كلمة لا بد منها تجدد « الشروق» العهد مع القراء الاوفياء – كما جرت العادة في شهر رمضان من كل عام- مع أحد رواد الأغنية التونسية الخالد في الذاكرة، والتوقف عند سيرته الإبداعية ... وقد اخترنا في رمضان هذا العام وعلى امتداد العديد من الحلقات، العودة الى مسيرة احدى ايقونات الاغنية في تونس والوطن العربي الفنانة الخالدة فتحية خيري، التي افرد لها الأستاذ فاخر الرويسي كتابا خاصا لها بعنوان «فتحية خيري.. فن وشجن» عاد فيه الى محطات متفردة في مسيرة هذه الفنانة ... محطات ثرية بالإبداع الموسيقي الراقي والذي تزخر به المدونة الغنائية التونسية. فتحية خيري المولد والنشأة هي من مواليد مدينة الدهماني، في الشمال الغربي للبلاد التونسية سنة 1916 في عائلة ضعيفة الحال، فالأب كان عاملا يوميا، ثم ان الام التحقت بالرفيق الأعلى وفتحية واسمها الأصلي خيرة لها من العمر سنتين ...فكان ان احتضنتها وكفلتها جدتها – من الأم-بعد ان اختارت الانتقال والاستقرار بالعاصمة. تربت خيرة تحت رعاية الجدة، وفي السادسة من العمر التحقت بالمدرسة، الغير بعيدة عن بطحاء الحلفاوين الزاخرة بالإبداع الثقافي والفني والفكري المتنوع خاصة في شهر رمضان.. ثم انها معقل المناضلين ضد الاحتلال الفرنسي.. شغفت الطفلة خيرة بهذا الزخم الفني، وشدتها أصوات منيرة المهدية وصالح عبد الحي وسلامة حجازي وام كلثوم ومحمد عبد الوهاب، المنبعثة ومن آلات التسجيل في المقاهي والدكاكين المنتشرة على كامل بطحاء الحلفاوين بدرجة أولى. كانت خيرة تختار مكانا قريبا من أحد المقاهي او الدكاكين للاستمتاع بالانغام والالحان التي تنبعث من هذا الدكان او ذاك المقهى، فتحلق خيرة بخيالها في الأفق الرحب منتشية بما تستمع اليه، تطوف بها الاحلام وتكتب لها في خيالها صورا انيقة كلها حب ونشوة وغبطة وتوق الى الأفضل.. لم يقف طموح خيرة عند هذا الحد، اختارت ترديد هذه الأغاني بعد حفظها، كانت تنزوي في منزل جدتها، تغني ما حفظته من اغاني ام كلثوم ومنيرة المهدية على وجه الخصوص ... أغنيات الحب والطموح والامل والحياة. ومع الأيام وصل صوتها الشجي وهي تردد هذه الاغاني الخالدة الى مسامع الجيران ...وهنا تبدأ حكاية أخرى . يتبع