حين أُتِيحتْ الفرصة للأحزاب للتنافس في إطار ديمقراطي للوصول الى الحكم في تونس الجديدة سارعوا بالتنافس على من يسيطر الأول على وزارة الداخلية. فهؤلاء هم أيضا، مثل بن علي، مستبدّون يؤمنون بأن الأنظمة بوليسية أو لا تكون. وحين جاءت الحرية كاملة... رشيقة... هادئة... نقيّة كدماء الشهداء الطاهرة أفسد الجهل وانعدام المسؤولية اجواءنا فسادت الفوضى بدل سيادة القانون. تعذّر على الحكومات المتداولة، واهمها حكومة يوسف الشاهد باعتبارها الأطول منذ 2011، فرض سيادة القانون...والقانون يعني منح الناس حقوقهم واحترام ما نصّ عليه الدستور ثم فرض سلطان القانون على كل مخالف محترف للتجاوزات. فلم يحدث شيء من هذا. جاءت الحرية كاملة ونقيّة فشوهناها وبات الكثير منّا، طبعا لست أنا، يحلم بعودة الدكتاتورية التي تتحكم في أسعار الخضر وتضمن انتشار حالة الرعب والخوف مجددا في مفاصل التونسيين ظنّا منّا بأنه الحل الوحيد لفرض هيبة الدولة. لا يا سادتي أنتم مخطئون فهيبة الدولة في منح الكرامة للناس وفرض سيادة القانون والقطع مع الفساد والمفسدين. وهيبة الدولة ليس إذلال الناس وترعيبهم ولا إيقاف المحتجين وتشويه تحركاتهم وتلفيق التهم اليهم وهي ليست حتما البيان رقم واحد. وهيبة الدولة ليست هيبة الأشخاص. بل هي هيبة القانون وتحقيق العدالة في مختلف المجالات. فالدولة الظالمة لا تنتج سوى فوضى كهذه التي نعيشها.