ليلى نقولا (أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية) مع تجربة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة الصهيونية على الجولان السوري المحتل، يمكن التكهّن بأن ترامب سيقوم بالاعتراف بضمّ الضفة الغربية إلى «إسرائيل»، طالما قام بما قام به في السابق ولم يحصل أيّ تصعيد بالمقابل. بل ما زال العرب يهرولون للتطبيع مع الصهاينة ويهرعون لاسترضائهم. لكن، لماذا يقوم ترامب بكل هذه الخدمات لنتنياهو وماذا يريد «التاجِر ترامب» بالمقابل؟ فعلياً بدأ ترامب منذ انتهاء انتخابات الكونغرس النصفية، بالتحضير للانتخابات الرئاسية التي سوف تُجرى عام 2020. ويحتاج ترامب لإعادة انتخابه إلى دعم اللوبي اليهودي في أمريكا بالإضافة إلى أصوات الكتلة الإنجيلية. بالنسبة للوبي اليهودي، يُدرِك ترامب حجم التأثير الذي يمتلكه هذا اللوبي على صعيد الجامعات والإعلام والتأثير على الكونغرس، بالإضافة إلى مجموعات التفكير المختلفة والتي تستطيع تشكيل رأي عام ضاغِط يعاقب مَن يعادي الكيان الصهيوني، و»يعوّم» مَن يخدمه، ويُحفّز الناخبين للتصويت له. أما بالنسبة لأتباع اليمين الأصولي الإنجيلي، فهؤلاء يُصوّتون عادة لمُرشّحي الحزب الجمهوري، اعتقاداً منهم أنهم «أكثر تديّنًا»... وبالرغم من الفضائح الأخلاقية التي رافقت مسيرة ترامب السياسية، وابتعاده عن التديّن، إلا أن هذه الكتلة أعطته 81% من أصواتها عام 2016. ومن هنا، كان الضغط الشديد الذي مارسه ترامب على تركيا في قضية القس برونسون والتي كادت تقطع العلاقات الأمريكية مع دولة حليفة في حلف الناتو. وتشير التقارير الصحفية، إلى أن اعتراف ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، كان بنتيجة جهود وضغوط من هؤلاء، وأن نتنياهو عقد اجتماعاً مع بعض النافذين في الكنيسة الإنجيلية لشُكرهم في إقناع ترامب باتخاذ قرار نقل السفارة. يقرأ «اليمين المسيحي الإنجيلي» في نصوص العهد القديم، ويؤمنون بما أتت به، أي بنفس الأفكار التي روّجت لها الصهيونية، أي وجوب قيام دولة صهيونية لأن المسيح سيعود مرة ثانية لمحاربة الشر، على الأرض بعدما تحصل إعادة تجميع لليهود في فلسطين، وبناء الهيكل في «أورشليم». وبعد قيام ترامب بنقل السفارة إلى القدس والاعتراف بالجولان، حاول ترامب استخدام تصريحات النائبة المسلمة إلهان عمر لاتهامها بمُعاداة الكيان الصهيوني، ولاستغلال الحركة الحزبية «جيكزودس» التي تشجّع على ابتعاد اليهود عن الحزب الديمقراطي والانتقال إلى الحزب الجمهوري ودعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات المقبلة. إذاً، تبدو القاعدة الحزبية التي سيتّكل عليها ترامب في انتخاباته المقبلة، هي الحركات المسيحية «المُتصهينة»، بالإضافة إلى دعم اللوبي اليهودي، وجنرالات البنتاغون الذين أغراهم ترامب بزيادة الموازنة الدفاعية إلى أقصى حد... وإذا استمر ترامب في سياساته الجاذِبة لليهود واليمين المسيحي الإنجيلي، واستمر الحزب الديمقراطي في الغرق في مشاكله وعدم القدرة على إيجاد مُرشّح لمُنافَسة ترامب بقوّة، يكون على العالم والأمريكيين التعايش مع فكرة بقاء ترامب أربع سنوات إضافية أخرى.