تكاثرت مخازن التبريد كالفقاقيع في المناطق الفلاحية والاحياء الشعبية وأصبحت عنوانا للاحتكار وغلاء المعيشة الذي أرهق التونسي واطنان من المنتوجات ومليارات تلهفها السوق السوداء على حساب الفلاح والمستهلك. تونس (الشروق): تم في الأيام الأخيرة حجز أطنان من المنتوجات ضمن حملة الحكومة على مخازن التبريد العشوائية المنتشرة في المناطق الفلاحية والاحياء الشعبية مغذية بذلك لهيب أسعار السوق بسبب الاحتكار والمضاربة ومليارات تلهفها السوق السوداء على حساب الفلاح والمستهلك. يشتكي المستهلك التونسي في الفترة الأخيرة من الارتفاع الصاروخي لأسعار الخضر والغلال بصورة فجئية وبدون سابق إنذار وفي ظروف غير مبررة ذلك ان المستهلك تعوّد في السابق على الغلاء في المواسم الاستهلاكية الكبرى منها حلول شهر رمضان لكن الملاحظ ان الغلاء لم يعد حكرا على المناسبات بل القاعدة التي تسير وفقها الأسواق في كل اشهر السنة والملفت ان الأسعار لا تتراجع مطلقا بل تعرف نسقا تصاعديا متواصلا مما جعل الأسعار تصل إلى مستويات قياسية مقارنة بالقدرة الشرائية المهترئة للمواطن حتى أنه أصبح غير قادر على توفير اساسيات حياته الضرورية. آليات التحكم في «الفريقو» ويرجع الملاحظون هذا الارتفاع المشط الى تحكم أصحاب «الفريقوات» العشوائية المنتشرة في كل المناطق في قوت التونسيين. وهو ما يفسر الحملة التي أطلقتها الحكومة منذ أيام قليلة على «الفريقوات» والتي أفضت في أيام قليلة الى حجز أطنان من المنتوجات الفلاحية بمختلف الجهات. وهي مسالة لقيت العديد من الانتقادات باعتبار ان هذه «الفريقوات» يتم تشييدها يوميا في الجهات من طرف أصحاب رؤوس الأموال من المحتكرين امام اعين السلط المحلية بعد الثورة دون رادع وقد اتخذت من الخضر والغلال والسمك والاعلاف وسيلتها للثراء بعد ان أصبحت متحكمة في أسعار السوق وسط تذمر الفلاح والصياد واحتجاج المستهلك وفي هذا الاطار نذكر ان كلغ الطماطم الذي يعرض في السوق حاليا ب1800مي وبدينارين يبيعه الفلاح ب800مي والفلفل الذي يعرض في السوق ب2600و3دنانير يبيعه الفلاح ب 1200مي والبطاطا التي تعرض ب2د يبيعها المنتج 1300مي والبصل الذي يعرض ب1200مي يبيعه الفلاح ب350مي وهو ما يبرز دور المخازن في لهيب الأسعار. كذلك بالنسبة الى السمك ذكر لنا بحار ان الأنواع الفاخرة من السمك تباع الى أصحاب المخازن ب20دينارا للكلغ وتعرض في السوق ب50دينارا منها «المناني» و»اللونقوست» يباع ب80دينارا ثم يعرض في السوق ب110د للمستهلك وأضاف البحار الذي فضل عدم الكشف عن اسمه ان أصحاب المخازن يشكلون شبكة علاقات لترويج المنتوجات الفلاحية والبحرية في الداخل والخارج اذ ينطلق نشاطهم من «تخضير» المحصول واحتكاره ثم التحكم في تزويده للسوق وبالتالي يتحكم في الأسعار وفق قاعدة العرض والطلب اما في البحر فان البعض من هذه الشبكات يصل الى حد تقديم أجور شهرية للبحارة وقبول مجمل محصولهم وتقدر هذه الأجور بأكثر من الف دينار. حملة وبعد؟ والملاحظ ان أسعار الخضر ارتفعت من 40الى 100بالمائة بالنسبة الى البطاطا والفلفل والطماطم كما طال هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار الغلال بأنواعها المحلي منها والمستورد من ذلك التمور والموز والتفاح وحتى البرتقال فكيف تحولت مطمور روما الى سوق للمحتكرين؟ وتشير المعطيات الى ان هذا الارتفاع الواضح والكبير في أسعار الخضر والغلال يرجع بالأساس إلى نقص في تزويد مسالك التوزيع الرسمية خاصة بسوق الجملة ببئر القصعة التي تعتبر ذات مرجعية وطنية حيث سجلت مادة البطاطا نقصا كبيرا بها فالمعروض انخفض بشكل كبير وينسحب هذا النقص على مختلف أنواع الخضر كالطماطم والفلفل. ويعود نقص العرض الى الاحتكار الذي يعد السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار وتوجه أصابع الاتهام الى أصحاب المخازن الذين يتحمّلون مسؤولية انخفاض التزويد في أسواق الخضر والغلال الذي عادة ما يقع خلال تقاطع مواسم الإنتاج ولا يمتد طيلة السنة. والملفت للانتباه ان دور المخازن كان من المفروض أن تكون معدة لتبريد وتخزين الخضر والغلال حتى تكون متوفرة في غير فصلها وعلى امتداد السنة بالإضافة الى تعديل العرض وذلك قصد السيطرة على الأسعار لكنها على العكس من ذلك تحوّلت في السنوات الأخيرة الى مصدر احتكار وسمسرة اذ يتعمّد اصحابها الى تجميع المنتوجات الفلاحية ويقومون بتزويد السوق بكميات ضئيلة للقيام بالمضاربة بهذه الكميات والتحكم في سعر البيع وهي وضعية يحصل من خلالها أصحاب هذه المخازن دون جهد على أرباح تصل الى اضعاف ما يحصده الفلاح والمنتج الذي يبذل الكثير لانتظار محصوله. وهي مسالة اثارت غضب المستهلك والفلاح وكلاهما لم يبد تحمسا لحملات الحكومة الأخيرة وحربها على المخازن اذ اعتبر العديد منهم انها حملة استعراضية ظرفية لا يمكن ان تطال كل المحتكرين الذين انتشروا كالفقاقيع في البلاد وأضافوا ان الغلاء لا يطال فقط شهر الصيام واستبعدوا مساهمة المداهمات لوحدها في إطفاء لهيب الغلاء المشتعل في جل المواد. تورط القطاع المنظم وحول هذه الظاهرة ذكر احمد صاحب محل بيع خضر بالتفصيل أن بعض أصحاب «الفريقوات» تغوّلوا في السنوات الأخيرة اذ اصبحوا يتعمّدون الترفيع في الأسعار في جل أصناف الخضر والغلال وأضاف ان كلفة احداث «الفريقو» تراجعت من نحو 30الف دينار الى 10و15الف دينار كما ان تقنيات تشييده أصبحت سريعة ولا تستغرق بضعة أيام اذ يتم تركيبه ويكون هيكله جاهزا تقريبا كما ان أرباحه مضمونة وبدون مخاطر فمثلا يتم «تخضير» ثم تخزين مادة البطاطا ليتم بيعها بأسعار مرتفعة واعتبر أن «الفريقوات» المنظمة والتي تم احداثها حتى تمكن المواطن من استهلاك المواد الاساسية عند حصول نقص ما أو عند تسجيل أزمة على مستوى مادة معينة وفق دورها التعديلي الذي أحدثت من اجله اصبحت تنتهج ممارسات احتكارية بعد ان تغوّلت وأصبحت المتحكمة في الاسعار وتورّط بعضها في ترويج المخزون التعديلي للدولة بالسوق الموازية مما زاد في شطط الأسعار في جميع المنتوجات المخزنة والفصلية. .لكن الاشكال الكبير مسجل على مستوى «الفريقوات» الموازية التي يتولى أصحابها ترويج المنتوجات الأساسية في السوق السوداء وعادة ما يشتغل أصحابها خارج إطار القانون وبالتالي فإنهم يتعمّدون التلاعب بالأسعار وأضاف محدثنا أنه خلال الفترة الأخيرة انتشرت ظاهرة غريبة تتمثل في تخزين الصابة قبل نضجها وحتى قبل أوانها. واعتبر ان هناك معايير مضبوطة ومقاييس لابدّ من احترامها أثناء عملية الخزن والتبريد مما ينجر عنه اضرار صحية الى جانب الاضرار الاقتصادية التي تطال جيب المستهلك. لطفي الرياحي رئيس منظمة ارشاد المستهلك مطلوب تحديد سقف لهامش الربح لا أحد يمكنه معرفة عدد المخازن العشوائية المنتشرة في كل الجهات خاصة قرب المناطق الفلاحية والتي تساهم في رفع الأسعار بصفة ملحوظة من ذلك نشير ان كلغ الطماطم الذي يعرض في السوق حاليا ب 1800مي وبدينارين يبيعه الفلاح ب 800مي والفلفل الذي يعرض في السوق ب 2600و3دنانير يبيعه الفلاح ب 1200مي والبطاطا التي تعرض ب 2د يبيعها المنتج 1300مي والبصل الذي يعرض ب 1200مي يبيعه الفلاح ب 350مي وهو ما يفسر ان اقل مبلغ يتم ربحه هو دينار في الكلغ مما يعني ان هذه المافيات تتصرف في المليارات على حساب المستهلك والفلاح. ويشار ان انتعاش احداث مخازن التبريد جعل كلفتها تتراجع من 30الف دينار الى 10و15الف دينار ولاحظ أن محاربة الاحتكار وعدم شفافية ترويج المنتوجات يتم عبر مراقبة المخازن والقضاء على المخازن العشوائية. وطالب رئيس المنظمة وزارة التجارة والفلاحة اعلان أسعار المنتوجات الفلاحية عند البيع من الفلاح ولدى وصولها الى السوق حتى يكون المستهلك على بينة من الأسعار كما طالب بتحديد سقف لهامش الربح الذي يتم اعتماده. بخصوص خريطة انتصاب مخازن التبريد في تونس يحتل الوطن القبلي المرتبة الأولى بنحو 100 مخزن تبريد واختصاصها تخزين القوارص والعنب، تليها بن عروس بحوالي 60 مخزن تبريد، اما منوبة فبها اهم محزن لتبريد الاجاص وتضم بنزرت وجندوبة اهم مخازن تبريد مادة البطاطا وتضم تستور مخازن تبريد الرمان وتختص ولاية القصرين بتخزين التفاح، اما الجنوب فيضم مخازن التمور ويشار الى ان كل جهة فلاحية تضم مخازن في المنتوجات التي تتميز بإنتاجها.