«الشروق» تونس: شكّلت الاستشارة الوطنية حول قطاع النقل التي بدأت فعالياتها على الصعيد الجهوي عشية أمس الأول الجمعة بصيص أمل في نهاية عشرية عجفاء تجمّدت خلالها أساطيل الحافلات والقطارات والطائرات بما جعل خدمات هذا المرفق العمومي الحيوي تنزل إلى الحضيض. بل إنّ الشركات العمومية للنقل تختزل عمق أزمة المال التي تواجهها الدولة في خضم عجز العديد منها عن دفع مستحقات الضمان الاجتماعي وفواتير الكهرباء والماء وحتى أجور أعوانها. تشخيص الأزمة وفي خضم هذه الأزمة الخانقة تدفع وزارة النقل بالجميع إلى جدار الحقيقة عبر حوار وطني واسع يختتمه رئيس الحكومة يوم الجمعة القادم بهدف تحصيل رؤيا مشتركة حول تشخيص الأزمة الراهنة وسبل دفع سائر أنماط النقل حتى تضطلع بدورها كاملا بوصفها شريان الاقتصاد في نطاق تصورات استراتيجية تمتد على عقود. والواضح أن هذا الحوار الوطني الواسع يتناول واحدا من أكبر التحديات التي تواجهها البلاد حيث أن تخلّف النقل الجماعي وخاصة ضعف شبكة النقل الحديدي يعد من أهم أسباب التضخّم غير المسبوق لفاتورة المحروقات بكل تداعياته الثقيلة على الدولة والمواطن والمؤسسة الاقتصادية فيما يسد تقادم طائرات الخطوط التونسية الأفق أمام إرساء شراكة اقتصادية مع مختلف أنحاء العالم تمثل جسر العبور نحو انتعاشة اقتصادية حقيقية تتلاءم مع المتغيّرات المجتمعية وأساسا تضخم طوابير أصحاب الشهائد المعطلين عن العمل. استحقاق تاريخي ومن هذا المنطلق يمثل وصول القطار إلى طبرقة والقصرين ومدنين والقيروان وتغيير مشهد الحافلة وتعصير أسطول الطائرات ملفا مصيريا باعتبار أبعاده الاستراتيجية واساسا إدماج الشريط الداخلي في التنمية الاقتصادية وتنويع الشركاء الاقتصاديين لتونس إلى جانب إعادة المجتمع إلى خط التدحيث الذي فترت جذوته خلال الأعوام الأخيرة. ويبدو جليا من هذه الزاوية أن إفرازات هذا الحوار الوطني ستضع الحكومة أمام استحقاق تاريخي يقتضي قرارات حاسمة تضع حدا للأزمة المالية الراهنة لشركات النقل وتخرج قطاعات حيوية مثل الطيران من دائرة البيروقراطية التي تعطل على سبيل المثال اقتناء خمسة طائرات جديدة كفيلة باستعادة انتعاشة الناقلة الوطنية إلى جانب اتخاذ ما يلزم من قرارات تعطي الأولوية للنقل الجماعي وخاصة الحديدي وتعيد الاعتبار لقيمة العمل داخل شركات النقل.