يقول الفرنسيون «المدرب خطاب قبل كل شيء» في إشارة إلى أن الخطاب الذي يتوجه به المدرب إلى لاعبيه في حجرات الملابس وأثناء التمارين وقبل المقابلات وخلال التربصات أهم من الخطط الفنية والتعويضات و«الكوتشينغ» ولذلك انتظرت بفارغ الصبر الندوة الصحفية التي عقدها زين الدين زيدان عندما قرر العودة إلى «البيت الأبيض» ملبيا نداء الاستغاثة الذي أطلقه رئيس الريال «بيريز». كان زيدان بليغا وكان تصريحه الأول بمثابة العلاج لوضع الفريق الملكي المتردي جدا وكثيرا. أكد زيدان أن فريقه لا يحتاج إلى ثورة كما أكد البعض في إشارة إلى أن اللاعبين الذين حققوا المعجزات على امتداد المواسم الأخيرة لا يمكن رميهم في مزبلة التاريخ فجأة. وتجنّب زيدان أن يكون كلامه جارحا أو حتى عاتبا حتى يتمكن بمجرد تصريح من وضع الجميع «في المكتوب» كما نقول بلهجتنا التونسية وختم زيدان حديثه بأن الريال فريق يحترم تاريخه ورموزه ولذلك لا يمكنه أن يخجل من فترة ضعف. في إطار التأكيد أن المدرب خطاب أكثر منه شيء آخر يمكن القول إن مورينهو اشتهر بفضل تصريحاته ولسانه وليس بفضل كؤوسه وتتويجاته وذلك نطلق عليه اليوم «السبيشل وان» وفي المقابل يمكن القول إن هناك مدربين ضحية ألسنتهم أي أن هناك مدربين بارعين في التمارين والخطط الفنية والإعداد الفني والتكتيكي والبدني والذهني والنفسي ولكن عندما يجد الجدّ يوم المقابلة تخونهم ألسنتهم ولنا في تونس أمثلة كثيرة لعل أشهرهم السيد يوسف الزواوي الفني الأفضل في تونس على الاطلاق من حيث المستوى النظري وكذلك من حيث ترجمة أفكاره على أرض الواقع لكن في التمارين والتربصات فقط أما يوم المقابلة فيستبد به الخوف وينعقد لسانه ويعلق الهزائم والفشل على شماعات لا تحصى ولا تعد. ولنا في تونس مثال معاكس « Contre Exemple» وهو المدرب منتصر الوحيشي الذي صعد منذ أيام فقط في قطار التدريب أي أنه مازال في المحطة الأولى وهو بالتأكيد في حاجة إلى الكثير من الوقت والتجارب نجاحا وفشلا ولكنه بارع في الكلام بل إنه الأكثر قدرة في تونس على التأثير على اللاعبين وما لا يعرفه الكثيرون أن نجاح المدرب الفرنسي سانشيز مع الإفريقي يعود فيه الفضل إلى السيد منتصر الوحيشي وقدرته على التأثير على اللاعبين عند النجاحات والفشل على حد السواء. كما أن نجاح النادي البنزرتي في بداية الموسم الحالي يعود فيه الفضل إلى الوحيشي الذي عرف كيف «يستخرج» من اللاعبين أفضل ما عندهم وكان في كل مرة يعرف كيف يحث لاعبيه على مزيد العطاء والتضحية لأنهم كانوا بلا أجور (الآن أصبحوا بلا منح) وبفضل قدرة الوحيشي على الإقناع كانت حجرات الملابس نقطة قوة الفريق ومن له علاقة بعالم المستديرة يعرف أن حجرات الملابس أهم بكثير من الخطط والأموال والتحكيم وكل الأطراف المتداخلة في لعبة كرة القدم لكن للأسف بالنسبة إلى أحباء النادي البنزرتي فقد نسف عبد السلام السعيداني كل ذلك عندما أراد الركوب على الأحداث وأن ينسب النجاحات لنفسه. وعندما كان مطالبا بشكر الإطار الفني وتشجيعه أراد أن يسحب البساط من تحت قدميه وبدل التأكيد أن النجاحات طبخت في مطبخ النادي تحت قيادة المدرب الشاب رمى رئيس النادي فريقه من حيث لا يدري في مستنقع عندما أشار أنه بارع في الدسائس ونصب الفخاخ . أما الوحشيشي واعترافا له بالجميل فقد دعمه بيوسف الزواوي على اعتبار أن المدرب بنصف لسان وغير قادر على تبليغ أفكاره للاعبين. و بما أن تونس بلد العجائب بامتياز فقد أصبح الزواوي مكلفا بتأطير اللاعبين أو ما يسمى بالإحاطة الذهنية وبما أن الكرة لا تحترم إلا من يحترمها وبما أن السعيداني أعلن براعته في الدسائس وبما أنه استنجد بالزواوي تاه الفريق ولم يعرف إلا الهزائم.