هرقلة، مدينة ساحلية هادئة تملك جميع مقومات الوجهة السياحية. وتمثّل امتدادا طبيعيا للمنطقة السياحية بسوسة وبديلا مهيّأ طبيعيا لتنويع المنتوج السياحي في المنطقة ودعمه. الشروق مكتب الساحل: ورغم أنّ الدولة فكّرت منذ 1999 بإنجاز مشروع رئاسي يتمثل في إحداث المحطة السياحية المندمجة فإنّ هذا المشروع لا يزال معطّلا إلى اليوم بالنظر إلى تعقيدات كثيرة تحيط به منها العقارية ومنها المادية، حتّى باتت المخاوف تسيطر على أهالي هرقلة من استحالة تنفيذ المشروع. مشروع المحطة السياحية بهرقلة يتميز بموقع طبيعي خصوصي يجمع بين البحر والهضبة والسبخة والمحمية الطبيعية. وتبلغ مساحته قرابة 445 هكتارا من بينها 225 هكتارا ملك للدولة و120 هكتارا أملاك للخواص. ويبلغ طول الشاطئ 2400 متر. وتبلغ طاقة الإيواء التقديرية للمشروع بين 10 آلاف و12 ألف سرير. وهو ما يجعل منه الوجهة السياحية الثالثة في ولاية سوسة بعد المنطقة السياحية بالقنطاوي والمنطقة السياحية ياسمين الحمامات (في جزئها التابع إداريا لولاية سوسة). يتكون المشروع من عناصر طبيعية وأخرى ستتم تهيئتها. وتتمثل العناصر الطبيعية في البحيرة. وتمسح 55 هكتارا. وغابة المدفون المصنّفة كمحمية طبيعية، تمسح 100 هكتار. وسيتم العمل على المحافظة عليها وتهذيبها وصيانتها. أما بقية المكونات التي ستتم تهيئتها فهي الميناء الترفيهي الذي تبلغ طاقة استيعابه، حسب التقديرات 350 حلقة، والقرية المائية، وهي جزيرة تتوسط البحيرة لاحتضان مشروع سياحي متكامل مثل «كازينو» وعناصر أخرى، و»المارينا» وتقع حول الميناء بمساحة 16 هكتارا، وملعب القولف على مساحة 85 هكتارا قابلة للتطوير، ومنطقة النزل، التي من المنتظر أن تضم عشرات الوحدات الفندقية من الطراز الرفيع، فضلا على المنطقة السكنية على مساحة 31 هكتارا تطل على ملعب القولف وعلى ضفاف البحيرة. وسيتم تخصيص 12 هكتارا لإنشاء المطاعم والمقاهي والملاهي والمتاجر ومركز خدمات إدارية وتجهيزات وخدمات مختلفة. كما سيتم تخصيص 34 هكتارا للمناطق الخضراء ونحو 10 هكتارات لشارع النزهة المخصص لتجوال قاصدي هذه المحطة المندمجة. وبالإضافة إلى هذه المكونات يحتوي المشروع كذلك على مقاسم يمكن تخصيصها لإنجاز قصر للمؤتمرات وقاعة عروض متعددة الاختصاصات ومتحف للفنون والتراث ومسبح لترويض الدلافين ومركز للتجميل والاستشفاء بماء البحر ومركز تجاري ومركب رياضي. وتقع المنطقة التي من المنتظر أن يتم إحداث المشروع بها على بعد 110 كلم من العاصمة و20 كلم من مرسى القنطاوي و50 كلم من المحطة السياحية ياسمين الحمامات و45 كلم من مطار المنستير. وهي متاخمة لمطار النفيضة الدولي وغير بعيدة عن الطريق السيارة سوسةتونس. من المسؤول؟ ولغرض إنجاز المشروع تم إحداث «شركة الدراسات والتنمية بهرقلة» التابعة لشركة الدراسات والتنمية سوسة الشمالية. ويبلغ رأسمالها الحالي 3 ملايين دينار. وتتولى إعداد الدراسات الخاصة بمختلف مكونات المشروع. وأكد مصدر من الشركة أنّ الأمور تسير بشكل متعثر. فبعد مرحلة أولى تم خلالها اقتناء مساحات لا بأس بها من الأراضي بسعر رمزي (3 د للمتر المربع الواحد). وتعطلت عملية الشراءات التي تتكفل بها الوكالة العقارية السياحية سنوات، قبل أن تُستأنف سنة 2016 بشكل بطيء لعدة اعتبارات منها أن ثمن المتر المربع الواحد ارتفع إلى 15 دينارا، فضلا على أن عملية البيع صارت طوعية من جانب المالكين، بعد توقف التدخل العقاري للوكالة. وقد سبّب هذا التعثر بطءا في تقدم المشروع الذي لن يبدأ فعليا إلا بعد استكمال اقتناء الأراضي اللازمة. وبالتالي يصبح الحوز العقاري بيد الدولة. ومن ثمة يتم إعداد الدراسة النهائية للمشروع وإطلاق طلب العروض للمستثمر الذي سيتكفل بإنجازه، علما أنّ آخر دراسة تم إعدادها حددت الكلفة الأولية للمشروع بما يزيد على 325 مليون دينار، منها 105 ملايين دينار لاقتناء الأراضي. واعتبر المندوب الجهوي للسياحة بسوسة بسام الورتاني أنّ الملف من اختصاص الوكالة العقارية السياحية، خاصة أنّ مسألة اقتناء الأراضي تُعد مرحلة مفصلية وضرورية قبل الحديث عن تنفيذ المشروع الذي تحرص وزارة السياحة على إحداثه بالجهة. وأوضحت رئيسة بلدية هرقلة ليلى مراد من جانبها أنّه منذ إعطاء إشارة انطلاق المشروع سنة 2002 بدأت الدولة باقتناء الأراضي اللازمة لتنفيذه. وبلغت نسبة الأراضي التي تم اقتناؤها 70 % من المساحة المبرمجة، غير أنّ عملية الاقتناء توقفت منذ سنة 2010 بسبب نفاد الحصة المالية المخصصة للغرض. ومنذ ذلك الحين والمشروع يراوح مكانه دون أن يتقدّم قيد أنملة. وأكدت رئيسة البلدية أنه سيتم تحيين الموضوع مع وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية ووزارة السياحة ووزارة التجهيز، خاصة أنّ هناك حالة من التذمر تدبّ بين مواطنين يملكون أراضي. ويرغبون في التصرّف فيها أو بيعها. لكنهم لا يجدون الوجهة المناسبة التي سيتجهون إليها. ولا يعلمون إن كان المشروع سيتم أم لا. ويبدو أنّ حالة الانتظار ستتواصل سنوات أخرى قبل أن يرى هذا المشروع النور.