رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    بطولة الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 14 – الدفعة 2): النتائج والترتيب    عاجل: أولى الساقطات الثلجية لهذا الموسم في هذه الدولة العربية    بشرى للشتاء المبكر: أول الأمطار والبرق في نوفمبر في هذه البلدان العربية    عاجل/ تعلّيق عمل شركة "شي إن" الصينية في فرنسا..    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    من صفاقس إلى منوبة: تفاصيل صادمة عن مواد غذائية ملوّثة تم حجزها    حجز أكثر من 14 طنا من المواد الفاسدة بعدد من ولايات الجمهورية    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    ممرض ألماني أنهى حياة 10 مرضى... ليخفف عبء العمل عليه    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس تطلق أول دليل الممارسات الطبية حول طيف التوحد للأطفال والمراهقين    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    5 أخطاء يومية لكبار السن قد تهدد صحتهم    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    قبلي: برمجة تشجير 29 هكتارا خلال هذه السنة منها هكتارين بفضاء جودة الحياة بجنعورة    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    مونديال أقل من 17 سنة: تونس تواجه بلجيكا اليوم...شوف الوقت والقناة الناقلة    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود بن رمضان (وزير النقل) في حديث شامل مع «التّونسية»:جاهزون ل«الأجواء المفتوحة».. وأحوال النّقل ستتغيّر
نشر في التونسية يوم 07 - 09 - 2015

1600 مسافر طاقة استيعاب القطار السّريع وخطّ الزهروني في خريف 2018
شركة «مترو صفاقس» حصلت على التأشيرة وأوّل خطّ في 2019
إجراءات ردعية ضدّ «الترسكية»
حريصون على إنقاذ «سيفاكس» وأزمة «الكاترينغ» بدأت تنفرج
القطار سيصل إلى كلّ المناطق الداخلية
أجرى الحديث: فؤاد العجرودي
لست أدري لماذا ترسّخ لي اعتقاد بأنّ الدولة عائدة عندما جلت في ديوان وزير النّقل محمود بن رمضان إثر حديث معه استغرق نحو ساعة وأتى على مجمل قضايا النقل الخارج لتوّه من غرفة الإنعاش بعد الجمود الذي ضرب سائر فروعه ومجمل المشاريع الكبرى على مدى أربع سنوات.
أوّل استنتاج خرجت به عقب هذا اللقاء والذي قد تكون صنعته تلك الوجوه المليئة بالحماس والحيوية في ثنايا الديوان هو أن الدماء عادت لتتدفّق في شرايين الدولة.. كما أدركت أنّ جبة الوزير لم تغيّر شيئا في محمود بن رمضان الذي عرفته منذ نحو أربع سنوات مفكّرا ومطالعا لا شيء يخرق صفاء ذهنه أو يكسر الهدوء من حوله.
محمود بن رمضان الذي تحدّث كعادته بمزيج من العقلانية والتلقائية أعلن في هذا الحديث عن زخم من الإجراءات الهادفة إلى خلق نقلة نوعية في واقع النقل تزامنا مع العودة المدرسية منها حملة نظافة شاملة في الحافلات والقطارات والمحطات وإجراءات ردعية ضدّ الاعتداءات على وسائل النقل وظاهرة «الترسكية».
كما قدّم في هذا الحديث تفاصيل ضافية عن برنامج تجديد أسطول الحافلات المهترأ مجدّدا التأكيد على أن القسط الأكبر من برنامج تجديد الأسطول سيمنح للصناعة الوطنية.
في ذات الإطار أكد وزير النقل أن أكبر العراقيل أمام مشروع شبكة القطار السريع لإقليم تونس تم تجاوزه مرجحا أن يدخل خط الزهروني حيز الاستغلال في خريف 2018 ومشيرا إلى أنّ هذه الشبكة ستعتمد على قطارات متطوّرة وسريعة تبلغ طاقة استيعاب كلّ منها 2600 مسافر وتؤمن رحلات بمعدل واحدة كلّ 4 دقائق.
كما أعلن محمود بن رمضان أنه تمّ مؤخرا تحصيل الترخيص اللازم لإنشاء الشركة التي ستتولى إنجاز وتسيير شبكة المترو لمدينة صفاقس متوقعا أن يدخل الخط الأول طور الاستغلال عام 2019.
وزير النقل أكّد من جهة أخرى أنّه بالتوازي مع الحلول العاجلة لمختلف فروع النقل فإنّ الوزارة ماضية في تجسيم تصور استراتيجي لقطاع النقل يقوم بالأساس على إعادة الاعتبار للنقل الحديدي وتجاوز المنظومة التي بنيت في عهد الاستعمار إلى بناء منظومة حديدية وطنية تؤمن ربط كلّ المناطق الداخلية بالمدن الساحلية وشبكة الموانئ والمطارات.
كما أعلن عن عودة وشيكة للحوار مع الاتحاد الأوروبي حول ملف «الأجواء المفتوحة» مشدّدا على أنّ الخطوط التونسية جاهزة للمنافسة بفضل برامج الهيكلة التي خضعت لها.
الحديث الذي أتى أيضا على وضعية شركة «سيفاكس» والتطوّرات الحاصلة في ملف ميناء المياه العميقة.. بدأ من الاستعدادات للعودة المدرسية:
بدأ العدّ التنازلي يتسارع باتجاه العودة المدرسية... ماذا أعدت وزارة النقل لهذا الموعد؟
- منذ تولّي هذه الوزارة ومن خلال عمليات التشخيص الأولى بدا واضحا أنّ تحسين ظروف نقل المسافرين خاصة على متن الحافلات كان مسألة ملحّة وعاجلة لجهة التدهور الذي طال الأسطول والذي جعل المواطن الذي لا يقطن في محطّة نهائية لا يجد وسيلة نقل وبالتالي كان من الواضح أنّ تحسين ظروف النقل يمرّ وجوبا عبر تجديد أسطول الحافلات الذي تراجع من 4100 حافلة عام 2010 إلى 2900 حافلة فحسب حاليّا بعد أن خرج ثلثه من الخدمة...
كما أنّ الحافلات التي ظلّت مستغلة لا يقلّ معدّل أعمارها عن 9 سنوات والبعض منها يفتقر حتى إلى المقوّمات الأساسية للسلامة.. هذا كلّه حصل نتيجة شبه توقّف عمليات التجديد الدوري للأسطول حيث أن إجمالي اقتناءات الشركات على مدى السنوات الأربعة الأخيرة لم يتجاوز 176 حافلة من أصل 1600 حافلة كانت اعتماداتها متوفّرة.
من هنا كان من الضروري البحث عن حلول عاجلة.. وعقب تشخيص دقيق للأوضاع والحلول المتاحة تمّ إقرار حل عاجل يتمثل في اقتناء 300 حافلة مستعملة من مؤسّسة فرنسية عمومية تعتبر المزوّد الرئيسي لأسطول نقل المسافرين في فرنسا.. وتم اختيار هذا الحل لأنّ آجال التسليم سريعة حيث أن الدفعة الأولى شحنت بالفعل باتحجاه تونس وسيبدأ استعمالها مع العودة المدرسية.. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا القرار اتخذ بناء على تجربة سابقة للشركة الجهوية لنقل المسافرين بصفاقس وإثر دراسته من قبل الحكومة وكذلك لجهة الكلفة المعقولة للحافلات المستعملة التي لا تتجاوز 22 ألف دينار مقابل 350 ألف دينار للحافلة الجديدة.
وفي نفس الإطار يجري إعداد طلب عروض دولي لاقتناء 300 حافلة مستعملة أخرى أي أن إجمالي الحافلات المستعملة التي ستدعم الأسطول سيكون في حدود 600 حافلة.
هذا القرار اتخذ بالتوازي مع برنامج لتجديد الأسطول بالاعتماد على الصناعة الوطنية؟
- قبل ذلك ينبغي التذكير بأنّ من بين الحلول التي عالجنا بها وضعية أسطول الحافلات هو أنّنا طلبنا من الشركات أن تقوم بمجهود استثنائي في صيانة وتجديد الحافلات المتقادمة بالاعتماد على مخزون قطع الغيار المتوفّر لديها وهو ما مكن من تجديد نحو 250 حافلة.
أما بخصوص الحافلات الجديدة فكانت في الواقع الخيار الأساسي حيث تقرّر اقتناء 1200 حافلة من المصانع المحلية لكن الأجندات المعتادة للتصنيع فرضت سد جزء من الحاجيات عن طريق الحافلات المستعملة التي تتميّز كما ذكرت منذ حين بسرعة آجال التسليم وفي المقابل قمنا بدراسة كلّ الفرضيات بالنسبة إلى الحافلات الجديدة وتبيّن في هذا الإطار أنّ إطلاق طلب عروض عادي قد يرسي على مصنع واحد وحينها ستضطر شركات النقل ومن ورائها حرفاءها إلى الانتظار مدة ثلاث سنوات لتسلم الحافلات..
ومن هنا اخترنا أن تتمّ هذه الصفقة عبر صيغة الشراءات المجمّعة حتى نضمن مشاركة المصانع الوطنية الثلاثة أي تشغيل كل طاقة الإنتاج الوطنية التي تتراوح بين 800 وألف حافلة في السنة حتى تتمكن الشركات من تسلم كلّ الحافلات المبرمجة في ظرف عام ونصف العام هي الفترة التي تفصل بين قرار الاقتناء وتسلم الحافلات.
لكن قبل ذلك عقدنا سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي المصانع الوطنية الثلاثة حتى تكون على أعلى قدر من الجاهزية عند إطلاق الصفقة كما رفعنا هذا الملف إلى مجلس وزاري حتى نؤمن تسريع الإجراءات.. وتبعا لذلك فإن طلب العروض سيصدر في ظرف أيّام قليلة من الآن.
في إطار الاستعدادات للعودة المدرسية أطلقتم أيضا حملة نظافة تشمل محطات ووسائل النقل فما هي أبرز مضامينها؟
- الاستعدادات للعودة المدرسية مسّت في الواقع مختلف الجوانب وأردناها بداية صفحة جديدة في واقع قطاع النقل وعلاقته بالمواطن.. في هذا الإطار عقدنا اجتماعات مع وزارتي التربية والتعليم العالي للنظر في إمكانية تمطيط أوقات دخول التلاميذ والطلبة صباحا علي مدى ساعة على الأقل لتفادي الاكتظاظ في وسائل النقل كما عقدنا اجتماعات مماثلة مع وزارة الداخلية والبلديات لإضفاء مزيد من المرونة على مثال المرور لمدينة تونس ستفضي مبدئيا إلى إجراءات جديدة تعطي الأولوية لوسائل النقل الجماعي في الشوارع المكتظة وأساسا «جون جوراس» و«الحريّة»... كما تطرّقت ذات الاجتماعات إلى تحرير محطّتي الحبيب ثامر وعلي البلهوان من الانتصاب الفوضوي والوقوف العشوائي للسيارات.
أمّا بخصوص شركات النقل فقد أعطينا الأولوية للموارد البشرية عبر عودة الانضباط والاهتمام بالهندام واحترام المسافر والقانون وتفادي كلّ أشكال التسيّب من منطلق الحرص على أن يكون أعوان شركات النقل ضمن الصفوف الأولى في إعادة بناء تونس.
في ذات الإطار تمّ إطلاق حملة نظافة شاملة تهدف إلى خلق نقلة نوعية في وضع وسائل النقل أي الحافلات والقطارات وعربات المترو وكذلك مختلف فضاءات المحطات التي ستشهد بالخصوص اهتماما خاصا بالمركّبات الصحيّة إلى جانب تجهيزها بالحاويات والاهتمام بالجانب الجمالي.
كما سنسعى في ذات الإطار إلى إطلاق حملة تحسيسية واسعة بالتعاون مع مكوّنات المجتمع المدني لمكافحة الهرسلة وكلّ مظاهر التحرّش في وسائل النقل والمحطّات.
هناك ظاهرة أخرى تنخر موازنات شركات النقل وهي ما يعرف ب«الترسكية» التي استفحلت في غمرة الانفلات الذي وسم الأوضاع العامة في السنوات الأخيرة وتكاد تكون القاعدة في بعض الخطوط... ما هي خطة الوزارة وشركات النقل لمحاربة هذه الظاهرة؟
- مكافحة هذه الظاهرة هي جزء من الحملة التي تحدّثت عنها منذ حين حيث سيتمّ اتخاذ إجراءات ردعيّة في وسائل النقل ضدّ ظاهرة «الترسكية» وكلّ أشكال الاعتداء على وسائل النقل... وسنقوم في هذا الإطار بانتداب أعوان مختصّين في الأمن والسلامة.
ونحن نتطلّع إلى مساهمة فاعلة لوسائل الإعلام والمجتمع المدني لإنجاح مختلف البرامج التي ذكرتها منذ حين لجهة أن انضباط الأعوان والمجهودات المبذولة لتأمين نظافة وسائل النقل والمحطّات ستكون نتائجها محدودة ما لم يقابلها سلوك واع ومسؤول من قبل المواطن.
نأتي الآن إلى السؤال المحوري ويتعلّق بالمفارقة التي يطرحها قطاع النقل الذي يعدّ شريان الاقتصاد ومحْرارا لتقدّم البلدان.. لكنّه في تونس يشكو من تداخل كبير وضعف حجر الزاوية فيه وهو النّقل الحديدي.. هل نملك اليوم تصوّرا شاملا لإصلاح هذا القطاع؟
- بعد سلسلة من الجلسات وإعادة روح الفريق إلى إطارات الوزارة توصّلنا إلى تشخيص شامل لواقع مختلف فروع قطاع النقل التي شهدت جميعها تراجعا كبيرا فعلى سبيل المثال نزل أسطول النقل البحري منذ سنة 1992 من 29 باخرة إلى 8 فحسب وتراجع أسطول الطائرات من 58 طائرة عام 2001 إلى 45 حاليا.. كل القطارات هي اليوم في حالة مترديّة والوضع تدهور أكثر في السنوات الأخيرة.. قطار صفاقس مثلا الذي كان مكيّفا ويصل إلى صفاقس في غضون 3 ساعات أصبح بلا تكييف وفي أقصى الحالات يتوفر التكييف عند انطلاق الرحلة ثم يتوقف في الطريق.. كما أن الرحلة إلى ذات المدينة أصبحت تستغرق 5 ساعات.. الأبواب لا تغلق نتيجة اعتداءات الحرفاء.. مستودعات الصيانة فقدت الكثير من التقنيين الذين تراجع عددهم في أحدها من 30 إلى مختصّ وحيد.
من هذا المنطلق بدأنا في صياغة سياسة جديدة للنقل محورها القطار وتهدف إلى الارتقاء بنسبة نمو هذا القطاع من ٪3 حاليا إلى ٪12 على مدى السنوات القادمة.. وعلى هذا الأساس فإنّ أوّل رهان سنعمل على تجسيمه هو إخراج المشاريع الكبرى من دائرة الجمود الذي أصابها في السنوات الأخيرة.
وبالنسبة إلى القطار سنسعى إلى الخروج من المنظومة الحديدية التي بنيت في عهد الاستعمار والعديد من أجزاءها أهمل إلى منظومة حديدية وطنية تجعل القطار وسيلة النقل المحورية وذلك عبر ربط كل المناطق الداخلية بشبكة المطارات والموانئ والأقطاب الكبري على الشريط الساحلي.
شبكة القطار السريع في إقليم تونس تعطْلت أكثر من اللزوم على مدى السنوات الأخيرة.. هل توصلتم إلى حلول عملية لتسريع الإنجاز؟
- أكبر عائق كان العقار الموجود في قلب مدينة باردو والمتاخم لسكة المترو.. هذا العائق تجاوزناه مؤخرا بهدم البناء المذكور.. مع العلم وأنّ التعطيل الذي طال هذا المشروع انجرت عنه صعوبات عديدة منها أنّ القروض التي تمّ الحصول عليها حلت آجال تسديدها.. مع ذلك بدأت الأشغال تتسارع بشكل تدريجي ونتوقع أن يكون قطار الزهروني الذي سيستفيد بخدماته نحو 700 ألف ساكن جاهزا مع العودة المدرسية لسنة 2018.
مع الإشارة إلى أنّ شبكة القطار السريع ستؤمن خدمات متطورة لفائدة قرابة مليونين و600 ألف من سكان إقليم تونس وستكون لها تداعيات إيجابية على واقع النقل والمرور في هذا القطب.. حيث ستعتمد على قطارات متطوّرة تبلغ طاقة استيعاب كلّ منها 2600 مسافر كما تتميّز بتواتر سريع للرحلات يبلغ رحلة كلّ 4 دقائق إلى جانب سرعة الرحلات التي لا تتجاوز على سبيل المثال 7 دقائق بين باردو وساحة برشلونة و17 دقيقة من برشلونة إلى منوبة.
مدينة صفاقس لاتزال بدورها تنتظر أن تتضح الرؤيا بخصوص شبكة المترو المزمع إحداثها.. ما الجديد في هذا الإطار؟
- حصلنا مؤخرا على الترخيص الذي يسمح بإحداث شركة مماثلة لشركة القطار السريع بإقليم تونس وسنشرع قريبا في إنجاز الدراسات ومختلف الأعمال التحضيرية وعلى هذا الأساس نتوقع أن يكون الخط الأوّل جاهزا سنة 2019.
ميناء المياه العميقة من جهته ظل حبيس الرفوف.. هل توصلتم إلى زحزحة هذا الملف؟
- أولا ينبغي التذكير بالأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع الذي سيكون مرتبطا بالمنطقة اللوجيستية بالنفيضة التي تمتد على مساحة قوامها 2000 هكتار وينتظر أن تستوعب استثمارات كبيرة ستوفر نحو 20 ألف موطن شغل.. وذلك في إطار توجه شامل يقضي بربط جميع المناطق الصناعية والفضاءات اللوجيستية بشبكة الموانئ والمطارات.
هذا الملف عرض مؤخرا على مجلس الوزراء الذي كلف وزارة النقل بتنفيذه ومن هذا المنطلق سيشرع الديوان الوطني للبحرية التجارية والموانئ قريبا في إنجاز جملة من الأعمال التحضيرية أهمها اختيار بنك الأعمال الذي سيعمل بالخصوص على إيجاد شريك استراتيجي تسند له مهمة إنجاز واستغلال المشروع عبر صيغة اللزمة «à concession».
لننتقل الآن إلى واقع النقل الجوي وسأبدأ في هذا الإطار بآخر المستجدات وأعني ملف النّاقلة الوطنية «سيفاكس» التي توقفت فجأة عن النشاط قبل أن تعلن عزمها استئنافه في أكتوبر القادم؟
- ملف «سيفاكس» عرض على الحكومة مؤخرا وتم تدارسه من جانبين أولهما الجانب الهيكلي حيث تمّ بحث الحلول الملائمة لوضع الشركة وتقرّر في هذا الإطار معالجته في إطار قانون 1995 المتعلق بالمؤسّسات التي تمّ بصعوبات اقتصادية.. أما الجانب الثاني فهو ظرفي ويتعلق بحقوق الحرفاء الذين قاموا بالحجز وخلاص تذاكر السفر.. ومن هذا المنطلق طلبنا من المسؤول عن الشركة أن يوفّر وسيلة نقل للحرفاء أو يعيد لهم أموالهم.. وأود التأكيد في هذا الإطار على أنّ الوزارة حريصة وفي حدود مسؤوليتها على إنقاذ هذه المؤسّسة التي تشغل نحو 200 عون من منطلق أنها ناقلة وطنية كما أنّ اعتزام الشركة استئناف نشاطها قريبا هو بلا شك معطى إيجابي.
في ذات الإطار يطرح وضع الخطوط التونسية التي يرى العديد من المتابعين أن تنافسيتها رغم عديد الإصلاحات الهيكلية هي دون مثيلاتها الأجنبية.. وهو ما يمثل أوّل عائق أمام اعتماد نظام الأجواء المفتوحة «OPEN SKY» في تونس والذي بإمكانه أن يصنع تدفّقا أكبر للرحلات الجوية نحو تونس؟
- أولا يجب التأكيد على أنّ شركة الخطوط التونسية تمتلك اليوم تنافسية عالية بفضل مجمل الإجراءات التي كانت اتخذتها الحكومة لمساعدتها على تجسيم برنامج إعادة الهيكلة.. وعلى عكس تلك القراءات فإن تونس طلبت مؤخرا من الجانب الأوروبي استئناف الحوار حول نظام الأجواء المفتوحة بعد أن كان توقّف لنحو عامين.. ونحن نسعى إلى استئناف الحوار حول هذا الملف في أقرب وقت كما أنّنا واثقون من كون الخطوط التونسية جاهزة للمنافسة.
لكن الخطوط التونسية فقدت حيزا هاما من صورتها لدى الحرفاء نتيجة ما يُعرف بأزمة «الكاترينغ»؟
- ينبغي التذكير أوّلا أنّ العلاقة بين الخطوط التونسية وشركة التموين كانت من أهمّ أسباب تأخّر الرحلات.. قبل أن يقوم المستثمر الأجنبي الذي يتصرّف في هذه الشركة بإيقاف خدمات التموين دون سابق إشعار..
ومن هنا اضطرت الشركة إلى اللجوء للقضاء حتى تحمي مصالحها أوّلا ثم لتتفادى إجراءات خارج تونس قد تتسبّب في إيقاف رحلاتها.
في ذات الإطار قامت الشركة بحل مشكل التموين جزئيا عبر صيغة المناولة ونأمل أن تتمكن قريبا من استعادة جودة خدمات التموين التي عرفت بها. في الأثناء نأمل أن يتمكن المستثمر الأجنبي من توضيح مستقبل شركة التموين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.