تطرح مسألة الدروس الخصوصية أكثر من نقطة في حاجة إلى المراجعة وتتعلق لا بتفاصيل في المنظومة التربوية. ففي أقسام المدرسة العمومية تنتهك حقوق التلميذ وهو يتلقى دروسه ضمن حقه في التعليم العمومي، وحسب القانون. وفي هذه الأقسام قد ينعت التلميذ بأبشع النعوت وقد يسقط الأستاذ مشاكله النفسية على المتمدرس، وقد تغيب أسس التعامل الراقي مع من هم يصنفون كأطفال في حاجة إلى تعامل خاص. لقد تحول الدرس الخاص إلى ملاذ الولي ل»شراء» حسن المعاملة والطريقة البيداغوجية الناجعة لتعليم التلميذ، وشراء الصبر لتكرار المعلومة وتحفيز المتمدرس كي يحب درسه ويستسيغه بعد عسر. والحال أن مثل هذه الخدمات هي في صلب مسؤوليات المعلم والأستاذ في القسم. والمربي الذي يدفع التلميذ إلى الفهم في درس خاص شأنه شأن الإداري الذي لا يقدم خدمة إلا بالرشوة، و"الخموس" و"العشور". في منظومة غمرها الفساد في المعاملات وفي الحقوق الأساسية والإنسانية، وارتفعت فيها مكانة القيم المادية على القيم الإنسانية والمعنوية، يصبح من الطبيعي التدافع من أجل شحذ التلميذ بالدروس وتحسين مستواه بكل الطرق، ودفع الغالي والرخيص في حمى المنافسة في سوق التعليم. رغم الإقرار بإيجابيات المنافسة ودعم قدرات التلميذ وتحسين إمكانياته، إلا أن هذه المساعي لا يجب أن تتحول إلى حرب تنتهك التلميذ وتجهده ماديا ومعنويا، بل يجب النظر إلى التلميذ كإنسان له مهارات، والعيب ليس في عدم حصوله على درجات عالية ضمن نظام تم وضعه، لكن العيب في عدم القدرة على اكتشاف مواهب بالضرورة وضعت فيه كإنسان، لكنها لم تكتشف ولم تشحذ.