في سَابقة تاريخية نقلت «الكَاف» مُباراة «السُوبر» القاري من الملاعب الإفريقية إلى الإمارة القطرية. وقبل ساعات معدودة من تنظيم هذه القمّة الكبيرة من حقّ الجماهير التونسية والإفريقية عُموما أن تَطرح سُؤالا بريئا واستفسارا بديهيا حَول الأسباب الظاهرة والأسرار الخَفية التي دفعت كنفدرالية الملغاشي أحمد أحمد لترحيل «السُوبر» نحو إمارة تميم بن حمد. على عَكس العَادات و«القانون» تَاريخيا، سَيكون «السُوبر» الإفريقي المُنتظر اليوم بين الترجي والرّجاء في قطر حَادثة غير مَسبوقة بحكم أن هذه الكأس جَابت كَامل أنحاء القارة السّمراء من جنوب إفريقيا إلى المغرب ولا عَهد لها بإجتياز الحُدود القارية «خِلسة» أوعَلنا كما سيحصل الأمر في النسخة الحالية عبر «الصّفقة» المُبرمة بين «شيوخ» الإمارة القطرية وأحمد أحمد. قَانونيا، تكون الأولوية لحَامل رابطة الأبطال لإحتضان لقاء «السُوبر»: أي أن المبادىء العامّة للمسابقات الإفريقية تقف في صفّ الترجي (صَاحب «الشُومبيانزليغ») لإستضافة الرجاء (صَاحب كأس «الكَاف») هُنا في تونس وليس في أيّ مكان آخر. أمّا على أرض الواقع فقد استغلّ رئيس الكنفدرالية الإفريقية غياب «البُعد الإلزامي» في النصّ القانوني المذكور لينقل «السُوبر» إلى قطر وذلك لعدّة أسباب فيها الظّاهر والبَاطن. حِسابات رئيس «الكَاف» في الظّاهر، يُمكن لرئيس «الكَاف» أن يُقدّم لائحة طَويلة وعَريضة للإمتيازات الكَثيرة التي سَتَغنمها الأطراف المَعنية من اللّعب في ضِيافة الأشقاء القطريين. ومن المعلوم أن رِحلة الترجي والرّجاء إلى قطر ستدور في ظروف «مَلكية» على صَعيد الإقامة والمَعيشة هذا فَضلا عن اللّعب في ميدان من الطّراز الرّفيع والحَديث عن ملعب «الغرّافة» الذي سيكون ضِمن المُنشآت المَعنية بإحتضان نهائيات مُونديال 2022. كما أن طَرفي هذه القمّة سَيَجنيان عائدات مالية مُعتبرة بما أن البطل سَيَربح حَوالي 600 مليون مُقابل 150 ألف دُولار للوصيف. وستكون هذه الصّفقة مُثمرة أيضا على صعيد التَسويق للكرة الإفريقية قِياسا بالحَملات الإشهارية والتغطيات الإعلامية ل»الدربي» المغاربي المُنتظر اليوم في ملعب «الغرّافة» وبحضور جماهيري غَفير. وكلّ الفوائد والمَنافع المذكورة قد تُقنع النّاس بأن نَقل هذه الكأس من مَوطنها الأصلي إلى قطر عَملية «عادية» وخَالية من كلّ الحسابات الخَفية لكن معرفتنا الجيّدة بسيطرة لعبة الكواليس على مِثل هذه الصّفقات الكروية تجعلنا نطرح ألف سُؤال عن الدوافع غير المُعلنة. وهذه القِراءات تَحتمل طبعا الصّواب والخطأ. ولم تَستبعد بعض الجهات أن يكون تَهجير «السُوبر» من إفريقيا إلى قطر خَاضعا لمنطق العَلاقات و»الوَلاءات». ويستند أصحاب هذا الرأي على «ملفات» أحمد أحمد لتبرير «شُكوكهم القَاتلة» ويعتقد هؤلاء أن نقل اللّقاء إلى «الدّوحة» هو تَكملة ل»المُعاملات السرية» بين رئيس «الكَاف» وشيوخ الإمارة القطرية الذين استفادوا من خدمات ابن مدغشقر لاستقطاب «الأصوات الإفريقية» في «مَعركة» الحصول على حقوق تنظيم مُونديال 2022. وقد اتّهمت بعض الأطراف أحمد أحمد بصفة علانية ب»التورّط» في دعم الملف القطري دون تقديم اثباتات رسمية. والمُثير للجدل أن الرجل تلقى بدوره دعما كبيرا في «الحرب» الإنتخابية التي جَعلته على رأس «الكَاف» بدل الكامروني «عيسى حياتو». ولا أحد يعرف طبعا مَصادر تلك التَمويلات والمُساعدات. وبالتوازي مع هذه التأويلات وهي مَنطقية وإن لم يُقدّم أصحابها أدلّة مَادية، من شبه المُؤكد أن جِسر الودّ الرابط بين قطر وأحمد أحمد قوي وسيكون من «الغَباء» الإعتقاد بأن إقامة «السُوبر» الإفريقي في «الدّوحة» لا صلة له بِحَملة التسويق للقطريين بمناسبة الكأس العالمية المُرتقبة في 2022. وقد كان أحمد أحمد زار «الدوحة» في 2018 وأغرق «شيوخ» الإمارة في الإشادات مُعتبرا أن المونديال القطري سيكون استثنائيا و»خُرافيا». وقد لا نأتي بالجَديد إذا قُلنا إن المُسابقات الإفريقية تعيش أيضا تحت هَيمنة القنوات الناقلة والشركات الراعية وهي بدورها تَابعة لشيوخ الإمارة القطرية أو لها أنشطة حَيوية في «الدوحة» (على غرار شبكة «البي .آن .سبور» و»تُوتال» وهما من شُركاء «الكَاف»). إنّه عَالم المَصالح المُتبادلة والتي تختلط فيها الرياضة بالمَال والإعلام وحتّى السّياسة وهي حتما حاضرة في ذِهن أحمد أحمد «القِزم» الذي أصبح «عِملاقا» في دنيا كرة القدم.