في مجال علاقة الغذاء بالسّرطان لا بدّ من الإشارة إلى بعض المعاينات التي قام بها مختصّون في التغذية وفي علاج الأمراض السرطان والتي أثارت نقاشات في الأوساط الطبيّة. بيّنت معظم الدراسات الحديثة أنّ الغذاء العصري كاستهلاك كميّات هامّة من اللّحوم والسكريات والمقليات والمشروبات الغازية والعصير الصناعي يتسبّب في ٪30 من حالات السرطان المسجّلة. فاستهلاك النقانق (charcuterie, Jambon) التي تضاف لها مادة النتريت تتسبّب في ظهور أمراض الجهاز الهضمي وبالأخصّ سرطان القولون. بعض الدّراسات الأخرى تشير إلى استهلاك كميّات هامّة من الحليب خصوصا الحليب الكامل وتربط ذلك بظهور سرطان البرستاتة. فاستهلاك كميّة عالية من الكالسيوم من شأنه أن يعيق التحوّل الهضمي للفيتامين د والحصول على مواد معطّلة لنموّ الخلايا السرطانيّة. لاحظ باحثون من جامعة كاليفورنيا في مقال نشرته المجلّة الوطنيّة لمعهد السّرطان أنّ استهلاك الحليب الكامل الذي يحتوي على كميّات هامّة من الهرمونات الأنثويّة يزيد في نسبة الإصابة بسرطان الثدي. عادة ما توصي مؤسّسات الصحّة مدعومة بالحملات الدعائيّة لشركات الحليب النساء خصوصا منهنّ اللاّتي انقطع عنهنّ الطمث بتناول 3 أنواع من الحليب ومشتقاته يوميّا للحدّ من احتمال حدوث الكسور العظمية والوقاية من تهشش العظام (وسنخصّص لهذا الموضوع كتابا آخر). لكن مؤسسة «مبادرة الصحّة للنساء» Women's Health Initiative قد فنّدت كلّ ذلك وبيّنت أنّ هذا الاستهلاك يتسبّب في زيادة نسبة الكسور ب20% بينما يرفّع من عامل النموّ IGF1 في الدم وهذا الأخير يتسبّب في ارتفاع نسبة الإصابة بالسرطان وقد خلصت دراسات أخرى إلى نفس النتيجة بالنسبة لسرطان البرستاتة. عندما ننصح بتناول «حليب الأم» وتجنب الحليب الاصطناعي للرضع لما للأول من فائدة صحية مقارنة بالثاني فإن ذلك لا يتوقف على هذا الجانب بل يتعدّاه. فلقد تبين أخيرا أن الرضّاعات البلاستيكية (biberon) الحاوية لمادة Bisphénol A الموجودة أيضا في علب المصبرات وفي بعض الأوراق التي تستعملها أمينات الصندوق في المغازات الكبرى Caissières تتسبب في أمراض السكري والربو والسرطان مما دفع بالسلطات الصحية في أوروبا إلى منع استعمالها وهذا بعد أن استعملها ملايين الرضع لمدة عقود من الزمن وقد استعيض عنها بمادة بلاستيكية أخرى لا تقل عنها خطورة. نعلم جيدا أن استهلاك اللحوم بأنواعها قد عرف تصاعدا هائلا خلال العقود الثلاث الأخيرة وقد أثبتت دراسات قامت بها الجمعية الأمريكية للوراثة بأن زيادة استهلاك اللحوم الحمراء من شأنه أن يحدث تغييرا في الجهاز الوراثي يؤدي إلى بروز أورام وخبيثة خصوصا أورام القولون والمستقيم. أخيرا لا بدّ أن نشير إلى موضوع ما فتئ يثير نقاشات حادة داخل الأوساط الطبية والعلمية وهو موضوع التلاقيح ودورها في الوقاية من بعض الأمراض ولكن ما يهمنا هو مكونات هذه التلاقيح. فاليوم يعرف العالم حملة واسعة للمطالبة بالاستغناء عن مادة الألمنيوم من التلاقيح علما بأنها تتسبب في عديد أمراض الجهاز العصبي. اعترفت أخيرا مؤسسةMerck أنها أدمجت في بعض التلاقيح التي روجتها في العالم فيروسا قد يتسبب في ظهور مرض السرطان.(S.V.40) من المعلوم أيضا أنّ تقنيات إعداد التلاقيح التي لا تزال أساسا سريّة حتى بالنسبة للأطبّاء والمختصّين تعتمد خليطا من الخلايا البشريّة أو الحيوانيّة التي تقع سرطنتها اصطناعيّا كي لا تموت وتتوالد ثمّ يقع الحصول على السائل منها إثر عمليّة تصفية filtration وتقدّر نسبة نجاعة هذه التصفية ب90% وهي النسبة التي تسمح بها المنظّمة العالميّة للصحّة. كذلك يقع اللّجوء إلى قطع من «الكروموزوم» أي المادّة الوراثيّة المحوّرة جينيّا. تضاف لكلّ ذلك مواد كيميائيّة بعضها متهم بتسببه في مرض السّرطان ومضادات حيويّة ومادّة «التيومرسال» (مكوّن للزّئبق). (يتبع)