بلدان كثيرة قدست العمل فجنت ثمار مجهودها بصعود اقتصادها الصاروخي، ونذكر كمثال تجربة اليابانيين الذين بنوا بلادهم بعد أن تم تدميرها بقنبلة هيروشيما، فبنى أبناؤها من أنقاض الدمار البلد المعجزة. ولا ننسى كيف وقف ابناء الشعب الألماني بعد الحرب العالمية يدا واحدة وتعبوا من أجل توفير مستقبل أفضل للأجيال الجديدة، وكيف انتفضت روسيا بعد انقسام الاتحاد السوفياتي وعادت لتشكل دولة عظمى. كثيرة هي أمثال البلدان التي قامت من بين ركام الدمار ووسط الفوضى التي عصفت بها بعد الحروب والأزمات والكوارث الطبيعية. فهي بلدان تجيد استعادة أمجادها بفضل عمل وتفاني شعوبها. ولعلنا لا نبالغ إذا ما قلنا إن قيمة الشعوب في المحن، وفي قدرتها على الوقوف بعد السقوط، وفي بناء المجد والحضارة رغم ضربات الأعداء والمشككين والمصطادين في الماء العكر. فأين التونسيون من هذا ؟ علينا أن لا نبالغ في جلد الذات، واتهام التونسي «بالتكركير» واللامبالاة، فهذا التونسي المتهم نجده مشكورا في بلدان متقدمة. ولعل هذه المفارقة تكشف أن «العلة» تتعلق بكيفية التعامل مع الجدي والجاد والموهوب، دون تهميش ولا إقصاء ولا تقزيم. بلادنا اليوم في حاجة أكثر من أي وقت الى إرجاع قيمة العمل، وتعقيم البلاد من المفسدين والوشاة والمتملقين الذين ظلموا حقوق العاملين المجتهدين، ودفعوا بالكفاءات نحو هجرتين، هجرة إلى الخارج، وهجرة الاجتهاد، بعد أن أرهقهم الوشاة وقتلهم «السيستام».