رغم مرور اكثر من خمسة قرون على رحيله مازالت اعماله تؤرق العديد من الباحثين والدارسين في العالم ، ومنها بالخصوص عمله الشهير او لوحته المعروفة باسم الموناليزا او الجوكندا ذات تعابير الوجه الغامضة والمثيره لكونها تدل على أكثر من حالة نفسية … انه ليوناردو دافنشي . ولد دافنشي عام 1452 في مزرعةٍ تقع بين أنجيانو وفالتو غنانو في إيطاليا ، وينتمي لعائلةٍ ثريّة، لكن والدته كاثرين هي من الطبقةِ الدنيا، وأنجبت ابنها نتيجة علاقة غير شرعيّة قامت بين الوالدين . وعلى الرغم من أن انه كان طفلاً غير شرعي، فقد شهد ميلاده ترحيباً حاراً من ذويه، ويُعتقد بأنّ دافنشي قد بقي في منزل جده الواقع في الريف حيث تلقّى علومه بشكلٍ متقطع وغير منتظم ودون تعمق ، وقد تعلّم الصغير دافنشي الكتابة من اليسار باتجاه اليمين والعكس، والكِتابة بالمقلوب بصورةٍ مناظرة لغاية الكتابة العاديّة. أوصى جده قبل وفاته بانتقال جزء من المِيراث له . وعلى الرغم من ضآلة الأعمال الفنيّة لدافنشي التي تعرّض أغلبها للضياع والفقد، أو لم يكتمل إنجازها، لكنّه كان فنان عصره ويظهر ذلك جليّاً في تأثيره على عصره، واستمرّ هذا التأثير على مدى عدد من القرون حتى وقتنا هذا. وتميّز دافنشي بأسلوبٍ خلّاق ومبدع في رسوماته . ومن بواكير أعماله لوحة (توقير ماغي)، لكن أسلوبه المُبدع ظهر جليّاً في لوحته الشهيرة (العشاء الأخير)؛ بحيث قدّم فيها مشهداً تمثيليّاً بطريقة جديدة كليّاً، حيث جمع فيها الحواريون ضمن مشهدٍ ديناميكي مليء بالتفاعل، وصوّر فيها يسوع المسيح في المنصف هادئاً ومعزولاً . من أعماله الشهيرة الأخرى لوحة (الموناليزا)، والتي حوّلته إلى نجمٍ شهير على مدار قرون عديدة. لوحة الموناليزا تعكس صورة ليزا جيرارديني زوجة فرانشيسكو بارتولوميو ديل موناليزا، ومن هنا أخذت اللوحة اسمها، قال تشارلز دي تولاني عن اللوحة بأنّها تُعبّر عن الشخص كنوعٍ خارق للطبيعة من البشر، وهي صورةٌ شخصيّة تتجاوز الحدود الاجتماعيّة وذات قيمةٍ عالميّة. إضافةً للوحات دافنشي فإنّ له العديد من الأبحاث والتّجارب والدراسات والاختراعات في العلوم الأخرى وخاصّةً علم التشريح والهندسة وغيرها، وكان أوّل من صمّم نموذجاً للطائرة، وأوضح أنّ الإنسان بإمكانه التحليق والطيران، وبهذا يكون قد سبق عصره بقرون بفضل علمه وشغفه اللامحدود للمعرفة. توفي ليوناردو دافنشي عام 1519 ودفن حسب وصيّته في كنيسة سانت فلورنسا .