يواصل الشيخ محمد مختار السلامي تفسيره لسورة البقرة فيتناول المعنى العام للسورة بدءا من «الٓم» وتقرأ هكذا - ألف - لام - ميم - لفتت هذه الطريقة المبتكرة في القرآن أنظار المتأملين في القرآن العظيم ، إذ لا يوجد في شعر العرب ولا في نثرهم موضوع مفتتح بحروف لا تتكون منها كلمة ، والقرآن نزل بلغة العرب وعلى طريقتهم في التخاطب .وقد تكرٌر ذلك في فواتح تسع وعشرين سورة ، ثلاث منها نزلت في المدينة (البقرة وآل عمران والرعد ) وباقيها نزلت بمكة . تجد في كتب التفسير محاولات تلتمس وجها لذلك .ومعظمها ذاتي غير موضوعي .وأقربها أن ذلك لإبراز أن القرآن مركب من هذه الحروف التي يجد كل فرد منكم أنٌه ممكّن منها ، ومع ذلك فلن يستطيع البشر مجتمعين ولا مفترقين أن يأتوا بمثله، ولا بسورة تبلغ مستوى أقصر سورة منه .ولعل من ذهب الى هذا قد أستأنس لذلك بأن السور التي أفتتحت بهذه الحروف قد ورد ربط تلك الحروف المفتتح بها بالقرآن وتنزيله .لكن هذا حكم أغلبي فأربع من السور المفتتحة بالحروف المقطعة لم يذكر لفظ الكتٌاب ولا القرآن ولا التنزيل ولا الوحي بعدها ( مريم - العنكبوت - الروم وظاهر سورة القلم ) والطريقة الأسلم والأرجح أن نوقن بأن لهذه الحروف مزايا في افتتاح السور التي بدئت بها ، وأن علمها عند اللَّه ، وأنه لا يتعلٌق بها حكم ولا تشريع ولا بيان عقيدة .وكما أن حاسة البصر لا تستطيع أن تدرك كثيرا من المحسوسات مع أنٌها موجودة تقابل عدسة عينه ولا يراها وتلمس جلده ولا يحس بها فكذلك العقل البشري رغم واسع آفاقه ، وعظيم قدراته ، يضعف عن إدراك جميع الأسرار.