ليست المرة الأولى، التي نرصد خلالها استهتارا برمز البلاد فمشاهدة العلم التونسي ممزقا أو بألوان باهتة مصّفرة يعلو المؤسسات العمومية والإدارات التونسية، أصبحت عادة سيئة في عديد مؤسسات الدولة، التي فقدت هيبتها بالحالة الرثة للعلم في السنوات الأخيرة..بلادنا ورغم الخور، الذي أطالها لعقود ظل علمها مرفرفا على القمة بألوانه النابضة بالحياة لتصبح الوطنية في سنوات الحرية والكرامة، تحتضر في فوضى اللامبالاة والتقاعس وغياب المحاسبة..فكيف يمكن استيعاب رؤية العلم التونسي في حالة يرثى لها من قبل المسوؤلين على هذه المؤسسات العمومية ؟! ألا يرفع مدير مثل هذه الإدارات رأسه عاليا وهو يقتحم مكتبه متجهما كل صباح.؟.من الواضح أن الغطرسة فاقت رفعة الشأن والفخر بأهم رموز البلاد.. ما يثير السخط أكثر أن جل هذه المؤسسات تقوم باستخدام العلم في الترويج لانتاجاتها ومشاريعها وتصر على أنها مؤسسات وطنية فشركة على غرار «التيليكوم» كيف تسمح لنفسها بترك العلم التونسي أمام مقرها بمنطقة مركز العمران الشمالي ممزقا وهنا على سبيل الذكر لهذا الفرع لا الحصر ؟! هذا دون الحديث عن البريد التونسي، الذي يعاني المشاكل ذاتها في أكثر من فرع له فما معنى أن يستقبلك العلم التونسي في وسط مدينة أريانة والأوساخ تغطيه حتى أصبح لونه أقرب إلى البرتقالي منه إلى الأحمر القاني..لن نتحدث عن طوابير الناس، التي تنتظر لساعات فيما الموظفون يتحادثون عبر الهاتف أو مع زميلة تفكر في تغيير لون صبغة شعرها ..فهذه السلوكيات أصبحت من الروتين اليومي وتعود عليها المواطن التونسي حتى صار لا يستغربها لكن أن تصل درجة الاستهتار إلى تجاهل كل الملاحظات والصور، التي تداولها عدد كبير من التونسيين على مواقع التواصل الاجتماعي فهذا يعكس مدى استخفاف برمزية العلم والصورة التي يعبر عنها من سيادة وهيبة لدولة لم يعد موظفوها ملتزمين بأولوياتها.. الحالة المزرية للعلم التونسي يمكن أن تشاهدها في عشرات المؤسسات في اليوم الواحد من شركات النقل البري إلى فروع شركة الكهرباء والغاز .. البلديات والمقرات التابعة لها .. مقرات البريد التونسي، وغيرها لا تعد ولا تحصى فحمى الاستسهال والاستخفاف بالعلم، أصابت جل المؤسسات العمومية، التي لا تشفى من هذا المرض المعدي سوى أيام قليلة قبل 20 مارس من كل سنة احتفالا بعيد الاستقلال فهل فعلا نلنا استقلالنا؟! مع هذه الممارسات، التي لا تفقه شيئا في الأبجديات الأساسية لمعنى الوطنية وسيادة الدولة والحفاظ على رمزيتها لا يمكننا للأسف الحديث عن دولة تملك زمام الأمور، وتتحكم في مصيرها وتسيطر على سير مؤسساتها بعلم لونه يوحي بالمرض وحالته المثيرة للشفقة خير دليل على الفوضى المسيطرة على سير المؤسسات العمومية في بلادنا..ثم يحدثوننا عن تحسين صورة البلاد ودعم السياحة من جديد ومحاربة الإرهاب والتطرف فهل بهذه المشاهد المنتشرة في أكثر المناطق حيوية ولفت لانتباه المارة من مواطنين وسياح سنبتسم ونمنح البلاد صورة جميلة..؟.لا نعتقد للأسف.