انطلقت حملة «الشاهد» لمحاربة الاحتكار. ورغم «بشائر» السيطرة على المتسببين في المضاربات وغلاء الأسعار، فإن أسئلة تصاعدت حول إن كانت هذه الحملات موسمية أم دائمة لمحاربة المتاجرين بقوت التونسي ومعيشته. فالتونسي لا يأكل فقط في رمضان بل طول العام. تونس «الشروق» شمل ارتفاع الأسعار مؤخرا كل المواد الاستهلاكية تقريبا لا سيما منها أسعار الخضر والأسماك. كما عرفت أسعار التمور وخاصة الدقلة ارتفاعا ملحوظا حسب بيانات المرصد الوطني للفلاحة. وكانت المؤشرات إلى حدود الشهر الماضي توحي بأن التونسي سيواجه أياما عصيبة من الغلاء والانفلات في الأسعار، حتى أنه يخشى فقدان «نكهة» أيام الصيام. حملات ناجعة تواصلت يوم أمس حملات المداهمات والإيقافات في حق كل من تورط في تخزين مواد واحتكارها قصد المضاربة في الأسعار. وكانت حملات رقابية مشتركة قد انطلقت في كامل جهات الجمهورية واستهدفت مخازن تبريد الخضر والغلال في إطار الاستعدادات لشهر رمضان والتصدي للاحتكار والتلاعب بالأسعار. وقد أسفرت عملية المراقبة والمداهمة عن 118 مخالفة اقتصادية بعد انجاز 463 زيارة تفقد أمنها 95 فريقا رقابيا مشتركا بين فرق المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة والوحدات الأمنية . كما كشفت الإدارة العامة للمنافسة والأبحاث الاقتصادية بوزارة التجارة أن حصيلة المحجوزات ارتفعت إلى 2164 طنا من الخضر والغلال منها 139 طنا من البطاطا و245.7 طنا من التمور و685.2 طنا من التفاح و396.3 طنا من الموز و567 طنا من القوارص و121.4 طنا من الخضر التي يزداد عليها الطلب أهمها الفلفل والطماطم والبصل. وقد تضمنت الحصيلة أيضا 36.5 طنا من المواد المدعمة مثل العجين الغذائي والدقيق المدعم و25382 لترا من الحليب المدعم ونحو 180 ألف بيضة و800 ألف علبة مصبرات غذائية و100 كلغ من الأجبان. وأسفرت حملات مراقبة المخازن والمستودعات التي انطلقت يوم أمس وما تزال مستمرة عن تحرير 118 مخالفة اقتصادية بعد انجاز 463 زيارة تفقد أمنها 95 فريقا رقابيا مشتركا بين فرق المراقبة الاقتصادية بوزارة التجارة والوحدات الأمنية . وحسب مصادر مطلعة فإن نتائج الحملات المشتركة التي شملت وزارة الداخلية ووزارة التجارة قد بلغت 1782351 ألف دينار في اليوم الأول، من بينها 132960 بيضة، وأطنان من البطاطا والتمور والتفاح والقوارص والخضر والفارينة المدعمة والحليب نصف الدسم والزيت المدعم. وهو ما يشير إلى ارتفاع نسب مضاربة أصحاب المخازن العشوائية بمعيشة التونسي وأكله ومناسباته. نجاح الحملات الأخيرة وإن كان قد لاقى استحسان المواطنين والعاملين في الأجهزة الرقابية إلا أن السؤال الأكبر الذي تم طرحه هو «هل ستتواصل هذه الحملات؟» وحسب مصادر مطلعة من وزارة التجارة فإن الحكومة عازمة على وضع خطة عمل قصد مواصلة العمل الرقابي المكثف طيلة السنة وجعله ضمن برنامج دائم يهدف إلى مقاومة الاحتكار والحد من الأسعار. وبينت مصادرنا أنه ومن أسباب الارتفاع الكبير في الأسعار في المدة الاخيرة المضاربات وعمليات الاحتكار في عدد من المواد الأساسية. ومن المهم حسب الخبراء في الاقتصاد أن تكون عمليات الحجز والمراقبة مكثفة ودائمة وأن يتم تطوير العقليات وتعزيز الإرادة السياسية حتى تكون حملات مقاومة الاحتكار والقضاء على السماسرة متواصلة طيلة السنة، وليست موسمية مرتبطة بزيارة «الشهر الكريم» الذي كان هذه المرة شفيعا للتونسيين لمحاربة المتسببين في الغلاء الفاحش في الأسعار. ومن المهم أيضا أن لا تظل الحلول ترقيعية ووقتية. وحسب مصادر مطلعة من رئاسة الحكومة فإن العمل سيتواصل في دعم سبل مقاومة الاحتكار والتصدي لأسباب ارتفاع الأسعار من خلال وضع خارطة الطريق الحكومية للستة أشهر القادمة، وهو ما من شأنه في البداية ضمن الاستعداد الأمثل لشهر رمضان ان يدعم القدرة الشرائية للمواطن، في الشهر القادم وبقية أشهر السنة. وقد تحدث رئيس الحكومة في تصريح له على التركيز في مسألة التحكم في الأسعار والقدرة الشرائية للمواطن وعن وضع خطة وطنية لمراقبة الأسعار تشمل الأسواق والمخازن ومسالك التوزيع عبر الاستعانة بفرق مشتركة تجمع وزارة التجارة والأمن والحرس وكل الهياكل المعنية وتكون مرفوقة بخطة اتصالية ناجعة تضع حدا لانتشار الإشاعات والمغالطات. وكانت البداية يوم الإثنين بهذه الحملات، مع التأكيد على توفر كل البضائع والسلع وبأسعار مقبولة وذلك عبر الضرب بقوة على ايدي المحتكرين وكل من يتاجر بقوت التونسيين. من جهة ثانية من المنتظر اتخاذ جملة من القرارات اللازمة للقطاع الفلاحي وقطاع الألبان والحبوب ودعم الفلاحين من اجل تأمين موسم فلاحي ممتاز، وهو ما من شأنه توفير المنتجات واستقرار أسعار السوق. أكرم الباروني (نائب رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك) الإصلاح يجب أن يكون هيكليا - ما رأيكم في الحملة الأخيرة لمقاومة الأسعار وهل تعتقدون أنه من المهم الدفع نحو حملات دائمة للحد من ارتفاع الأسعار ؟ - نعتقد أن الفائدة ليست فقط في القيام بحملات مراقبة موسمية في رمضان أو غيره، فعملية الإصلاح هي عمل دائم وتتطلب أولا وقبل كل شيء إصلاح المنظومة في حد ذاتها. فمن خلال تحاليلنا للواقع المعيش نلاحظ أن من الأسباب الأولى لغلاء الأسعار هو ما يعيشه الفلاح من ظروف في توفير المواد الأساسية، فمثلا هناك ارتفاع كبير في الأسعار على الأسمدة والبذور والمواد الفلاحية التي يستعملها الفلاح، مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، ولا ننسى أن هذا الارتفاع ناجم عن أن معظم المواد التي يستعملها الفلاحون، موردة بالعملة الصعبة في وقت يشهد فيه الدينار انحدارا. بالتالي فمعالجة أزمة الأسعار في جزء منها معالجة للوضع الاقتصادي للبلاد، وعلاج لمشاكل التوريد وتوريد المواد الاساسية. من جهة ثانية يجب دعم المنتجات الفلاحية بشكل تكون فيه موجودة كامل السنة. فغياب هذه المنتجات سيجعل من السماسرة والتجارة يضاعفون من معدلات الاحتكار. كما يجب مراقبة من يستغلون المبردات لإخفاء السلع ثم المضاربة بها. ولا ننسى أنه وطالما لم تقع عملية إصلاح منظومة مسالك التوزيع، فإن النتائج ستظل كارثية على المقدرة الشرائية للمواطن. أما في ما يتعلق بالحملة الأخيرة فنقول إن المسألة ليست مسألة حملات إعلامية بالأساس، بل هي مسألة عمليات دائمة ومتواصلة. - هل الأجهزة الحالية قادرة على ضمان استقرار الأسعار ومقاومة الاحتكار بشكل دائم ؟ - امكانيات وزارة التجارة وحدها غير كافية لمواجهة ما يحدث من احتكار وسمسرة. فهي لا تغطي كامل البلاد والعدد الكبير من نقاط البيع والتوزيع. ووجود نقائص في أجهزة الرقابة عموما مع غياب الإمكانيات عوامل إضافية تؤدي إلى غلاء الأسعار. نلاحظ اليوم في السوق نقصا في عدد من المواد الأساسية مثل الزيت المدعم والسميد وغيره من المواد. كما نلاحظ أن المستهلك أنهكته زيادات الأسعار عموما والزيادة في المحروقات. للأسف نحن أصبحنا «مناسباتيين» في ملاحظة شكوى المواطن، والتفاعل معها. ولعل الحملة الأخيرة مقترنة بارتفاع نسب الاستهلاك في شهر الصيام. لكن هذا لا يجب أن يخفي ما تعانيه المنظومة عموما . أما في ما يتعلق بمسؤوليات منظمات المجتمع المدني، فنحن مثلا كمنظمة الدفاع عن المستهلك لا يمكننا القيام بعمل الدولة التي تمثل المسؤول الأول عن الملاحظة والمراقبة والمقاومة. دورنا رقابي لتسهيل عمل الأطراف المسؤولة، رغم ما تعيشه المنظمة من نقص في الإمكانيات المادية واللوجستية.