، رغم رسالة الطمأنة التي تعهد خلالها بإجراء انتخابات مبكرة بعد سنة واحدة من انتخابات أفريل المقبل ، فالمؤشرات تنذر بأن رقعة الاحتجاجات في اتساع خاصة بعد التحاق مختلف الفئات الشعبية بها ،فضلا عن خروج مظاهرات للجالية الجزائرية في المهجر ، وسط دعوات الى تنفيذ عصيان مدني قد يشل البلاد ويربك السلطة . وأمام هذه التطورات المتسارعة ، اختلفت المواقف حول مستقبل الجزائر خلال الفترة المقبلة ، فالبعض يرى أن الجيش من خلال تحذيره من حقبة العشرية السوداء قد يمسك مقاليد السلطة بشكل مباشر في هذه المرة خاصة اذا خرجت الأمور عن السيطرة ،في حين يرى آخرون أن المعارضة الجزائرية رغم ضعفها ، قد تنجح في تفعيل المادة 88 من الدستور ، التي تنص على أنه « إذا استحال على رئيس الجمهورية ممارسة واجباته بسبب مرض خطير ومزمن، فإن المجلس الدستوري يقترح بالإجماع أن يكشف البرلمان عن الأسباب المعوقة» ، ومن ثم يقوم رئيس البرلمان بسد الفراغ الرئاسي الى حين إجراء إنتخابات . وفي كلتا الحالتين ، فإن الأوضاع في الجزائر قد تبقى تحت السيطرة الى حين استكمال الاجراءات الدستورية والتحضير لانتخابات نزيهة ، وهي مطالب خرج من أجلها الاف الجزائريين ، لكن بعض الإحتمالات الأخرى تشير الى أن طوفان الإحتجاجات قد يقود البلاد نحو العنف ،وربما الرجوع بها الى سنوات الدماء والارهاب ،وهي التهديدات التي حذر منها الجيش يوم أمس الثلاثاء . فكما هو معلوم ،تعاني الجزائر من خلايا ارهابية «نائمة « تنتشر في الجبال والمرتفعات والاماكن النائية ،وتقوم في كل مرة بتنفيذ هجمات دامية سواء ضد المؤسسة العسكرية ،أو ضد المدنيين , ولعل أخطر هذه العمليات الهجوم على ثكنة في ولاية سكيكدة ، والذي اسفر عن استشهاد 7 جنود . لا نشك أن مطالب الشعب الجزائري مشروعة شكلا ومضمونا ولكن في المقابل لا يمكن التقليل من التنازلات التي قدمها بوتفليقة وتعهده بإجراء انتخابات مبكرة ،وتغيير الدستور ،وفي كل الحالات على الجزائريين الإنتباه جيدا واليقظة من الإنحراف نحو المنعرجات الخطيرة التي قد تواجه حراكهم السلمي ،والأهم من كل ذلك هو حرصهم على عدم ترك الفرصة للأطراف الخارجية للتحكم في مجريات الأحداث لجر بلد المليون شهيد نحو الفوضى .