عاجل/ جريمة اقتلاع عيني امرأة على يد زوجها: رئيس الدولة يتدخل وهذا ما أمر به..    قبلي: نجاح أوّل عمليّة جراحية دقيقة على العمود الفقري بالمستشفى الجهوي    مقترح قانون للترفيع في العقوبات الخاصة بهذه الجرائم وتشديد درجات الردع..#خبر_عاجل    نسبة امتلاء السدود التونسية تبلغ 37.2 % بتاريخ 3 جويلية 2025    عاجل: تحذيرات من حشرة منتشرة على الشريط الحدودي بين الجزائر و تونس..وهذه التفاصيل..    عاجل/ 10 إسرائيليين مقابل 1000 فلسطيني.. تفاصيل جديدة عن هدنة 60 يوماً في غزة..    فرنسا: إضراب مراقبي الحركة الجوية يتسبب في إلغاء آلاف الرحلات    عاجل/حالتا وفاة بالصدمة الحرارية: الحماية المدنية تحذر وتنصح المواطنين..    مقترح قانون لحماية المصطافين وضمان سلامة السباحة في الشواطئ والفضاءات المائية    الدورة التاسعة للتوجيه الجامعي 'وجهني' يوم 14 جويلية الجاري بالمركب الجامعي المرازقة بولاية نابل    إيران تعيد فتح مجالها الجوي بشكل كامل    الليغ 1: نيس يضم نجم نادي رامس بعقد طويل المدى    البطولة العربية لكرة السلة سيدات: المنتخب الوطني يفوز على نظيره الجزائري    الحرس الوطني يُطيح بمنفّذي عملية ''نَطرَ''وسط العاصمة في وقت قياسي    هل السباحة ممكنة اليوم ونهاية الأسبوع ؟..وما حقيقة الزلازل في البحر المتوسط!..    ضاعلك الباسبور؟ هكّا تتصرف بش ما تتورّطش    نابل: الحشرة القرمزية تغزو الشوارع والمنازل وتهدد غراسات التين الشوكي    بيان مفاجئ من وزارة الأوقاف المصرية بعد وفاة ديوغو جوتا    الشواطئ الرملية في تونس: لماذا التيارات الساحبة أكثر نشاطًا هناك؟    نحو اقرار تخفيضات في المطاعم السياحية للتوانسة وولاد البلاد...تعرف على التفاصيل    بُشرى سارة للتوانسة: السخانة بش تبرد شوية والأجواء تولّي أرحم..بداية من هذا اليوم    فضله عظيم وأجره كبير... اكتشف سر صيام تاسوعاء 2025!"    قمة نار في مونديال الأندية: كلاسيكو، ديربي، ومفاجآت تستنى!    رد بالك تغلط وتخلي الشبابك ''محلول'' في هذا الوقت ... الصيف هذا ما يرحمش!    هل'' الميكرووند'' قنبلة صامتة في مطبخك؟ إليك الحقيقة التي لا يخبرك بها أحد!    تحب الماكلة الكلها هريسة؟ صحّح المعلومة قبل ما تمرض    جريمة مروعة: شاب ينهي حياة زوجته الحامل طعنا بالسكين..!!    حمدي حشاد: البحر تبدّل.. أما ما تخافوش، عوموا أما التزموا بالنصائح هاذم    بداية من 6 جويلية 2025: شركة نقل تونس تخصص 10 حافلات خاصة بالشواطئ    أفضل أدعية وأذكار يوم عاشوراء 1447-2025    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص اضراب الأطباء الشبان..وهذه التفاصيل..    .. الجزائري بلايلي يستفز الفرنسيين بعد حادثة الطائرة    شنوة صار في مفاوضات الزيادة في القطاع الخاص.. الاتحاد يوضح    طقس اليوم: الحرارة في تراجع طفيف    لقاء تشاوري بين مجموعة التعاون البرلماني مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وإطارات من وزارة الخارجية    روسيا تشن هجوما جويا غير مسبوق على أوكرانيا    المنستير: الاتحاد الجهوي للفلاحة يطالب بمد فلاحي المناطق السقوية العمومية بالجهة بكمية 500 ألف م3 من المياه للانطلاق في الموسم الفلاحي 2025-2026    تشريعات جديدة لتنظيم التجارة الإلكترونية في تونس: دعوات لتقليص الجانب الردعي وتكريس آليات التحفيز    هولندا تُشدد قوانين اللجوء: البرلمان يقر تشريعات مثيرة للجدل بدفع من حزب فيلدرز    اتصلوا بكل احترام ليطلبوا الإذن.. ترامب: سمحت للإيرانيين بإطلاق 14 صاروخا علينا    المانيا.. سباحون يواجهون "وحش البحيرة" بعد تجدد الهجمات    رسميا.. ليفربول يتخذ أول إجراء بعد مقتل نجمه ديوغو جوتا    عاجل: وزارة الصحة تدعو المقيمين في الطب لاختيار مراكز التربص حسب هذه الرزنامة... التفاصيل    فضيحة السوق السوداء في مهرجان الحمامات: تذاكر تتجاوز مليون ونصف والدولة مطالبة بالتحرك    النجمة أصالة تطرح ألبوما جديدا... وهذا ما قالته    صيف المبدعين...الكاتبة فوزية البوبكري.. في التّاسعة كتبت رسائل أمي الغاضبة    تاريخ الخيانات السياسية (4)...غدر بني قريظة بالنّبي الكريم    نصيحة طبية غيرت طريق اللاعب ديوغو جوتا.. ثم كانت نهايته    المنستير: برمجة 11 مهرجانًا و3 تظاهرات فنية خلال صيف 2025    عمرو دياب يفتتح ألبومه بصوت ابنته جانا    منوبة: تقدّم موسم الحصاد بنسبة 81% وتجميع قرابة 320 قنطارا    لطيفة العرفاوي تعلن:"قلبي ارتاح"... ألبوم جديد من القلب إلى القلب    تنظيم سهرة فلكية بعنوان 'نظرة على الكون' بقصر اولاد بوبكر بمنطقة البئر الاحمر بولاية تطاوين    القطيعة بالتراضي بين الاتحاد المنستيري والمدرب فوزي البنزرتي    مرتضى فتيتي يطرح "ماعلاباليش" ويتصدّر "يوتيوب" في اقلّ من 24 ساعة    "فضيحة": لحوم ملوثة تتسبب في وفاة طفل وإصابة 29 شخصا..#خبر_عاجل    3 حاجات لازم تخليهم سرّ عندك...مش كلّ شيء يتقال    ماهر الهمامي يدعو إلى إنقاذ الفنان التونسي من التهميش والتفقير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواطن التونسي بعد 2011: بين ابتذال الإعلام التلفزي الخاص و فشل القناة الوطنية
نشر في الشروق يوم 08 - 03 - 2019

لا يختلف اثنان أن العصر الراهن هو عصر قوة الإعلام و الصورة. و لا يستطيع أي مواطن الاستغناء عن الخدمات التي يقدمها . و يعتبر الإعلام أسرع و أقوي وسيلة لنقل المعلومة والترفيه و التسلية. كما أنه أنجع واسطة للتعريف بكل أنواع الفنون من سينما و أدب و شعر و غيرها . و هو الواسطة الأسهل لدراسة مراحل تاريخ أي مجتمع من خلال الأرشيف التلفزيوني . و إذا نظرنا إلى الإعلام التونسي فإننا نجد بونا شاسعا بينه و بين الإعلام العربي و الأجنبي. فأغلب البرامج التلفزية الخاصة يطغى عليه طابع الابتذال و التفاهة. هذه البرامج التي تجلب نسبة مشاهدة واسعة تساهم في تردي الذوق العام . ليس من أولوياتها إعطاء قيمة للفكر بل يقع السخرية من الشعر و الأدب و إبرازهما ولو بطريقة غير مباشرة في شكل تهكمي ، كلما سنحت الفرصة . و تميز الثرثرة و السطحية محور هذه البرامج. و لا يخرج المتفرج بأي إفادة فكرية منها. كما أنها تعمد للإثارة لجلب المشاهد و هو ما يثير دائما استنكار الرأي العام إما من وجهة نظر أخلاقية أو جمالية و فكرية. و حتى إن شاهد التونسي هذه النوعية من البرامج فانه يبقى مغتربا فيها لأنها لا تمثل انتظارا ته و لا اهتماماته. و يرجع السبب الأهم لرداءة مستوى أشهر البرامج التلفزية الخاصة إلى أن هذه القنوات ليس همها المحافظة على الذوق العام الجمالي و إنما الربح المادي هو الهدف الوحيد من وراء الابتذال .و ما المواد الإعلامية إلا سلعا تجارية معروضة للبيع يجب أن تلقى حريفا بأي طريقة مما يجلب أكثر إشهار و أكثر أموال .
أمام انتشار تفاهة و ابتذال البرامج التلفزية الخاصة يتواصل فشل التلفزة الوطنية في إنقاذ المشهد الإعلامي. لا يهتم القائمون على البرامج في التلفزة بالمشاهد التونسي. فهم يستهترون بحقه في إعلام يوافق اهتماماته. فالحصول على الترفيه و التسلية و الثقافة الإعلامية حق مدني يجب على التلفزة الوطنية توفيره للمواطن فهو ليس هبة أو معروفا تقدمه للمواطن التونسي الذي يدفع لها مالا . و في الوقت الذي تشتهر فيه البرامج التافهة تفشل برامج التلفزة الوطنية في شد المتفرج.
الملفت للنظر أن لا يعرف الأطفال ، فئة التلاميذ، من التلفزة الوطنية إلا برامج الكرة في حين نجدهم يتابعون برامج في قنوات خاصة و يستعملون لغتهم و عباراتهم التي دائما تحمل معاني بذيئة و هو ما يهدد الذوق العام للأطفال .
وعوضا عن تقديم برامج تجذب المشاهدين للتلفزة الوطنية، بعدد اكبر، يحتمي أصحاب البرامج التلفزية ،لتبرير الفشل، و راء مقولة أن برامجهم جدية و لا تحتوي على الإثارة . و يغيب عنهم أن الجدية لا تعني فقط غياب الإثارة و إنما تعني أيضا الجودة و الحرفية و الاجتهاد و التجديد المتواصل. فبرامج الأرشيف التي بثت على التلفزة الوطنية تفوق حرفية و جودة البرامج التي تبث الآن رغم استعمال التقنيات التكنولوجية الحديثة. التقديم التلفزي يتطلب إبداع و روح فنية لان المنشط يمتلك الحرية في تنويع التقديم و تغيير الأفكار إن لم تنجح. و الجلي أن المقدمون في التلفزة الوطنية لا يمتلكون الروح الإبداعية. فحتى إن كانت الفكرة جيدة فان تنفيذها و تقديمها تبقى عادية و مكررة.المنشط يجب أن تتوفر فيه شرط الثقافة و الاطلاع الواسع على الاهتمام المشترك بين اغلب المجتمع التونسي.
فشل برامج التلفزة الوطنية يوحي أن المدراء العاميين لا يتفرجون فيها أو تنقصهم القدرة على التمييز بين البرنامج الجيد أو الضعيف. وهذا قد يفسر إيقاف برنامج ناجح جدا مثل "عائلتي بالدنيا" الذي كان يبث في 2015 و لم يستطع أي برنامج بعده تحقيق نجاحه. وفي المقابل تتواصل برامج تلفزية عادية أو فاشلة بطبعها. مثلا، برنامج "جمهورية الثقافة "بقي كما هو و لم يتطور و هو ما يجعل المهتم بالفكر و الفنون ينفر من مشاهدته و يخسر بذلك عدد من المشاهدين. كذلك برنامج "المجلة الصحية" رغم انه يهتم بالصحة يعيش حالة إنعاش إن لم نقل انه ميت منذ زمن. عدم التجديد في طريقة تقديم المادة يعطي الانطباع أن المشرفين عليه ليس لديهم أدنى فكرة عن البرامج الصحية الناجحة في القنوات الأخرى . التكرار و الرتابة في تقديمه يجعل من التلفزة تخسر العديد من المشاهدين و كذلك يحرم العديد من المشاهدين المعلومة و الثقافة الصحية المجانية. أما سهرة السبت فإنها تمثل تجني على حق المواطن التونسي في برنامج ترفيهي و ذي جودة في واقع يومي مرهق نتيجة ضغط المشاكل الاجتماعية و النفسية التي نعيشها في تونس . فهو برنامج يبعث عن الملل و الضجر لأنه عبارة عن تجمع أشخاص يتجاذبون أطراف الحديث بطريقة متصنعة و إن اظهروا بعض الهزل ليصبح المتفرج كأنه طرفا دخيلا في الحوار وليس المتقبل الأساسي للمحتوى المقدم. لا ينتبه المشرفون على التلفزة الوطنية إلى فئة سكان الريف . هؤلاء الناس ، إلى حد الآن، لا يمتلكون وسيلة ترفيه أخرى غير التلفزة. هذه البرامج المملة تعبر عن عدم اكتراث لهؤلاء الفئة من المجتمع الذين هم مواطنون درجة أولى و على التلفزة أن تقدر و توفر لهم حقهم المدني.
ما يستنتج أن المدراء العاميين الذين تناوبوا على ادارة التلفزة الوطنية بعد 2011 يجهلون تركيبة و تطلعات المجتمع التونسي و هو ما سبب ضعف مستوى برامج التلفزة الوطنية. إن استثنينا بعض البرامج التي بثت سنة 2015، و بها شهدت التلفزة بعض التقدم و الانتشار، فان مستوى أكثر البرامج بقي بين المتوسط والضعيف . و هذا جعلها تعجز عن منافسة ضجيج البرامج الرديئة في القنوات الخاصة.
بتهاوي الإعلام العمومي تضيع الذاكرة الوطنية و نفقد مادة جيدة للأرشيف التلفزي التونسي قد تفتخر به الأجيال القادمة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.