لا يمكن الحديث عن تاريخ قرطاج والمعارك التي قادها حنبعل ضد الإمبراطورية الرومانية دون العودة الى مؤلفات تيت ليف (Tite-Live) او تيتوس ليفيوس الذي يبقى رغم مرور أكثر من ألفي عام على الحقبة التي عاش فيها ، من أكثر المصادر توثيقا لتاريخ روما. إن المعلومات المتوفرة عن حياة تيتوس ليفيوس جدّ ضئيلة، وخلاصتها أن تيت ليف أو لايفي أو ليفيوس ولد عام 59 قبل الميلاد، في مدينة «بادوفا» في شمال إيطاليا وعاش في روما في عهد الإمبراطور أغسطس، وكان صديقاً للإمبراطور، إلا أنه كان حريصاً على الحفاظ على استقلاله بوصفه مؤرخًا. و يعد تيتوس ليفيوس من أشهر المؤرخين الرومان يتناول كتابه «التاريخ منذ تأسيس المدينة» التاريخ الروماني منذ تأسيس مدينة روما حتى وفاة دروزوس عام 9 قبل الميلاد ويعتبر هذا العمل مصدراً قيماً لبيان الاتجاهات الاجتماعية والثقافية والسياسية للعديد من الشخصيات الرومانية في عهد الإمبراطور أغسطس (27 ق. م 14 م). وقد كتب ليفي هذا العمل في 142 كتابًا، لم يتبق منها سوى 35 كتاباً. قضى ليفي أكثر من 40 عاماً لإنجاز هذا العمل الذي اكتسب شهرة في العصور القديمة وكان مصدراً للعديد من الاقتباسات. وقد عُرف هذا العمل الطويل عن طريق الملخصات والمختصرات في المقام الأول. ولا يزال العديد من هذه الملخصات موجودًا حتى الآن. في عام 218 ق.م. كانت كانت قوات قرطاج ، أثناء غزوها لايطاليا بقيادة حنبعل قد تمكنت من الايقاع بالجيش الروماني والتنكيل به على شواطئ بحيرة تراسيمين شمالي روما ، و لكن تيتوس ليفيوس كان دوما منحازا لروما في توثيقه لحروبها و منها الحرب البونية مقدما الجيش الروماني كقوة لا تقهر. ويعود ذلك الى مشاعره الوطنية وإحساسه بالولاء للمثل العليا لأباطرة روما ، اضافة الى اعتقاده المبالغ فيه بذكاء الشعب الروماني القديم وقوة بأسهم. فقد كان معجبا الى حد التقديس بتلك الصفات. ورغم ولاء تيتوس ليفيوس لروما وانحيازه للجيش الروماني في توثيق معاركه ، فإن ذلك لم يثنه عن الحديث عن عظمة حنبعل في حربه ضد روما اذ جاء في مؤلفاته قولة حنبعل الشهيرة «لم اتوجه الى إيطاليا لشن حرب إبادة و انما جئت من اجل هيبة و سيادة قرطاج». توفي تيتوس ليفيوس في عام 17 ميلادياً، في مسقط رأسه «بادوفا»، وكان قد عاد إليها في أخريات ايامه، عندما وجد أن قوة أغسطس المتزايدة قد جعلت من النظرة الجمهورية القديمة لمضمون الحرية موضوعاً يصعب على الكاتب أن يطرقه، بل وقد يكون خطراً عليه إن فعل.