مبدع هادئ الطبع، عاشق للعمل الى حد الذوبان فيه، صاحب مبادرات هامة في الفعل الثقافي من ذلك موسم الموسيقى التونسية الذي كسب رهان دورته التأسيسية العام الماضي بجدية ومثابرة. هو الفنان الملحن عزالدين الباجي المعتكف يوميا في مكتبه بمدينة الثقافة يخطط ويهندس ويعد للقادم الموسيقي في ظل تحديات كثيرة يسعى الى كسبها في 2019 وابرزها اعادة البريق لمهرجان الاغنية التونسية * هل حافظ موسم الموسيقى التونسية في دورته الثانية على يوم 27 مارس موعدا للانطلاق - لقد تغير الموعد، اعتبارا لتعدد الأنشطة الثقافية في ذلك الموعد، فمدينة الثقافة ستشهد يوم 21 مارس انطلاق تظاهرة تونس عاصمة الثقافة الإسلامية ثم يكون اليوم الموالي 22 مارس مع انطلاق الدورة الثانية لأيام قرطاج الشعرية ثم الموعد السياسي العربي الهام المتمثل في القمة العربية، هذا الزخم في النشاط دفع بالاتفاق مع السيد وزير الشؤون الثقافية الى تأخير موعد انطلاق الدورة الثانية للموسم الى 5 افريل 2019 * دون الدخول في مختلف تفاصيل الدورة الثانية.. الا تكشف لنا عن هنات برزت بشكل لافت في الدورة الأولى -نعم كانت هناك هنة بارزة للعيان تتمثل في عدم توفر ميزانية خاصة بالموسم، وكل ما تم إنجازه كان من اجتهاد والتزام شخصي مني امام الوزير لكسب الرهان، على اعتبار ان هدفنا الأساسي كان بم توفر لنا من موارد بسيطة سعينا لتقديم الثقافة الموسيقية الجادة بعيدا عن منطق «الغنيمة»... * كأني بك توجه الاتهام الى أطراف في الشأن الثقافي -فعلا، والمؤسف حقا ان هناك من استغل العمل الثقافي للغنيمة على حساب الابداع الجاد الذي يضمن الإضافة والثقافة بالنسبة لي هي رؤية ومشاريع وليس تجارة والبحث عن الربح على حساب الذوق الفني الرفيع، وبكل تواضع هذا ما كنت قد نبهت اليه منذ 2001 في مقالات صحفية امتدت حتى 2010، وما كنت نبهت اليه نحن نتخبط فيه اليوم فقد غابت الرؤية الإبداعية التي تسمو بالمتلقي الى الأفق الرحب وتؤسس لذوق رفيع يكون له تأثير على المزاج ويبعث التفاؤل في الوجدان. * هل حققت الدورة الأولى لموسم الموسيقى التونسية ما تم اعداده لها - يمكن القول انها حققت ما يعادل ال 40 في المائة مما تم اعداده، وتم ذلك بالعزيمة والمثابرة وبالدعم المعنوي من السيد وزير الشؤون الثقافية المؤمن بهذا المشروع * ودورة 2019، هل تم رصد الميزانية الخاصة بها - لم يتم ذلك الى حد الان * ألا يجعلك مثل هذا الأمر تشعر بالإحباط -لا مكان للإحباط في مسيرتي الفنية وحتى في حياتي الخاصة * انت مصر على كسب الرهان وتجاوز كل العراقيل -نعم ... رغم ان الكثير يؤرقهم نجاحي * كيف ذلك -نعم هناك من يعمل ليلا نهارا من اجل النيل من عزيمتي واصراري على النجاح * وماهو ردك عليهم - أقول لهم لن تنالوا مني فانا أفضل وأرقى من كل المتآمرين ومستعد لمواجهتهم بالحجة والرأي والموقف والحقيقة التي تكشف حقيقتهم ولهفتهم على الربح السريع وان الابداع الثقافي الجاد هو اخر اهتماماتهم * الا ترى في ذلك استعلاء منك - افخر انني لا انافق ولا اجامل، أقول رأيي بصراحة ودون قفازات وهل ان الانسان الصريح يعد متعاليا ومغرورا لا اعتقد جازما بذلك * هذه الصراحة والاعتداد بالنفس جنيت من وراءه عداوات -مرحبا بالعداوات ان كانت بسبب الصراحة في الرأي والجدية في الفعل والقول والعمل والايمان بالمبادئ الإنسانية النبيلة، بكل تواضع أؤكد ان عزالدين الباجي من اشد المؤمنين بالفعل الثقافي الجاد لذا تراني دائما منكبا في مكتبي على العمل ولا شيء غير العمل، ابتكر واخطط للآخرين وهم يخططون لعرقلتي والنيل مني وهم غير قادرين على ذلك * ينتابك إحساس بانك مستهدف - نعم لأنني لا اشبههم ولا اريد الانخراط في برامجهم التي تنظر الى الفعل الثقافي بمنطق « الغنيمة» * الا تخاف من اليوم الذي تستسلم فيه - الاستسلام ليس من شيمتي، فعزالدين الباجي عصي على كل من يريد النيل منه * على امتداد مسيرتك ألم تتخذ قرارا خلف لك الندم - لا اخفي سرا اذا قلت ان قرارا وحيدا قد يكون خلف في وجداني نوعا من المرارة ، انه قرار العودة الى تونس، كنت امني تسخير كل ثقافتي الموسيقية وفي مختلف المجالات الأخرى لفائدة ابداع فني راق ومتميز لكن اكتشفت النقيض بانهيار الذوق الى الحضيض، لقد يذهب في ظن الكثير انني « مليونيرا» بفضل الفن والموسيقى، لكن الحقيقة عكس ذلك، اسكن صحبة عائلتي في مسكن على وجه الكراء ولا املك سيارة واملك في المقابل كبرياء وعزة نفس وايمان عميق بقيمة العمل الثقافي الجاد الذي يخلده التاريخ,، لقد وهبت للموسيقى كل جهدي ووجداني ولم أجن منه سوى المتعة الوجدانية، الثقافة الجادة ليست «سمسرة» المؤلم اليوم ان الثقافة اليوم أصبحت مطية للربح السريع وتكديس الأموال على حساب الذوق الرفيع والسلوك الإبداعي الراقي * تتابع الحراك السياسي في تونس -لا أرى سياسيين في تونس بالمفهوم الصحيح ... الكل يبحث على مصالحه الذاتية الضيقة مع قلة نادرة تفرض الاحترام ... كل السياسيين لا يهتمون بالشأن الثقافي، لا مكان ولا اهتمام في نقاشاتهم للسينما والشعر والصناعة الثقافية في الوقت الذي كنت اول من تناول هذه القضايا في الصحافة الوطنية منذ 2001 تحت ركن « على مسؤوليتي»... هي قضايا تحدثت فيها وتناولتها بكل جرأة وصراحة وفيها استشراف للمستقبل وهو الحاضر القاتم الذي تتخبط فيه الثقافة اليوم * ما هو الامر الذي يسعد عزالدين الباجي -سعيد بنجاح وتميز ابنائي في الدراسة وقد لقنتهم أصول الاخلاق الفاضلة والتربية الصحيحة والسليمة ونكران الذات وحب العمل واتقانه دون حسابات * وما هو الشيء الذي يؤلمك -ما ذنبي ان كنت من عشاق العمل والاجتهاد والتحدي في زمن الجحود والحسابات الضيقة * عشت الجحود - أعيش الجحود كل يوم *وكيف هو رد الفعل -الفظ كل شيء واقطع الصلة مع من اكتشف انه يسعى للتقرب مني لأغراض غير بريئة * عرضت عليك مغريات -الكثير من المرات لكن رفضتها والقيتها في سلة المهملات، عزالدين الباجي يرفض المجاملات * هل هناك تحد تسعى الى كسبه في 2019 -نعم هو مهرجان الاغنية التونسية، تحد رفعته وأعلنت عنه منذ 4 سنوات، اسعى جاهدا الى إعادة بريق المهرجان في 2019 من خلال الدورة الثانية لموسم الموسيقى التونسية، وما يثلج الصدر حقا التفاعل الإيجابي من السيد وزير الشؤون الثقافية مع هذا التحدي لنبل أهدافه المتمثلة أساسا في الانتصار للنتاج الموسيقي التونسي الأصيل هذا هدفي الأساسي من موسم الموسيقى التونسية الذي وهبته كل جهدي ولم اجن منه سوى المزيد من الديون وهذا بعلم الوزارة.. ورغم ذلك فانا أكثر إصرارا على ان يكون لمهرجان الاغنية التونسية حضوره المتوهج في 2019 ... هذا هو عزالدين الباجي وهذا قدره عشق التحديات لكسب رهان الثقافة الجادة التي تروم معانقة الشمس. يقول عنترة بن شداد في احدى روائعه الشعرية اثني علي بما علمت فإنني سمح المخالطة اذا لم اظلم فإذا ظلمت فان ظلمي باسل مر مذاقه كطعم العلقم هل سألت الخيل يا ابنة مالك ان كنت جاهلة بما لم تعلمي يخبرك من شهد الوقيعة انني اغشى الوغى واعفو عند المغنم فأرى مغانم لو اشاء حويتها فيعيدني عنها الحياء وتكرمي * تكتب وتحفظ الشعر -نعم أقرأ وأحفظ الكثير من الشعر العربي، واكتبه أيضا وقريبا سيصدر لي اول ديوان بعنوان «نزيف القلم» في زمن كثر فيه الشعراء وضاع الشعر.